"إيلاف" من لندن: في الوقت الذي اختتم فيه المؤتمر الدستوري في البحرين اجتماعات اليومين من دون رغبة أو غطاء من الحكومة الشرعية، فإن تفاعلات القضية امتدت إلى بلدان خليجية في الجوار من مثل دولة الكويت التي قررت اعتبار شخصيتين رئيستين من منظمي ذلك المؤتمر "غير مرغوب بهما" وحظرت دخولهما الأراضي الكويتية.
وفي التفاصيل، فإن صحيفة (الوطن) الكويتية قالت اليوم أنها علمت بأن الأجهزة الأمنية الكويتية قد قررت اعتبار شخصين بحرينيين غير مرغوب في دخولهما البلاد. ونقلت عن مصدر أمني قوله أن رسول الجشي وعبد الرحمن النعيمي ممنوعان الآن من دخول البلاد.
يذكر ان الجشي والنعيمي يرأسان جمعيتين سياسيتين بحرينيتين من ضمن الجمعيات الأربع التي قاطعت الانتخابات. وهي ذات الجمعيات التي دعت إلى مؤتمر تحت شعار "البحرين والعقد الدستوري" وهو عقد في نادي العروبة أمس واليوم الذي سبقه نظرا لمنع السلطات البحرينية عقده في فندق ماريوت.
كما منعت السلطات البحرينية شخصيات عربية وعالمية من دخول الأراضي البحرينية كونها ترى أن مشاركة هؤلاء في مؤتمر من هذا النوع "تدخلا في الشؤون البحرينية الداخلية" .

وكانت حكومة مملكة البحرين صعدت موقفها حول عقد المؤتمر الدستوري الذي بدأ أعماله أول من أمس السبت 14 فبراير 2004، تحت شعار " نحو دستور عقدي بمملكة دستورية "، وهي منعت مشاركة عدد من الشخصيات العربية والأوروبية، معتبرة أن مشاركة هؤلاء يعني تدخلا في شؤون البحرين الداخلية من الخارج "وهو أمر مرفوض".
يذكر أنه استمراراً للتصعيد أرسل وزيـر العمـل مجيد العلوي يوم الخميس الماضي رسالة تحذير للجمعيات السياسية في التحالف الرباعي المعارض وهي (الوفاق الوطني الإسلامي، العمل الوطني الديمقراطي، التجمع القومي الديمقراطي والعمل الإسلامي) قال فيها : "بالإشارة إلى مؤتمر فبراير الذي تعتزمون تنظيمه، نشير إلى أنه لم يتم الحصول على تصريح رسمي لعقده، وأنه ليس هناك مانع لعقد مثل هذه المؤتمرات إذا تم أخذ الموافقة والترخيص من قبل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية وذلك وفق الإجراءات القانونية المتبعة".
وفي رسالة الوزير العلوي إشارة واضحة لعرقلة عقد هذا المؤتمر الذي كان ، حسب منظميه، يهدف إلى التصدي للأزمة الدستورية "التي ترتبت على إصدار دستور 2002، بالرغم من وجود دستور 1973، الذي ظل ساري المفعول رغم التصويت الشعبي على الميثاق الوطني قبل عامين، وذلك دون أن تقر النصوص التي تم تعديها أو إضافتها من قبل السلطة التي يخولها الدستور النافذ إجراء التعديلات عليه وإصدارها، حيث شكل ذلك التعديل خرقاً لطريقة التعديل المتعاقد عليها في دستور 1973 مما افقد التعديلات أو الإضافات مشروعيتها ووصم دستور 2002 بعيب عدم الإقرار وقبول الشعب له".
وفي مقابل ذلك وفي إطار الشد والجذب بين الحكومة والمنظمين قال عضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر والناطق الرسمي المحامي عيسى إبراهيم في معرض تعليقة على رسالة الوزير العلوي "ليس هناك من قانون ينظم هذه المسألة، فوزير العمل بعث برسالة إلينا قال فيها أننا لم نتبع القوانين، وبالتالي فعقد المؤتمر غير قانوني، لكنه لم يذكر القانون الذي يزعم أننا قمنا بمخالفته، فلا يوجد قانون يلزمنا بأخذ تصريح للمؤتمر".
