"إيلاف"من موسكو : فيما ينشغل الراي العام في روسيا ، بنتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت في السابع من ديسمبر, واحتمال تداعياتها على التطورات المقبلة في البلد ، فان الصفوة السياسية على ما يبدو مهتمة اكثر باختيار من سيخلف الرئيس فلاديمير بوتين في عام 2008.
و قالت صحيفة نيزافيسمايا غازيتا الصادرة في موسكو ، هناك بالطبع سيناريوهات تدعو إلى التمديد للرئيس بوتين. ولكن ذلك يتطلب تعديل الدستور. واقترح رئيس مجلس الفيدرالية ، (يعادل مجلس الشيوخ في دول غربية )، في البرلمان الروسي سيرغي ميرونوف ان يتم تمديد ولاية الرئيس الروسي لتصل إلى 5 أو 7 أعوام. وأظهر استطلاع حديث للرأي العام ان الغالبية العظمى من الروس يوافقون على ان تبلغ مدة ولاية الرئيس الروسي خمس سنوات.والمشكلة ان البرلمان لن يتمكن - غالب الظن - من إقرار التغييرات المطلوبة في الدستور إذا قدم اقتراح كهذا قبل بداية الحملة التي تسبق الانتخابات الرئاسية.
ومن المفروض ان تنطلق هذه الحملة في 20 يناير المقبل على وجه التقريب في حين سيبدأ مجلس النواب الجديد عمله بعد يوم العاشر من يناير فقط. أما تعديل الدستور في ما يخص انتخاب رئيس الدولة بعد ان تنطلق الحملة الانتخابية فهذا أمر مستحيل قانونيا. وبالتالي لا بد من انتخاب الرئيس الروسي طبقا للدستور والقانون الانتخابي المعمول به الذي يحدد مدة ولايته بأربعة أعوام. وثمة قناعات قوية بانه سيعاد انتخاب الرئيس فلاديمير بوتين في عام 2004 ليظل في موقعه حتى عام 2008.
وتجدر الاشارة الى ان فعاليات اخرى بما في ذلك الرئيس السوفياتي السابق ميخائيل غورباتشوف ، طرحت فكرة اخرى ترى ان تتاح الفرصة لبوتين بعد انتهاء ولايته الثانية الترشيح لولاية ثالثة . والسؤال ينصب على امكانية تعديل الدستور المعمول به حاليا ، خلال الفترة من 2004 إلى 2008 ليستفيد من ذلك من يتولى مسؤولية الرئاسة؟ أجاب الخبراء الذين نقلت "نيزافيسيمايا غازيتا" هذا السؤال إليهم بالسلب. ونبه البروفيسور فيكتور شينيس إلى ان ذلك يتطلب ان تكون الموافقة بأغلبية ثلثي أعضاء البرلمان الاتحادي وثلثي أعضاء المجالس التشريعية المحلية. ولكي يوافق ثلثا أعضاء المجالس التشريعية المحلية على ذلك ينبغي ان تتوسط الإدارة الروسية لدى حكام الأقاليم. وهل يمكن ان تقدم الإدارة الروسية على خطوة كهذه مع العلم ان الرئيس بوتين كان قد أكد أنه لا يريد التمديد له.وعليه فإن بقاء فلاديمير بوتين في موقع الرئيس الروسي بعد عام 2008 احتمال شبه مستحيل. ولهذا تظن باحثة روسية هي ليليا شيفتسوفا ان النخبة الحاكمة تبدأ التحضير لتسليم السلطة إلى الشخص المناسب. ويتفق محلل سياسي هو دميتري فورمان مع هذا الرأي مشيرا إلى ان المهمة التي تواجه فلاديمير بوتين تتعلق باختيار الشخص المناسب.
وفي رأي الخبراء والمحللين إن كثيرين من أصحاب المال والنفوذ في روسيا أصبحوا في موقع المعارضة للرئيس بوتين، ولهذا يجب إيجاد الشخص الذي سيخلف الرئيس بوتين ويوفر الحصانة المطلوبة له بعد ان يترك منصبه مثلما حدث لـ"بوريس يلتسين".ومن حكم المؤكد ان بوتين لا يقدر على تكليف أي من المقربين من بوريس يلتسين أو السياسيين الذين لهم علاقة بأصحاب المال والنفوذ الذين اصطلح على تسميتهم بـ"الأوليغارشيين" بمهمة كهذه ولا يجد أمامه إلا إسناد هذه المهمة لأحد رجال الأمن الذين يشكلون سندا له.
ولا يستبعد ان يكون فلاديمير بوتين قد اختار من سيدخل مكتبه بقصر الكرملين عندما يتركه في عام 2008 ويعرف اسمه. ذلك لأن الرئيس بوتين يحرص، عادة، على ان يخطط مسبقا لخطوات سوف يقوم بها في المستقبل. فعلى سبيل المثال قال فلاديمير بوتين قبل ان يتسلم سدة الرئاسة الروسية إنه يريد ان يتولى "دميتري ميدفيديف" رئاسة ديوان الرئاسة الروسية في المستقبل. وحدث ذلك بعد أربعة أعوام.
إلا ان هذا لا يعني ان الصراع حول خلافة الرئيس الروسي الحالي كان قد انتهى. فما من شك ان الانتخابات البرلمانية الحالية مثلت فرصة هامة لزعيمي "حزب السلطة" (حزب "روسيا الموحدة") "بوريس غريزلوف" و"سيرغي شويغو". وذهبت توقعات ان سيرغي إيفانوف، وزير الدفاع، يعتبر أحد خلفاء الرئيس بوتين المحتملين. وفي رأي مراقبين اخرين ان "إيغور سيتشين" نائب رئيس ديوان الرئاسية الروسية، هو صاحب الفرصة الأقوى بين خلفاء الرئيس بوتين المحتملين.