زهير كاظم عبود
&
&
&
&
لم تكن الدعوات التي تطلقها بعض العقول المريضة والمتحجرة الداعية لقتل الأيزيدية وأيذائهم دون سبب سوى سيطرة دعوات الجريمة المتأصلة في أرواح وعقول بعض المحسوبين على البشر الأسوياء شكلاً لاعقلاً، فقد كان الأيزيدية على الدوام الواجهة التي يقع عليها الضيم والظلم دون أن يفت هذا من أصرارها على التمسك بأرثها الديني وتقاليدها وطقوسها وأيمانها العميق.
&وأن قمنا شخصياً بالخوض بشكل بسيط غير متعمقين في اساس ونوع الفتاوى التي اباحت قتلهم والدعوات التي انطلقت تريد أجتثاثهم وسبيهم وتشريدهم والقضاء عليهم، وأسبابها الخفية والمعلنية، دون ان يتحرك العقلاء ورجال الدين لوقف هذه الجرائم والدعوات التي يغلفها المجرمين بأسم الدين الذي كان على الدوام دعوات أنسانية أصلاحية تريد الخير والصلاح للأنسان وتنشر المحبة والتسامح بين الناس.
&تحمل الأيزيديين أكثر من طاقتهم، وانتشرت في الجسد الأيزيدي طعنات ناجلة تلقوها دون سبب أو ذنب أقترفوه ليس لهم سوى دفاعهم المستميت والشجاع لبقائهم وثباتهم وتمسكهم بدينهم القديم والذي لم يكن سوى الدفاع عن النفس.
وبالرغم من كون الأيزيديين يوحدون الله ويقرون بوحدانيته فقد تم تغييب هذه الحقيقة عن الناس البسطاء، واوغلت جهات تضمر لهم الشر والعداوة والبغضاء في تحشيد وتاليب الناس عليهم دون سبب منطقي، ودون جريمة سوى أنهم يعتقدون بدين آخر يمتد منذ بدء الخليقة حتى اليوم، وتم تغييب حقائق كثيرة عنهم وتم أستغلال ظروفهم ولجوئهم الى الأختفاء والأنزواء والتخلف الذي عم مجتمعهم، ليتم نشر الكراهية والتخاريف والأباطيل ضدهم، حتى صار الأيزيدية في العراق سراً من الأسرار ومجتمع ممتليء بالكثير من البغضاء من قبل الآخرين بالنظر لأشاعة سياسة الكراهية والتحريض ضدهم.
وليس من باب المصادفة أن تقوم جهات تدعي علمها بالشريعة والدين أستباحة دمهم وأموالهم ونساؤهم، وليس من باب المصادفة أن يصار الى الأفتاء بقتل أطفالهم وسبيهم والقضاء عليهم، وأن تشن الحروب ويتم تجييش الناس عليهم لذنب لم يقترفه غيرهم ولاأرتكبه بشر قبلهم، وغاب عن هؤلاء أو الأصح أنه تم تغييب حقيقة كون الأيزيديين يقرون بوحدانية الله ( خدا ) خالق السماوات والأرض، ولكن لقد اسمعت لوناديت حياً ولكن لاحياة لمن تنادي.
وهكذا أستمر مسلسل القتل والترويع والتشريد، وتفنن المقاتلين في ملاحقة الفقراء من الفلاحين والمساكين من الناس والزهاد والمتصوفين والمتفرغين لدينهم وتعبدهم لله، وأستبيحت قرآهم وأموالهم وهم ينظرون الى عدالة خالقهم.
لم ينصف علماء الدين في تلك الفترة المظلمة الشعب الأ]زيدي ولانظروا اليهم نظرة أنسانية أو منصفة، ولم يتلمسوا ماقاله الأمام علي بن ابي طالب وهو الحكيم والفقيه والمتعبد الرباني المسلم حين يقول مآثرته الخالدة للمسلمين (( الناس صنفان، اما اخاً لك في الدين، أو نظير لك في الخلق )).
وبدلا من أن يتم أعتماد مثل هذه المقولات الأنسانية العريضة والحكيمة فأنه يتم تجاهلها ونسيانها، وبدلا من ترجمتها للواقع الذي يدعو له العراقي الذي تخلص من نير الظلم والقهر والعذاب والقمع والدكتاتورية والطغيان كل هذا الزمن المرير، يصار الى الدعوة للدم والموت والتحريض وبث السموم.
