"إيلاف"من موسكو: صرح نائب وزير الخارجية الروسي يوري فيدوتوف بأن موسكو قامت باتخاذ إجراءات جوابية على إعلان الإدارة الأمريكية استبعاد عدد من الدول، من بينها روسيا، من المشاركة في إعادة إعمار العراق. وتحديدا الدول التي عارضت العمليات العسكرية قبل الحرب في العراق، والدول التي لم تشارك بقواتها العسكرية بعد الانتهاء من المرحلة العسكرية الأولى. وشدد فيدوتوف على أن "هذا القرار الذي اتخذته الولايات المتحدة يمتلك آثارا سياسية سلبية، ويضع رغبة الولايات المتحدة في العمل والتعاون مع المجتمع الدولي من أجل التسوية في العراق موضع تساؤل".
أضاف بأن هذا القرار "يعتبر في السياق السياسي إشارة جديدة تؤكد بأن الولايات المتحدة تعقد النية على حل جميع القضايا الخاصة بالعراق من طرف واحد، ومن دون أية مشاطرة مع رأي المجتمع الدولي، وهو ما لن يؤدي إلى أي نتائج طيبة، إذ لا تزال الأوضاع في العراق غير مستقرة، ومثل هذا القرار لن يؤدي إلى استقرارها".
وكرر فيدوتوف موقف موسكو بقوله: "إننا اتخذنا خطوات جوابية بإعلان موقفنا لواشنطن بصدد هذا القرار، وسوف نواصل الإعلان عن موقفنا هذا، ومن ضمن ذلك خلال اجتماع مجلس الأمن الدولي في 16 ديسمبر الجاري بشأن العراق". وفي تعليق ساخر قال فيدوتوف إن "الأمر الأساسي في هذا القرار هو إنه إشارة سياسية تعلن للجميع: لقد دبرنا أمورنا بدونكم، وسوف نقوم بكل شئ بأنفسنا، هذا طبعا مثلما قاموا بالفعل بعمل كل شئ بأنفسهم، وها نحن نرى"!
وتأتي تصريحات نائب وزير الخارجية الروسي يوري فيدوتوف بتلك الحدة والسخرية بعد أن رفضت موسكو في البداية تصديق التصريحات الأولية التي أطلقها بعض موظفي الإدارة الأمريكية كبالون اختبار لمعرفة ردود أفعال سواء روسيا أو الدول الأخرى مثل فرنسا وألمانيا وكندا.
وكان فيدوتوف قد اعتبر في تصريح سابق أن "قرار استبعاد الشركات الروسية والفرنسية والألمانية من المشاركة في تعمير العراق قرارا سياسيا صرفا. وقال فيدوتوف "من وجهة النظر الشكلية، من الصعب النزاع مع الولايات المتحدة بشأن تصرفها في الأموال التي ترصدها من ميزانيتها الخاصة لإعادة إعمار العراق. ولكن في الوقت نفسه، فهذا القرار يمتلك طابعا سياسيا ضمنيا، الأمر الذي لا يخدم تلاحم المجتمع الدولي لرد الاعتبار إلى العراق الذي دمرته الحرب، وإنما العكس هو الصحيح". وأضاف فيدوتوف بأن "هناك محاولات جديدة بالرهان على القرارات الفردية من جانب واحد ، والتي لم تؤد حتى الآن إلى أي خير. إن الموقف في العراق لا يزال خطيرا وغير مستقر، ولا توجد أية مؤشرات لتحسين حياة الشعب العراقي". وحذر مسؤول الخارجية الروسية من إنه "إذا كانت هناك نية لدى أعضاء التحالف بالتصرف بصورة منفردة، ففي هذه الحالة عليهم ألا يعولوا على تفهم ومساندة الدول الأخرى".
وجاء رد وزير الدفاع الروسي سيرجي إيفانوف على محور آخر. إذ أكد على أن روسيا لا تنوي إلغاء الديون العراقية التي تبلغ حوالي 8 مليارات دولار. وقال "إن ديون العراق لروسيا تصل إلى 8 مليارات دولار، ولا تعتزم الحكومة الروسية إلغاء هذه الديون". وأضاف بأنه سوف يتصل بنظيره الأمريكي دونالد رمسفيلد لاستجلاء هذا الأمر.
وكانت تصريحات وزير الخارجية إيجور إيفانوف الذي تواجد أثناء ذلك في زيارة لألمانيا هي الأكثر مرونة حيث صرح بأن روسيا وألمانيا لم تتسلما أي إخطار رسمي بشأن وضع أي قيود على التعاون مع العراق. وقال الوزير "لقد نقلت وكالات الأنباء تصريحا لأحد موظفي الإدارة الأمريكية وعلينا أن نتحقق من صحته عن طريق القنوات الرسمية". ولكنه عاد بعد ذلك ليعلن عن معارضته القاطعة لاستثناء أية دولة من المساهمة في عمليات إعادة بناء العراق. وقال بأنه "لا يرى أن بعض التصريحات التي أطلقها عدد من السياسيين ونشرتها وسائل الإعلام تمثل الموقف الرسمي للولايات المتحدة، وإننا نعتمد في هذا الأمر على التصريحات التي أطلقها الرئيس الأمريكي أكثر من مرة بشأن الطابع المؤقت لبقاء القوات الأمريكية في العراق وحول أن الشعب العراقي سيقوم بنفسه بالتصرف بثروات بلاده".
وجرى مؤخرا اتصال هاتفي بين الرئيسين الأمريكي جورج بوش والروسي فلاديمير بوتين قال عنه المتحدث باسم الكرملين ألكسي جرموف أن الرئيس بوش هنأ بوتين بانتهاء الانتخابات التشريعية. غير أن مصادر قريبة من الكرملين ذكرت بأن الحوار الأساسي بين بوش وبوتين دار حول إعادة بناء العراق والتصريحات التي صدرت مؤخرا من الطرفين. وذكرت أيضا أن بوش ألمح إلى بوتين بإمكانية إلغاء روسيا لديون العراق والتي تبلغ 8 مليارات دولار كشرط لوضع روسيا في قائمة الدول التي ستشارك في التعمير. وسخرت بعض وسائل الإعلام الروسية في إشارة إلى أن هناك إمكانية لمشاركة دول مثل أنجولا وكوستاريكا ومملكة تونجو للمشاركة في تعمير العراق، بينما لا تستطيع دول أخرى مثل روسيا وألمانيا وفرنسا.&