وأضاف إبراهيم "بدءاً من المؤتمر القومي الذي أنعقد سابقاً في البحرين وندوة أفاق التحول الديمقراطي التي نظمها نادي العروبة لم يسبق أن طلبت الجمعيات رخصة على هذه الندوة أو هذا المؤتمر، وحتى مرسوم 73 بشأن الجمعيات يوجب فقط على من ينظم الاجتماع إخبار مركز الشرطة وقد قمنا بذلك فعلاً، إذ قمنا بالاتصال بمركز شرطة المنامة وأخبرناهم ورحبوا بذلك وسألونا إن كنا نريد حماية للمؤتمر أو تنظيم المرور فشكرناهم على ذلك".
وعلى هذه الخلفية فإن المنظمين للمؤتمر الدستوري أصروا على انعقاده، وكانت رئيسة اللجنة التحضيرية للمؤتمر المحامية جليلة السيد أكدت على أنه تم الاتفاق النهائي في اللجنة على جدول أعمال المؤتمر "إذ أنه سيعقد في موعده ومكانه وسيبدأ التسجيل لمندوبي المؤتمر ابتداءً من الساعة الثامنة من صباح السبت وفي تمام الساعة التاسعة ستبدأ جلسة الافتتاح ضمن الجدول المقرر بمحاوره".
وقالت السيد أن الجلسة الإجرائية ستبدأ في العاشرة والنصف لانتخاب رئيس المؤتمر وهيئة المكتب التي تظم نائب الرئيس وثلاثة مقررين تلي ذلك مناقشة وإقرار اللائحة الداخلية للمؤتمر.
وفي إطار متصل لممارسات الضغط من جانب السلطات البحرينية الحكومية لعرقلة أعمال المؤتمر، طلبت من فندق الدبلومات المقرر عقد المؤتمر فيه يوم الجمعة الماضي في اللحظات الأخيرة الحصول على تصريح وفقاً لما طلبته منه وزارة الإعلام، رافضةً في الوقت نفسه إعطاء الموافقة إلا بتصريح رسمي لعقده.
وقالت المنظمة العربية لحريـة الصحافة، إن وزارة الإعلام هددت الفندق (الدبلومات) في حالة عقد المؤتمر باتخاذ "إجراءات" ضده.
ولكن من بعد التجاذبات انعقد المؤتمر الدستوري الذي انتهت أعماله يوم أمس الأحد، لكن آثار انعقاده تبدو أنها لن تنتهي بانتهائه، إذ أصدر المؤتمرون عدة قرارات، وقدموا "رؤية مقترحة لتعديلات دستورية مقترحة غير ملزمة لأي من الأطراف".
واعتبر المؤتمرون "هذه الرؤية أساسا لأي حوار مع الحكم بشأن المسألة الدستورية"، كما تم الاتفاق على تشكيل لجنة تناط بها متابعة الملف الدستوري وتضع برنامجا للعمل لمتابعة تنفيذ قرارات المؤتمر، وتحريك الملف الدستوري من خلال القنوات القانونية والسياسية السلمية محليا وإقليميا ودوليا.
كما قرروا إصدار عريضة شعبية وفقا لما صدر عن المؤتمر من قرارات، وأكدوا التمسك بالتعهدات الرسمية التي قدمها الحكم قبيل التصويت على الميثاق والتي تعتبر أساسا لعملية التصويت على الميثاق، وأكدوا الالتزام بالحوار كأداة لكل توافق سياسي، ودعوا الحكم إلى إجراء حوار بينه وبين أطراف المعارضة.
وكان انعقاد المؤتمر الدستوري بدعوة من الجمعيات السياسية الأربع التي تمثل أطيافا سياسية وإسلامية لم تشارك في الانتخابات التشريعية التي اقرها الدستور الجديد بتعديلاته، تزامن مع الاحتفال بالذكرى الثالثة للميثاق الوطني الذي أقره الشعب البحريني باستفتاء عريض في العام 2002 .
ووجه عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة كلمة أمام جموع من المهنئين بذكرى المناسبة قال فيها الآتي وكأنه يرد في ذلك على الجماعات التي دعت لعقد المؤتمر الدستوري " كلي أمل في أن أمورنا في هذا الوطن يجب أن نعالجها بروح الأسرة الواحدة وان نحقق المزيد دائما من المكاسب الوطنية".
وأضاف الملك حمد الذي تولى العرش العام 1999 من بعد وفاة والده الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة محقق استقلال دولة البحرين "نعتز ونفتخر بما يتحلى به المواطن البحريني من قيم معربا جلالته عن تشرفه وفخره بقيادة هذا الشعب لما يتحلى به من قيم وأخلاق حميدة وتمسكه بالدين".