الدعوات التي تطلقها الجهات الممتلئة بالشرور والداعية الى قتل المواطنين الأيزيدية لاتعدو الا حلقة من حلقات الجرائم والتخريب الوطني، وليس سوى دعوة لبذر شرارة الحرب الأهلية ورفض صيغ وقيم المحبة والأنسجام والتفاهم والآخاء الوطني الديني في العراق، الدعوات التي يطلقها بعض في استباحة قتل الأيزيدية ليس سوى دعوات تخريبية ينبغي قمعها وأسكاتها في مهدها قبل أن تستفحل فقد تغير الزمن الذي كان فيه الأيزيدي لايعرف سوى الدفاع عن نفسه، وتغير الزمن الذي كان فيه الأيزيدي لايعرف سوى الصمت وتقبل الظلم والقهر، فقد حل زمان حقوق الأنسان والديمقراطية والحرية والفيدرالية.
حل زمان حرية ممارسة الشعائر الدينية والأعتقاد الديني، ومع التأكيد على أن الأسلام يؤكد على حرية الأديان وحرية الأنسان في دينىة الآخر، بل يوفر حمايته لهذه الأديان والعقائد صغرت أم كبرت.
وأذا قمنا شخصياً بالأستفسار من المراجع المسلمة عن الوضع الأيزيدي ونظرة الأسلام لهم، فقد توجب على العلماء المسلمين أن يفتوا بشكل واضح وصريح بعدم جواز قتلهم والدعوة الى قتالهم وأيذاءهم والنيل منهم وبطلان الدعوات الداعية لأستباحة أموالهم ونسائهم.
يترتب على المراجع الأسلامية أن تمنع الدعوات الشريرة الداعية لسفك دمائهم وتجريمها وتكفيرها بقتل الأنسان الذي حرم الله قتله الا بالحق، وأذ تتكالب القوى الشريرة تحاول أن تبث سمومها وتنشر الخوف والأرهاب بينهم، فأن هذه القوى ترسم الخراب للعراق، وتنوي أشاعة الدعوة للقتل والحرب الأهلية التي ستأكل الأخضر واليابس في العراق، وهي دعوات مبطنة شعارها الظاهر الأسلام وباطنها الموت والكراهية والدماء والعداء للأسلام الحقيقي.
لم يجنح لأيذاء الأيزيديين سوى المرضى الخطرين أجتماعياً والذين أمتلأت قلوبهم بالغل والحقد، فشعب مثل الأيزيدية طيب ويعتمد البساطة في العيش وتعم فيه الفقراء ويكثر فيه عباد الله والمتمسكين بخرقة التصوف من الفقراء من الذين ينفقون اعمارهم في عبادة الله وخدمته لايمكن أن يفكر بأيذاءهم سوى الممسوس والمخبول.
وشعب مثل الأيزيدية ينتج ويعطي ويساهم في خدمة الناتج القومي لايمكن لعاقل أن يفكر بأيقاف هذه المساهمة في دعم الأٌقتصاد الوطني.
وشعب مثل الأيزيدية عانى الأمرين من الظلم الفادح دينيا بسبب انتماؤه للديانة الأيزيدية العريقة والموغلة في القدم، وقومياً بسبب انتماؤه للشعب الكردي، يستحق منا جميعاً نظرة تقدير وأحترام، وشعب مثل الأيزيدية لايدعو للتطاحن الديني والتسابق الفكري، وشعب مثل الأيزيدية يحصر الزواج بين ابناؤه لابل يحصره ضمن طبقات دينية ضيقة،، وأن نغلف علاقتنا به بالمحبة والأحترام، وأن نبدأ صفحتنا معه في زمن العراق الجديد بيضاء خالية من الأضطهاد والخوف والقتل والظلم، وأن تحل محلها المحبة والثقة والحرية والأطمئنان.
&لم تزل بعض العقول من تريد الشر بالأيزيدية كراهية بأنسان العراق، وشراً للعراق، وماتسميم مياه قرية ( خانك ) في محافظة دهوك الا دليلاً ملموساً على مدى الأستهانة بحياة الأنسان، وأقتراف جريمة القتل بواسطة السم أو الشروع فيه لأكبر عدد ممكن من الناس الطيبين والبسطاء والذين لاحول لهم ولاقوة.
