حيان نيوف من دمشق: عدد من الموظفين الأمريكيين في البيت الأبيض أو وزارة الخارجية ألفوا كتبا كثيرة، وكل هذه الكتب كانت تدور حول فكرة رئيسة هي "انظروا كم كنتُ قويا"، وكان من أبرز مؤلفي هذه الكتب: مادلين أولبرايت، جورج ستيفانو بولص وغيرهم. ولكن هذه المرة صدر كتاب جديد فكرته هي "انظروا كم كنت ضعيفا" وهو كتاب يتحدث عن التصادم بين السياسة وحقوق الإنسان في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، والكتاب من تأليف جون شاتوك. اسم الكتاب هو "الحرية على النار" Freedom on Fire ويقع في 390 صفحة وصدر عن منشورات جامعة هارفارد ويباع ب 30 دولار تقريبا. وبالطبع جون شاتوك هو داعية حقوق الإنسان المعروف حيث شغل عدة مناصب في منظمات دولية أبرزها أنه كان نائب رئيس منظمة العفو الدولية وكان أيضا نائب رئيس جامعة هارفارد وانضم إلى الخارجية الأمريكية من 1993 إلى 1998 حيث كان مساعدا لرئيس قسم حقوق الإنسان والديمقراطية.
وعندما جاء الى وزارة الخارجية توقع أنه سيفعل الكثير لصالح قضايا حقوق الإنسان حول العالم بسبب أن الرئيس كلينتون كان قد شن حملة كبيرة على بوش الأب لسياساته المعادية لحقوق الإنسان ودعمه أنظمة قمعية حول العالم. ولكن حصلت خيبة أمل كبيرة للسيد جون شاتوك بعد فترة وجيزة. ويذكر الكاتب أبرز الأحداث التي كانت في عهد كلينتون والتي سماها " حروب حقوق الإنسان " وقد كانت في الدول التالية: راوندا، هايتي، الصين وفي البوسنا. وقال بأن الولايات المتحدة ساعدت في هايتي على الاستقرار ولكنها بعد فترة وجيزة عادة الى دعم الحكومات الفاسدة والقمع.&
وعندما سافر جون شاتوك إلى البوسنا ليحقق في جرائم التطهير العرقي ethnic cleansing بحق المسلمين، كان أول شخص يكتب تقريرا عن مذبحة صربرينتشا ولكنه يتحدث عن تعامل إدارة كلينتون بفتور شديد مع المجرمين والذين ارتكبوا المذابح هناك خاصة بعد التوقيع على اتفاقية دايتون للسلام 1995. وبالنسبة لانتهاكات حقوق الإنسان في الصين فقد كان الرئيس كلينتون يتحدث عنها ولكنه يتراجع عن كلامه بسرعة نتيجة تأثير الجماعات المالية التي تريد علاقات طيبة مع الصين.
يقول المؤلف أنه فكر أكثر من مرة بأن يستقيل لكنه كان يتراجع عن تفكيره هذا رغبة منه بأنه لو بقي سيقدم شيئا لصالح حقوق الإنسان في معركتها مع السياسة. وأخيرا تم إيفاده سفيرا في براغ.
يقول في نهاية كتابه أن يوجد أربعة معايير لتعيين تدخل أمريكا في قضايا حقوق الإنسان، وهي: اقتراف جرائم ضد الإنسانية، صراع يسبب غياب الاستقرار في منطقة ما، أو صراع على نطاق واسع، والتدخل بوسائله الدنيا والذي يمكن أن ينجز أهداف هذا التدخل.
يقول مؤلف الكتاب بأن احتلال العراق يعتبر خارج معايير التدخل التي ذكرها من أجل حماية حقوق الإنسان، لأنه تدخل من جانب واحد ويفتقد دعم الأمم المتحدة. لكن المؤلف يتحدث عن أن احتلال العراق يعد شرعيا أكثر من تدخل كلينتون في كوسوفو ( وهذا التدخل أيضا لم تدعمه الأمم المتحدة ) وشاركت فيه قوى أكثر مما شاركت قوى في احتلال هايتي.
وقد تم توجيه انتقادات كثيرة لمؤلف هذا الكتاب وخاصة أن تجاهل إسقاط نظام صدام وجلبه للعدالة وتساءل كثيرون عن الطريقة التي يمكن أن يكون بها الشخص مدافعا عن حقوق الإنسان ويرفض جلب صدام للعدالة؟ وآخرون اتهموه بأن آراءه ستختلف جذريا عندما تكون هناك عمليات عسكرية بقيادة رئيس جمهوري.
التعليقات