وأشار الملك من جانب آخر، إلى أن "الحاضر والمستقبل مبنيان على الماضي العريق ولابد لنا من البناء على هذا الأساس وبالفعل فإننا قد بدأنا هذه المسيرة وان سنة الحياة هي التطوير وعدم الوقوف عند مرحلة معينة".
وختم ملك البحرين القول "إن أبناء البحرين ان شاء الله سوف يكملون هذه الرسالة من اجل البناء والتقدم والازدهار، والمسؤولية في هذا المجال تقع على عاتق الجميع من اجل تحقيق الأهداف المنشودة، وعلينا مواكبة متطلبات العصر من خلال تطوير النظم الإدارية والبرامج التعليمية مع تأكيد المبادئ الأساسية والمتمثلة في الروح الوطنية وفي الأخلاق الحميدة وفي الدين".
وكان المؤتمر الدستوري أنهى جلساته مساء أمس لأحد بعد جلسات استمرت يومين متتاليين، وأصدر مجموعة من التوصيات في جلسته الختامية..
وقد تناولت الجلسة الأولى ورقة الشيخ محمد علي محفوظ بعنوان (الإصلاح السياسي في البحرين.. إلى أين؟) أوضح فيها أنه على الرغم من الاختلافات السياسية والفكرية على الساحة البحرينية على الصعيدين الرسمي والشعبي فإن هناك اتفاقاً عاماً على ضرورة الإصلاح وخاصة بعد ظروف تعطيل الدستور، وقانون أمن الدولة والتي أفرزت احتقانات لم تخرج البلاد منها إلا بعد تولي الملك حمد بن عيسى آل خليفة الحكم وقيامه بمبادرة إطلاق الإصلاحات السياسية، وإلغاء قانون أمن الدولة، وإطلاق سراح السجناء السياسيين، واستبشر شعب البحرين كل الخير بهذه الخطوات التي هدفت إلى بناء وطن يوفر الأمن والأمان للمواطن، وتطلعوا إلى المشاركة السياسية الحقيقية للمستقبل الموعود.
ودعا المتحدثون الحكومة إلى إعطاء المواطن المزيد من الصلاحيات والمزيد من الأدوار للمشاركة في صياغة القرار السياسي. وترأس جلسة أمس المهندس عبد الرحمن النعيمي رئيس جمعية العمل الوطني الديمقراطي، وكان المتحدث الثاني علي ربيعه ــ نائب برلماني سابق ــ وقد تحدث حول (السلطة التشريعية من منظور تجربة عام 1974 و1975) وأشار إلى أن الديمقراطية الحقيقية مهما تعددت أشكالها فإنما تبنى على أساس (مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية) وأن تكون السلطة التشريعية في مرتبة أعلى على اعتبار أنها تعبر عن إرادة الشعب مصدر السلطات.
وكانت ورقة إبراهيم شريف عضو مجلس إدارة جمعية العمل الوطني الديمقراطي بعنوان: (مجلس 2002 ــ ثلاثة أسقف) قد طرحت فيها عدة أسئلة منها: هل سقف الرقابة مرتفع؟ وهل تم وضع شخص متخصص في التشريع؟ وهل يمكن السيطرة على أدوات الرقابة؟.
ودعا أحد المشاركين وهو (جاسم مراد) إلى مطالبة الحكومة بالمشاركة في القرارات السياسية والإشراف على صرف المال العام والتمسك بسيادة القانون من خلال إصلاح القضاء والقوانين التي تحمي المواطن، بالإضافة إلى رفض الطائفية والعهدة إلى رجال الدين من الفئتين بالعمل والدعوة إلى تجاوز هذا الوضع.
وفي جلسة العمل الثالثة التي تراسها عبد الو هاب حسين تحدث كل من الدكتور عبد العزيز أبل - ناشط سياسي - و عبد الجليل العرادي - ناشط حقوقيا.
أما الجلسة الرابعة الأخيرة فقد ترأسها المحامي الدكتور حسن رضي حيث أوضح أن عدد العاملين الحاضرين قد بلغ 167 عضوا من أصل 182 عضوا عاملا يحق لهم التصويت بالإضافة إلى تواجد 43 عضوا مراقبا.