&لم تكن الديانة الأيزيدية دعوة سياسية لتغليب أحد على غيره، ولم تكن الديانة الأيزيدية دعوة لنشر القتل والموت والأرهاب عند بقية المذاهب والأديان، ولم تكن الديانة الأيزيدية سوى دعوة للمحبة والتسامح، لإاين صارت المنهجية والعقل في التعامل بين الأديان؟ وأين صارت دعوات المحبة والخير والصلاح والمجادلة بالتي هي أحسن وخيار الأنسان في التعبد والأيمان بالله، أين انتهت صرخات القوال الأيزيدي وهو يعلو بصوته ليقول (( أًصحاب القهم من ملوك الزمان... كلنا أخوة في الواحد الرحمن ))، بل أين انتهت اخوة الأنسان؟
&الدعوات الباطلة المغلفة بالشر التي تحرض ضد الأيزيدية أنما تعبر عن أغراضها الدنيئة في قتل الأبرياء وخداع السذج والمسلوبي الأرادة من الناس لتختلط عليها الحقائق، الدعوات المبطنة الداعية الى تحقيق العدالة بقتل الأيزيدية والتحريض على أيذاءهم ليس لها تفسير سوى خراب العراق والأنسان في العراق ومزيداً من الموت والدم والثأرات وعدم الأستقرار، بل ربما نتسائل ولم هذه الدعوات في هذه الفترة بالذات، بعد أن تخطى الزمن لعبة الفتاوى وخفايا الكتابات التي كانت تدعو لقتل الأيزيدية، والتي استهجنها الناس وأستنكرها العقلاء وأبطلها أصحاب الديانات الحقيقية، لم تكون هذه الدعوات في هذا الزمن بالذات؟ خلال هذه الفترة العصيبة من حياة شعبنا العربي حين يطالب الأيزيديين بتحقيق جزء صغير من حقوقهم الدينية وحقهم في ممارسة شعائرهم وطقوسهم بحرية لاتقيدهم قرارات وتعليمات السلطات القمعية، حين تتحقق هذه الحقوق تبرز أنياب الكارهين لأستقرار العراق، وتنشب اظفارهم في اعناق العراقيين وخصوصاً الشريحة الممتلئة طيباً ووداعة وفقراً الأيزيديين من أهل العراق.
&ليس من أهل الخير من يريد الشر بهذه الشريحة التي اثبتت بالملموس محبتها للناس ووداعتها وتفانيها في خدمة العراق، وأخلاصها لدينها وتمسكها بطقوسها وعدم ا]ذاء أحد من الناس والأديان التي تحترمها.
ليس من جبهة الخير من يريد السوء بالأيزيدية الذين لم يزلوا يتلمسون مغفرة الله عن العاصين و قبوله التوبة عن التائبين وأن يتقبل دعاء جميع البشر دون استثناء.
وأذا كانت الفتاوى تصدر بناء على رغبة السلطان والحاكم، فقد رحل السلاطين والحكام الظلمة، وصار علينا أن نتفاهم ونتحاور ونتبادل الأفكار والآراء لنرسم أسس جديدة للحياة في العراق.
حياة يعيش فيها العراقي العربي الى جانب الكردي والتركماني الى جانب الآشوري وكلهم الى جانب الكلداني والأرمني، حياة تليق بنضال العراق وتضحيات العراق، حياة يقف فيها المسلم الى جانب المسيحي والصابئي المندائي الى جانب الأيزيدي وكلهم الى جانب اليهودي، وحياة عراقية يتمتع فيها الجميع بحقوقهم وحريتهم ويترتب عليهم واجباتهم.
&وأذا كانت الدراسات المشوهة والمغرضة والتعصب الديني الأعمى وعدم الأعتقاد بحق وحرية الآخر في العقائد هو الذي يشوه تاريخ الأيزيدية بنظر هذه الجهات، فأن أمانة ضميرية تتطلب من الواعين وأصحاب المروءة أن يبحثوا عن الحقيقة في تاريخ وسفر الأيزيدية الأنساني.&
ويمكن أن تشكل قضية التقارب بين الأديان والتعمق في معرفة أسس الطقوس والشعائر الدينية وعلاقتها بالأديان القديمة والألهة القديمة والتاريخ القديم، بغية تشكيل صورة قريبة من الحقيقة لاقرار مساحة العلاقة الأنسانية بين هذه الأديان الوغلة في القدم العراقي.
&ويقيناً أن لاتغيب عن بال من يريد البحث عن الحقائق كون الأيزيدية جزء لايتجزأ من الشعب الكردي، وأن هذه الشريحة الدينية لها حضور وواقع ملموس في العراق، كما انها تشكل كيان بشري له امتدادات جغرافية، غير أن مايهمنا هنا عنهم الأيزيدية في العراق الذين كانوا أكثر البشر الذين مورس عليهم الظلم والقهر والعذاب نسبة الى غيرهم من الأيزيدية في باقي بلدان العالم.
