منى كريم
&

(1)
تعيش الكويت لحظات مهمة بالنسبة لمثقفيها ومبدعيها الذين يعيشون متنفسهم الوحيد من خلال معرض الكتاب، هذا المعرض الذي لا يمر عليه عام دون أن يتعرض لاضطهاد ما سواء من خلال الرقابة الدينية أو السياسية أو الاجتماعية. وكما هي عادات الرقابات العربية يبدأ المواطنين والمقيمين في الكويت يومهم الأول بدهشتهم من الأفعال التي يقوم بها مقص الرقيب والذي تجد بصمته على كل كتاب. الكثيرون كانوا متفائلين بوزير الاعلام الجديد كونه وزير مثقف ويعلم جيداً مستوى التحضر ومعنى الديمقراطية بحكم اقامته السابقة في الولايات المتحدة الامريكية، لكن كما يبدو هذا التفاؤل أخذ طريقه الى الانتحار.
أول و أكبر فاجعة الهجوم الذي شُن من خلال أحد أعضاء مجلس الأمة على كتاب الرسالة المحمدية لصاحبه الشاعر العراقي الراحل معروف الرصافي وقد طالب أخونا - النائب أن يتم منع الكتاب وكاتبه الرصافي من دخول الكويت لا اعلم أن كان الرصافي سيخرج من قبره ويلبي دعوة وزارة الاعلام الكويتية له !!!- و للاسف لم يصل الأمر الى هذا الحد فقط بل تم منع دخول دار الجمل بجميع منشوراتها من دخول الكويت يا إلهي كم مُبشر هذا العام؟!-.
لن أسرد لكم قائمة الكتب التي تم منعها فهذا يعني اننا سنصل لقائمة لا تنتهي، كم من المضحك ان تجد كتاب يمنع بينما تكون قد اشتريته العام الماضي، أتساءل أين كانوا عنه العام الماضي؟!.. لقد وصلت أياديهم إلى كل مكان بداية من الكوميديا الالهية لدانتي مرورا بنيكوس كازنتزاكي حتى اصدارات حديثة كديوان شعر " الخسائر الناجمة عن المشي " للشاعر المصري عباس منصور.. وغيرها من كتب رائعة نتعجب لمنعها. وحين سألنا ناشر الديوان وهو مركز الحضارة العربية مصر، أجاب: إن هذا الديوان هو من ضمن قائمة يبلغ عددها 22 عنوان.
أما دار ورد السورية فمُنع لها 30 عنوان.. ناهيك عن الكتب التي تقوم بمنعها الرقابة سيراً وراء حكمة الرقابات العربية كالرقابة الاردنية التي قامت اخيراً بفضيحة حرق الكتب والرقابة المصرية المبجلة و و و و...
ويبدو أن القادم أدهى من هذا، اجل هناك العديد من الكتب التي سنكتشف منعها، وهناك الصدمة أيضا حينما نتابع أنشطة المعرض و نفرح بضيوفها "الرائعيـن".
لربما بدأ الكل يعتاد على هذه المشاهدات، فضيحة تلو الاخرى، فلا ننسى كيف منعت الازهر الناشرين الايرانيين من ادخال آلاف الكتب واعمال الراحل محمد شكري والروائية نوال السعداوي والكاتبة فاطمة المرنيسي والآن أحمد الشهاوي. كما لا ننسى تذمر المثقفين من معرض الكتاب في بيروت ومعرض الكتاب في البحرين.. والقرار الكويتي الذي صرح بأن المعرض لن يسمح ببيع الكتب فيه بل يكون للعرض فقط وقد تم الغاء القرار في اللحظات الاخيرة قبل المعرض مما حرم الكثير من الناشرين من المشاركة فيه، أضف إلى ذلك التضييق الذي حدث لدار الآداب اللبنانية بسبب عدد مجلة "الآداب" عن الرقابة المصرية، والذي كما يظهر لنا أن الحكومات العربية و أخيراً توحدت لكن للأسف في مسألة منعهم لهذا العدد، والكثير من كتبها مما أدى إلى عدم مشاركة دار الآداب في المعرض العام الماضي.
ماذا أقول أكثر؟! هذا هي الصورة "الناصعة " التي لا مفر منها تلاحقنا في كل مكان، لا اعلم بصراحة أين من الممكن أن نهرب منها ؟!.. هي تلك خسائر اليوم الأول الناجمة عن المشي في معرض الكتاب وكما يقال: "أول القصيدة كفر".
&