زهير كاظم عبود
&
&
&
السيد نقيب المحامين الأردنيين الأستاذ حسين مجلي ومن منطلق سياسي وتحت تأثير فكرة عدم جواز محاكمة الحكام والسلطات العربية مهما كانت أفعالها لتمتعها بالحصانة المقدسة وكونها مصونة وغير مسؤولة المسيطرة على الذهنية العربية أطلق عدة بالونات في الهواء الطلق .
فقد صرح قبل أيام عدة تصريحات تدخل في صميم القضية التحقيقية التي ينتظرها الشعب العراقي وهي قضية التحقيقات مع الرئيس البائد صدام، ومن ثم محاكمته المحاكمة القضائية&( العراقية ) العادلة، فقد أدلى بعدة تصريحات، أولها أن عملية القبض ومحاكمة الرئيس البائد صدام غير قانونية وغير عادلة، كما أشار الى أن الرئيس البائد لم يزل رئيساً شرعيا ومنتخباً من قبل الشعب العراقي بأستفتاء عام .
ثانيهما أنه على أستعداد للدفاع عن صدام حسين عند بدء محاكمته، وأنه بصدد تشكيل لجنة عربية للدفاع عن الطاغية العراقي .
والسيد نقيب المحامين يفترض به أن يكون حقوقياً، وبالأضافة الى كونه محامياً ومن بين الشخصيات المتميزة بين زملائه في الأردن حتى يكون نقيباً لهذه الشريحة المتميزة والمثابرة .
وفي تصريحاته الأخيرة نجد أن الجانب السياسي يطغي على الجانب المهني والقانوني،
فمسألة أحالة متهم مهما كانت تهمته أو الجريمة المسندة اليه وأجراء التحقيق معه أمام القضاء العراقي، هي مهمة قضائية عراقية ينبغي أحترامها قانونياً ومهنياً، فالمتهم بريء حتى تثبت أدانته، ولايمكن لأي جهة كانت أن تتدخل في الشأن القضائي العراقي، والزميل نفيب المحامين يعرف أمكانية وقيمة وثقل القضاء العراقي العريق والمتمكن والخبير والمتميز في هذا الشأن حيث تشهد السوابق القضائية ومايزخر به ساحة القضاء من قرارات ومواقف، وعليه فأن تصريحاته التي تسبق أجراء التحقيق من قبل السلطات التحقيقية أو توفر الأدلة والأسانيد التي تكفل احالة المتهم من عدمها، تعتبر من باب استباق القرار القضائي وتطاول على ما سيقرره القضاء العراقي في التحقيق مع المتهم، ودعوة ظالمة تتهم القرار القضائي قبل صدوره .
وانني اعتقد أن العديد من الزملاء المنتسبين الى نقابة المحامين الأردنيين وبغض النظر عن التزاماتهم السياسية سيجدون أن تدخل السيد النقيب في القرار القضائي العراقي قبل أستكمال الأجراءات التحقيقية، وقبل صدور قرار فاصل من قاضي التحقيق بأحالة المتهم من عدمه، أو موازنة الأدلة المتوفرة في كونها تكفي للأحالة من عدمها، مثلما لايحق للمحامي العراقي أن يتدخل في الشأن القضائي الاردني وعدم أستباق القرار ووصفه بأوصاف لاتمت للفهم القانوني والمعرفة القضائية بصلة لأن هذا يعتبر من قبيل الخرق المهني والتجاوز على القضاء الأردني الذي لايسمح لأي كان أن يتدخل في شأنه .
أما أستعداده للدفاع عن المتهم صدام حسين بصرف النظر عن كونه قائداً له أو رئيساً لدولة عربية بائدة أو قائداً للنصر فهو أمر منوط بالسيد النقيب ويشكل أمنية من الأماني الشخصية غير العامة، بيد أن السيد النقيب في الوقت الذي يعرف أن القانون الأردني يمنع على المحامي العراقي أن يقوم بالعمل في المحاماة والتوكل والترافع في الدعاوى المقامة أمام المحاكم الأردنية، فأن النقيب يستكثر هذا الشرط المنصوص عليه في قانون المحاماة العراقي النافذ على زملاءه من المحامين في العراق، حيث أن النقيب الأردني على علم بعدم قبول توكله عن متهم أمام المحاكم العراقية قانوناُ، ولكنه من باب الشهرة السياسية والأتجار بعواطف العديد ممن لاتهمهم النصوص القانونية من الناس الطيبين، وتسجيل موقف سياسي على حساب النقابة .