&وأذا كان ثمة أسرار للأيزيدية وطقوس تدخل في الموروث الشعبي، وأذا كانت لهم حكايات وأسرار تم ادخالها ضمن الأنغلاق والتكتم سرية العقيدة التي املتها الظروف الصعبة والقاهرة التي مرت بها أجيالهم، فأن لكل هذه أسبابها الأكيدة منها كون الأيزيدية ديانة غير مكتسبة ( طاردة ) لاتقبل التبشير والأنتماء من خارجها، بالأضافة الى كون الأمية والجهل يسري في عروقها لزمن طويل وربما لحد الان، مع أن جيلاً من الأيزيدية الواعين والمتعلمين والمثقفين أخذوا على عاتقهم حمل مشعل العلم والمعرفة وخاضوا غمار الأندفاع نحو المستقبل.
&وتبقى المرارة شاهد على مايتحمله الأيزيدية من العقول المتعصبة، وهي نفس العقول التي تدعو للمذهبية والطائفية، وهي نفس العقول التي تؤمن بالأرهاب والموت كحل لمشاكلها مع الأغيار، وأذا كان لهؤلاء أن يتعرفوا على الكثير من أسرار الديانة الأيزيدية ليتعرفوا على المعاني الأنسانية الكامنة في أسس ديانتهم، فعليهم أن يعرفوا أن الأيزيدية تعني في العهد السومري بأنها الروح الخيرة أو غير الملوثة وفق ماوجد مكتوباً على الألواح الطينية في العهد السومري، وأذا كان على هؤلاء أن يتعرفوا على اصول الديانة الأيزيدية أن يتلمسوا علاقتهم بالشمس والقمر، ويطالعوا أدعيتهم التي تدعو لكل الناس دون أستثناء، وتدعو للمحبة والخير والتسامح، حينها سيتعرف الكثير من هؤلاء على حقيقة مايراد من تهميش وتلطيخ تاريخ الأيزيدية من قبل السلطات البائدة التي تعاقبت على حكم العراق منذ امتداد الدولة العثمانية وحتى نظام صدام حسين، أو من قبل العقول المتعصبة والقومية المبتلية بالعماء القومي.
&أما وقد عرف الجميع من خلال البحوث والدراسات أن الديانة الأيزيدية أقدم من الديانات الأخرى، وانها اقدم من الديانة الزرداشتية والمسيحية وقد تم اثبات تلك الأمور ضمن بحوث علمية مسندة بالأدلة الأقناعية والمراجع الحاضرة، وأن ديانتهم كانت حاضرة في العهود القديمة وترتبط بشكل قوي بالطقوس السومرية والبابلية والأفكار والأساطير والظواهر الطبيعية.
&الكثير من الأفتراءات والزعم الباطل والعديد من الأتهامات التي لاتنم فقط عن البطلان والأفتراء الواضح، انما تدل على سذاجة وتخريف مروجيها وضحالة افكارهم ومنهجهم وسيطرة نوازع الشر عليهم ليألبوا الناس ضد الأيزيديين بسبب أيمانهم بالله الواحد الأحد ن والأيزيدي هو عابد الله، ابن الديانة التي تفرض الشروط والضوابط الحديدية في الممارسات الطقسية وتدعو الى احترام شعائر الله وتعظيمها وتقديس شعائر الأديان الأخرى، والأيزيدي صاحب الدعاء الذي يقول (( باسم الله اليزدان الرحيم الجميل، يارب أنت موجود، ألهي لعظمتك ولمقامك... ))، الأيزيدي الذي يبدأ الدعاء لله للناس قبل ان يدعو لعائلته ولنفسه، الأيزيدي الذي لم يسجل التاريخ عنه موقف مشين أو غادر أو خسيس ضد جيرانه وأتباع الملل والديانات الأخرى.
&وأذ ينطلق فحيح الأفاعي يدعو الى قتل الأيزيدي حتى يكسب القاتل الجنة، فهي نفس الدعوة التي تدعو لنشر القتل والأرهاب بأسم الأسلام والدين منها براء، مما يستوجب وقفة تتناسب مع قوة الهجمة المتوحشة والظالمة التي يشنها نفر ضال عن الدين والضمير والأنسانية، وينبغي أن يتصدى لها رجال الدين والفقهاء قبل أن يتصدى لها الأيزيديون دفاعاً عن دينهم ومنهجهم وأنفسهم، وهو حق مقرر ومشروع قانوناً وشرعاً.
