نواف عثامنة
&

&
يبدو أنه لا توجد حدود لتعميم الجهل والمغالطات في الانترنت. ويكفي ان يكتب شاب في نهاية مقاله "كاتب فلسطيني من حيفا" لكي ينشر مقاله ويُعمم حتى لو لم تكن هنالك علاقة بين جملة وأخرى، وحتى لو كان الكاتب يعاني بشكل مزمن من عوارض عدم فهم المقروء.
هنالك من لا يعلم ويعرف أنه لا يعلم ويتواضع، ولكن هنالك من لا يعلم ويعمم جهله بالوسائل التكنولوجة الحديثة.
والسيد رجا زعاترة لم يفهم مقال د. عزمي بشارة بإختصار. وهو إضافة لعدم فهمه مغرض انه يناقش المقال فقط لأنه د. عزمي بشارة. ولا بد ان من ناقش د. عزمي بشارة هو شخص مهم. هكذا يعتقد على ما يبدو رجا زعاترة.
في الماضي عمم جهله بالإدعاء ان د. عزمي بشارة يقول ان "القومية جماعة متخلية"، مدعياً انه (أي د. بشارة) يدعي بأن القومية محض الخيال. طبعاً كان د. عزمي بشارة في حينه يقتبس بندكت اندرسون في كتابه حول تشكل القوميات بإعتبارها تاريخية وليس معطاً طبيعياً. الآن يدعي رجا زعاترة ان د. عزمي بشارة يؤيد اللبرالية الديموقراطية الرأسمالية في مواجهة الاشتراكية. ولكن د. عزمي بشارة بنى صرحاً ثقافياً وفكرياً يقوم على امكانية المصالحة بين العدالة الاجتماعية في الاشتراكية وبين اللبرالية في حقوق المواطن والديموقراطية كنظام حكم، وهو ينطلق من امكانية تجديد القومية العربية في هذا الاطار.
كما ان د. بشارة لا يرى في كل كتبه ومقالاته ان الستالينية نظام اشتراكي، بل يعتبرها رأسمالية دولة من أسوأ نوع ودكتاتوريتها شمولية. نعم وبالتالي أسوأ من دكتاتوريات أخرى.
رجا زعاترة يهاجم مهاجمة د. عزمي بشارة بالشيوعيين العراقيين في بغداد ويدافع عن ستالين والمنظومة الاشتراكية، وهنا في هذا البلد ينتمي الى الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة وعامودها الفقري الحزب الشيوعي الاسرائيلي الذي لا يعترف بوجود قومية عربية ولا أمة عربية، ويهاجم التيار القومي الذي يقوده د.عزمي بشارة والتجمع الوطني الديموقراطي في الداخل كأنه قومجي. هكذا تتم الوشاية في التجمع الوطني الديموقراطي في الوسط اليهودي كأنه قومجي النزعة ومتطرف قومياً. وآخر مأثرهم دعوة شارون للناصرة ورامز جرايسي وشوقي خطيب اللذان قاما بدعوته ينتميا الى حزب رجا زعاترة.
يدافع السيد رجا زعاترة عن موقف الحزب الشيوعي العراقي الفرح للقبض على صدام حسين، ولكن الحزب الشيوعي في العراق هو الحزب الذي عينه بريمر في مجلس الحكم وهو الذي انتقل من الاتحاد السوفييتي الى امريكا.
ومآثر التيار الذي ينتمي اليه رجا زعاترة من الدفاع عن ستالين الى وثيقة جنيف الى دعوة شارون الى الناصرة معروفة ولا حاجة لتعدادها، فلِما يتحدث ولماذا يتمادى؟ انه من الصعب مناقشة ما لا يترابط منطقياً، فلا علاقة بين الجمل ولا علاقة بين المضامين المبعثرة وبين منطق الكاتب وغاياته، ولا ندري ما دخل سوريا فجأة، وهل يتمنى ان تضرب الولايات المتحدة سوريا أيضاً فقط لإعتباره ان هنالك علاقة صداقة تجمع من التجمع الوطني الديمقراطي وسوريا؟
هل يعرف رجا ان الحزب الشيوعي السوري يشارك في الجبهة الوطنية الحاكمة في سوريا بوزيرين؟
الكثير من الوطنيين القوميين يقولون ان كتابات د. عزمي بشارة ضد الحرب على العراق طيلة العامين الماضيين هي أفضل ما كتب حول الموضوع، وربما افضل التحليلات التي قرأتها حول الادارة الأمريكية وعدوانيتها في المنطقة. خذ مثلاً مقالة د. عزمي بشارة "قراءة في ورقة: بداية جديدة، استراتيجية جديدة لضمان أمن الدولة" (نشرت في مجلة وجهات نظر تحت عنوان: "أمن اسرائيل استراتيجية أمريكية"، العدد الثالث والخمسون، يونيو& 2003). انصح رجا زعاترة في قراءتها وان كنت اشك ان كان سيفهمها بسبب التجربة وقلة الموضوعية وليس بسبب الآراء المسبقة لا سمح الله.
نعم علينا ان نؤيد الديمقراطية ضد الدكتاتورياتن، ولكننا لا نعتقد ان الولايات المتحدة تحمل بشرى الديمقراطية، بل تحمل نزعتها الامبراطورية للهيمنة (راجع مقالات د. عزمي بشارة في هذا السياق) ولكن الحزب الشيوعي العراقي، رفاق رجا زعاترة، يؤمنون ان الولايات المتحدة تحمل رسالة الديمقراطية.
على كل حال، لم نعرف اطلاقاً من المقال الذي عُمم أي شيء عن موقف الشخص الذي كتبه. ولا شيء في المقالة من مقومات المقالة، لكن عرفنا ان هنالك شخص يحاول يائساً وبأساليب غير أمينة ان يشوه مواقف د. عزمي بشارة التي لا ينقصها المصادر والمراجع لمن يريد ان يقرأها ويتعرف عليها.

كاتب ومترجم فلسطيني