أضف الى ذلك فأن قانون أصول المحاكمات العراقي النافذ يوجب على محكمة الموضوع أن تقوم بأنتداب أحد المحامين للدفاع عن المتهم الذي لايتوكل عنه أحد المحامين أو ممن لاأمكانية أو قدرة له لتوكيل محامي، وتقوم المحكمة المختصة بتقدير أتعاب للمحامي وتدفع له خزينة الجمهورية العراقية الأتعاب المقررة قانوناً .
أن على المحامي أن يلتزم بما تمليه عليه أخلاق المهنة فالمحامي هو جزء لايتجزأ من القضاء، وهو القضاء الواقف، ويجدر بهذا القضاء أن يكون عوناً وسنداً للقضاء من أجل أن يصدر القرار العادل في القضية التحقيقية المعروضة، ولايقبل من المحامي أن يكون حجر عثرة أو معوقاً لصدور القرار أو طاعناً فيه، كما لايمكن قبول الطعن بالقرار القضائي قبل صدوره، وبأمكان صاحب العلاقة أو ممن يقوم مقامه قانوناًُ أن يطعن بالقرار الصادر امام الجهات التي حددها قانون اصول المحاكمات الجزائية أو المرافعات المدنية .
ومن الجدير بالذكر أن حالات كثيرة في قضايا لافتة للنظر حدثت في عدة أقطار عربية لم يسبق لممثل نقابة محامين في أي قطر آخر أن تدخل أو طعن أو أثار مشكلة ما مثل التي تثار في قضية محاكمة المتهم صدام حسين .
فقد أجرت المحاكم الأردنية محاكمات لعراقيين حضورياً أو غيابياً بالطرق الأصولية لم تتدخل فيها نقابة المحامين الأردنيين ولاطعن فيها محام عراقي واحد في القضاء الأردني أو نقابة المحامين الأردنيين
وكلي ثقة بأن مايصرح به السيد النقيب الأردني يمثل التوجه السياسي له شخصياً وسيطرة الفكر على المهنة، وحيث أن السيد النقيب لايمثل موقفه ونفسه فبأمكانه على الأقل أن يسترشد بأراء زملاءه في الهيئة العامة في النقابة وهم تيارات سياسية متعددة، ولسوف لن يجد أنه يحق له أن يتحدث بأسمهم لسبب بسيط، انه لن يتمكن من مخالفة القانون الخاص بالمحامين في العراق، وهو ليس أجدر من نقابة المحامين في العراق والتي أشتهرت على مر العصور والأزمنة بتصديها للدفاع عن السياسيين والمعارضين رغم الظروف الصعبة التي تعيشها الا اذا كان يفترض عدم تمكن المنحامين في العراق من أداء دورهم القانوني ومن عدم تمكن القضاء العراقي أن يصدر قرار قضائي يحقق العدالة وفي هذا الأمر فجيعة كبيرة حين يكون نقيب المحامين ولايثق بالمحامين .
أما عن الشرعية والأنتخاب فأنني أتوجه بالنصيحة الأخوية للزميل المذكور بأن لاينكأ جراحات العراقيين و بأن لاتنطلي عليه لعبة الأنتخابات السمجة التي كنا نجريها على شكل تمثيلية في العراق تحت أشراف أجهزة الأمن والمخابرات والحزب، وأن الشرعية يحددها شعب العراق وليس غيره مهما كان قريباً أو بعيداً من الحاكم أو السلطان، وتحضرني النكتة التي نتداولها في العراق من أن مواطن عراقي تجرأ وكتب كلمة ( لا ) في ورقة الأستفتاء وأودعها الصندوق، وبعد أن أسر صديق له أخبره الصديق أن السلطات ستتعرف لاحقاً على الورقة وصاحبها وسيتم أعدامه بسبب تافة، ولهذا فقد عاد المواطن الى المركز الأنتخابي ليخبر المسؤول عن الصندوق بأن خطأ ما وأرتباك حصل في ورقته وكتب كلمة ( لا لصدام ) بدلاً من ( نعم ) وأنه يريد أبدالها وتصحيحها فأخبره المسؤول لاعليك فقد قمنا بالتصحيح بدلاً عنك .