وعلى الأيزيدية أن يعملوا على حماية أنفسهم وعوائلهم من هذا الوباء الذي يستهدفهم قبل أن يستهدف الأنسانية، حين يكون القاتل والمريض نفسياً متبرقعاً بأسم الدين وداعية يؤلب الناس ويحرض السذج حين يمنحهم صكوك الغفران وبطاقات العبور الى الجنة على دماء وجماجم وحياة الأبرياء دون منطق أو عقل.
&وأن قمنا شخصياً بالخوض بشكل بسيط غير متعمقين في اساس ونوع الفتاوى التي اباحت قتلهم والدعوات التي انطلقت تريد أجتثاثهم وسبيهم وتشريدهم والقضاء عليهم، وأسبابها الخفية والمعلنية، دون ان يتحرك العقلاء ورجال الدين لوقف هذه الجرائم والدعوات التي يغلفها المجرمين بأسم الدين الذي كان على الدوام دعوات أنسانية أصلاحية تريد الخير والصلاح للأنسان وتنشر المحبة والتسامح بين الناس.
&تحمل الأيزيديين أكثر من طاقتهم، وانتشرت في الجسد الأيزيدي طعنات ناجلة تلقوها دون سبب أو ذنب أقترفوه ليس لهم سوى دفاعهم المستميت والشجاع لبقائهم وثباتهم وتمسكهم بدينهم القديم والذي لم يكن سوى الدفاع عن النفس.
وبالرغم من كون الأيزيديين يوحدون الله ويقرون بوحدانيته فقد تم تغييب هذه الحقيقة عن الناس البسطاء، واوغلت جهات تضمر لهم الشر والعداوة والبغضاء في تحشيد وتاليب الناس عليهم دون سبب منطقي، ودون جريمة سوى أنهم يعتقدون بدين آخر يمتد منذ بدء الخليقة حتى اليوم، وتم تغييب حقائق كثيرة عنهم وتم أستغلال ظروفهم ولجوئهم الى الأختفاء والأنزواء والتخلف الذي عم مجتمعهم، ليتم نشر الكراهية والتخاريف والأباطيل ضدهم، حتى صار الأيزيدية في العراق سراً من الأسرار ومجتمع ممتليء بالكثير من البغضاء من قبل الآخرين بالنظر لأشاعة سياسة الكراهية والتحريض ضدهم.
وليس من باب المصادفة أن تقوم جهات تدعي علمها بالشريعة والدين أستباحة دمهم وأموالهم ونساؤهم، وليس من باب المصادفة أن يصار الى الأفتاء بقتل أطفالهم وسبيهم والقضاء عليهم، وأن تشن الحروب ويتم تجييش الناس عليهم لذنب لم يقترفه غيرهم ولاأرتكبه بشر قبلهم، وغاب عن هؤلاء أو الأصح أنه تم تغييب حقيقة كون الأيزيديين يقرون بوحدانية الله ( خدا ) خالق السماوات والأرض، ولكن لقد اسمعت لوناديت حياً ولكن لاحياة لمن تنادي.
وهكذا أستمر مسلسل القتل والترويع والتشريد، وتفنن المقاتلين في ملاحقة الفقراء من الفلاحين والمساكين من الناس والزهاد والمتصوفين والمتفرغين لدينهم وتعبدهم لله، وأستبيحت قرآهم وأموالهم وهم ينظرون الى عدالة خالقهم.
لم ينصف علماء الدين في تلك الفترة المظلمة الشعب الأ]زيدي ولانظروا اليهم نظرة أنسانية أو منصفة، ولم يتلمسوا ماقاله الأمام علي بن ابي طالب وهو الحكيم والفقيه والمتعبد الرباني المسلم حين يقول مآثرته الخالدة للمسلمين (( الناس صنفان، اما اخاً لك في الدين، أو نظير لك في الخلق )).
وبدلا من أن يتم أعتماد مثل هذه المقولات الأنسانية العريضة والحكيمة فأنه يتم تجاهلها ونسيانها، وبدلا من ترجمتها للواقع الذي يدعو له العراقي الذي تخلص من نير الظلم والقهر والعذاب والقمع والدكتاتورية والطغيان كل هذا الزمن المرير، يصار الى الدعوة للدم والموت والتحريض وبث السموم.
الدعوات التي تطلقها الجهات الممتلئة بالشرور والداعية الى قتل المواطنين الأيزيدية لاتعدو الا حلقة من حلقات الجرائم والتخريب الوطني، وليس سوى دعوة لبذر شرارة الحرب الأهلية ورفض صيغ وقيم المحبة والأنسجام والتفاهم والآخاء الوطني الديني في العراق، الدعوات التي يطلقها بعض في استباحة قتل الأيزيدية ليس سوى دعوات تخريبية ينبغي قمعها وأسكاتها في مهدها قبل أن تستفحل فقد تغير الزمن الذي كان فيه الأيزيدي لايعرف سوى الدفاع عن نفسه، وتغير الزمن الذي كان فيه الأيزيدي لايعرف سوى الصمت وتقبل الظلم والقهر، فقد حل زمان حقوق الأنسان والديمقراطية والحرية والفيدرالية.
حل زمان حرية ممارسة الشعائر الدينية والأعتقاد الديني، ومع التأكيد على أن الأسلام يؤكد على حرية الأديان وحرية الأنسان في دينىة الآخر، بل يوفر حمايته لهذه الأديان والعقائد صغرت أم كبرت.
وأذا قمنا شخصياً بالأستفسار من المراجع المسلمة عن الوضع الأيزيدي ونظرة الأسلام لهم، فقد توجب على العلماء المسلمين أن يفتوا بشكل واضح وصريح بعدم جواز قتلهم والدعوة الى قتالهم وأيذاءهم والنيل منهم وبطلان الدعوات الداعية لأستباحة أموالهم ونسائهم.
يترتب على المراجع الأسلامية أن تمنع الدعوات الشريرة الداعية لسفك دمائهم وتجريمها وتكفيرها بقتل الأنسان الذي حرم الله قتله الا بالحق، وأذ تتكالب القوى الشريرة تحاول أن تبث سمومها وتنشر الخوف والأرهاب بينهم، فأن هذه القوى ترسم الخراب للعراق، وتنوي أشاعة الدعوة للقتل والحرب الأهلية التي ستأكل الأخضر واليابس في العراق، وهي دعوات مبطنة شعارها الظاهر الأسلام وباطنها الموت والكراهية والدماء والعداء للأسلام الحقيقي.
لم يجنح لأيذاء الأيزيديين سوى المرضى الخطرين أجتماعياً والذين أمتلأت قلوبهم بالغل والحقد، فشعب مثل الأيزيدية طيب ويعتمد البساطة في العيش وتعم فيه الفقراء ويكثر فيه عباد الله والمتمسكين بخرقة التصوف من الفقراء من الذين ينفقون اعمارهم في عبادة الله وخدمته لايمكن أن يفكر بأيذاءهم سوى الممسوس والمخبول.
وشعب مثل الأيزيدية ينتج ويعطي ويساهم في خدمة الناتج القومي لايمكن لعاقل أن يفكر بأيقاف هذه المساهمة في دعم الأٌقتصاد الوطني.
وشعب مثل الأيزيدية عانى الأمرين من الظلم الفادح دينيا بسبب انتماؤه للديانة الأيزيدية العريقة والموغلة في القدم، وقومياً بسبب انتماؤه للشعب الكردي، يستحق منا جميعاً نظرة تقدير وأحترام، وشعب مثل الأيزيدية لايدعو للتطاحن الديني والتسابق الفكري، وشعب مثل الأيزيدية يحصر الزواج بين ابناؤه لابل يحصره ضمن طبقات دينية ضيقة،، وأن نغلف علاقتنا به بالمحبة والأحترام، وأن نبدأ صفحتنا معه في زمن العراق الجديد بيضاء خالية من الأضطهاد والخوف والقتل والظلم، وأن تحل محلها المحبة والثقة والحرية والأطمئنان.
&لم تزل بعض العقول من تريد الشر بالأيزيدية كراهية بأنسان العراق، وشراً للعراق، وماتسميم مياه قرية ( خانك ) في محافظة دهوك الا دليلاً ملموساً على مدى الأستهانة بحياة الأنسان، وأقتراف جريمة القتل بواسطة السم أو الشروع فيه لأكبر عدد ممكن من الناس الطيبين والبسطاء والذين لاحول لهم ولاقوة.
&لم تكن الديانة الأيزيدية دعوة سياسية لتغليب أحد على غيره، ولم تكن الديانة الأيزيدية دعوة لنشر القتل والموت والأرهاب عند بقية المذاهب والأديان، ولم تكن الديانة الأيزيدية سوى دعوة للمحبة والتسامح، لإاين صارت المنهجية والعقل في التعامل بين الأديان؟ وأين صارت دعوات المحبة والخير والصلاح والمجادلة بالتي هي أحسن وخيار الأنسان في التعبد والأيمان بالله، أين انتهت صرخات القوال الأيزيدي وهو يعلو بصوته ليقول (( أًصحاب القهم من ملوك الزمان... كلنا أخوة في الواحد الرحمن ))، بل أين انتهت اخوة الأنسان؟
&الدعوات الباطلة المغلفة بالشر التي تحرض ضد الأيزيدية أنما تعبر عن أغراضها الدنيئة في قتل الأبرياء وخداع السذج والمسلوبي الأرادة من الناس لتختلط عليها الحقائق، الدعوات المبطنة الداعية الى تحقيق العدالة بقتل الأيزيدية والتحريض على أيذاءهم ليس لها تفسير سوى خراب العراق والأنسان في العراق ومزيداً من الموت والدم والثأرات وعدم الأستقرار، بل ربما نتسائل ولم هذه الدعوات في هذه الفترة بالذات، بعد أن تخطى الزمن لعبة الفتاوى وخفايا الكتابات التي كانت تدعو لقتل الأيزيدية، والتي استهجنها الناس وأستنكرها العقلاء وأبطلها أصحاب الديانات الحقيقية، لم تكون هذه الدعوات في هذا الزمن بالذات؟ خلال هذه الفترة العصيبة من حياة شعبنا العربي حين يطالب الأيزيديين بتحقيق جزء صغير من حقوقهم الدينية وحقهم في ممارسة شعائرهم وطقوسهم بحرية لاتقيدهم قرارات وتعليمات السلطات القمعية، حين تتحقق هذه الحقوق تبرز أنياب الكارهين لأستقرار العراق، وتنشب اظفارهم في اعناق العراقيين وخصوصاً الشريحة الممتلئة طيباً ووداعة وفقراً الأيزيديين من أهل العراق.
&ليس من أهل الخير من يريد الشر بهذه الشريحة التي اثبتت بالملموس محبتها للناس ووداعتها وتفانيها في خدمة العراق، وأخلاصها لدينها وتمسكها بطقوسها وعدم ا]ذاء أحد من الناس والأديان التي تحترمها.
ليس من جبهة الخير من يريد السوء بالأيزيدية الذين لم يزلوا يتلمسون مغفرة الله عن العاصين و قبوله التوبة عن التائبين وأن يتقبل دعاء جميع البشر دون استثناء.
وأذا كانت الفتاوى تصدر بناء على رغبة السلطان والحاكم، فقد رحل السلاطين والحكام الظلمة، وصار علينا أن نتفاهم ونتحاور ونتبادل الأفكار والآراء لنرسم أسس جديدة للحياة في العراق.
حياة يعيش فيها العراقي العربي الى جانب الكردي والتركماني الى جانب الآشوري وكلهم الى جانب الكلداني والأرمني، حياة تليق بنضال العراق وتضحيات العراق، حياة يقف فيها المسلم الى جانب المسيحي والصابئي المندائي الى جانب الأيزيدي وكلهم الى جانب اليهودي، وحياة عراقية يتمتع فيها الجميع بحقوقهم وحريتهم ويترتب عليهم واجباتهم.
&وأذا كانت الدراسات المشوهة والمغرضة والتعصب الديني الأعمى وعدم الأعتقاد بحق وحرية الآخر في العقائد هو الذي يشوه تاريخ الأيزيدية بنظر هذه الجهات، فأن أمانة ضميرية تتطلب من الواعين وأصحاب المروءة أن يبحثوا عن الحقيقة في تاريخ وسفر الأيزيدية الأنساني.&
ويمكن أن تشكل قضية التقارب بين الأديان والتعمق في معرفة أسس الطقوس والشعائر الدينية وعلاقتها بالأديان القديمة والألهة القديمة والتاريخ القديم، بغية تشكيل صورة قريبة من الحقيقة لاقرار مساحة العلاقة الأنسانية بين هذه الأديان الوغلة في القدم العراقي.
&ويقيناً أن لاتغيب عن بال من يريد البحث عن الحقائق كون الأيزيدية جزء لايتجزأ من الشعب الكردي، وأن هذه الشريحة الدينية لها حضور وواقع ملموس في العراق، كما انها تشكل كيان بشري له امتدادات جغرافية، غير أن مايهمنا هنا عنهم الأيزيدية في العراق الذين كانوا أكثر البشر الذين مورس عليهم الظلم والقهر والعذاب نسبة الى غيرهم من الأيزيدية في باقي بلدان العالم.
&وأذا كان ثمة أسرار للأيزيدية وطقوس تدخل في الموروث الشعبي، وأذا كانت لهم حكايات وأسرار تم ادخالها ضمن الأنغلاق والتكتم سرية العقيدة التي املتها الظروف الصعبة والقاهرة التي مرت بها أجيالهم، فأن لكل هذه أسبابها الأكيدة منها كون الأيزيدية ديانة غير مكتسبة ( طاردة ) لاتقبل التبشير والأنتماء من خارجها، بالأضافة الى كون الأمية والجهل يسري في عروقها لزمن طويل وربما لحد الان، مع أن جيلاً من الأيزيدية الواعين والمتعلمين والمثقفين أخذوا على عاتقهم حمل مشعل العلم والمعرفة وخاضوا غمار الأندفاع نحو المستقبل.
&وتبقى المرارة شاهد على مايتحمله الأيزيدية من العقول المتعصبة، وهي نفس العقول التي تدعو للمذهبية والطائفية، وهي نفس العقول التي تؤمن بالأرهاب والموت كحل لمشاكلها مع الأغيار، وأذا كان لهؤلاء أن يتعرفوا على الكثير من أسرار الديانة الأيزيدية ليتعرفوا على المعاني الأنسانية الكامنة في أسس ديانتهم، فعليهم أن يعرفوا أن الأيزيدية تعني في العهد السومري بأنها الروح الخيرة أو غير الملوثة وفق ماوجد مكتوباً على الألواح الطينية في العهد السومري، وأذا كان على هؤلاء أن يتعرفوا على اصول الديانة الأيزيدية أن يتلمسوا علاقتهم بالشمس والقمر، ويطالعوا أدعيتهم التي تدعو لكل الناس دون أستثناء، وتدعو للمحبة والخير والتسامح، حينها سيتعرف الكثير من هؤلاء على حقيقة مايراد من تهميش وتلطيخ تاريخ الأيزيدية من قبل السلطات البائدة التي تعاقبت على حكم العراق منذ امتداد الدولة العثمانية وحتى نظام صدام حسين، أو من قبل العقول المتعصبة والقومية المبتلية بالعماء القومي.
&أما وقد عرف الجميع من خلال البحوث والدراسات أن الديانة الأيزيدية أقدم من الديانات الأخرى، وانها اقدم من الديانة الزرداشتية والمسيحية وقد تم اثبات تلك الأمور ضمن بحوث علمية مسندة بالأدلة الأقناعية والمراجع الحاضرة، وأن ديانتهم كانت حاضرة في العهود القديمة وترتبط بشكل قوي بالطقوس السومرية والبابلية والأفكار والأساطير والظواهر الطبيعية.
&الكثير من الأفتراءات والزعم الباطل والعديد من الأتهامات التي لاتنم فقط عن البطلان والأفتراء الواضح، انما تدل على سذاجة وتخريف مروجيها وضحالة افكارهم ومنهجهم وسيطرة نوازع الشر عليهم ليألبوا الناس ضد الأيزيديين بسبب أيمانهم بالله الواحد الأحد ن والأيزيدي هو عابد الله، ابن الديانة التي تفرض الشروط والضوابط الحديدية في الممارسات الطقسية وتدعو الى احترام شعائر الله وتعظيمها وتقديس شعائر الأديان الأخرى، والأيزيدي صاحب الدعاء الذي يقول (( باسم الله اليزدان الرحيم الجميل، يارب أنت موجود، ألهي لعظمتك ولمقامك... ))، الأيزيدي الذي يبدأ الدعاء لله للناس قبل ان يدعو لعائلته ولنفسه، الأيزيدي الذي لم يسجل التاريخ عنه موقف مشين أو غادر أو خسيس ضد جيرانه وأتباع الملل والديانات الأخرى.
&وأذ ينطلق فحيح الأفاعي يدعو الى قتل الأيزيدي حتى يكسب القاتل الجنة، فهي نفس الدعوة التي تدعو لنشر القتل والأرهاب بأسم الأسلام والدين منها براء، مما يستوجب وقفة تتناسب مع قوة الهجمة المتوحشة والظالمة التي يشنها نفر ضال عن الدين والضمير والأنسانية، وينبغي أن يتصدى لها رجال الدين والفقهاء قبل أن يتصدى لها الأيزيديون دفاعاً عن دينهم ومنهجهم وأنفسهم، وهو حق مقرر ومشروع قانوناً وشرعاً.
وعلى الأيزيدية أن يعملوا على حماية أنفسهم وعوائلهم من هذا الوباء الذي يستهدفهم قبل أن يستهدف الأنسانية، حين يكون القاتل والمريض نفسياً متبرقعاً بأسم الدين وداعية يؤلب الناس ويحرض السذج حين يمنحهم صكوك الغفران وبطاقات العبور الى الجنة على دماء وجماجم وحياة الأبرياء دون منطق أو عقل.
التعليقات