"إيلاف"&من لندن: لوحظ أن أجهزة الإعلام الإسرائيلية المطبوع منها والمرئي والمسموع لعبت في شكل دراماتيكي مثير ما جرى في مدن سورية الشمالية مثل القامشلي والحسكة من مصادمات لم تعترف بها السلطات السورية الرسمية بين أكراد سوريين ومحالفيهم من أكراد عراقيين وأتراك لا بل وإيرانيين كذلك، وبين مناهضين من جماعات قومية تنتمي إلى حزب البعث الاشتراكي المنقسم على نفسه في الحكم الباقي في دمشق والمنهار في بغداد قبل عام.
وأحداث الأسبوع الماضي الدامية التي لا تزال تداعياتها تتصاعد فصولا في أكثر من عاصمة غربية حيث تظاهرات ومسيرات وحصارات شهدتها سفارات سورية في عواصم الغرب من جانب أكراد سوريين نالوا حق اللجوء السياسي في تلك العواصم.
يذكر أن الأكراد في سورية يشكلون 10 بالمائة من أصل تعداد السكان الذي تشكل فيه الطائفة العلوية الحاكمة ممثلة بالرئيس بشار الأسد نفس النسبة ولكن الأكراد محرومون من جميع الحقوق ابتداء من الهوية وحتى الحقوق كافة سياسيا واجتماعيا واقتصاديا.
وفي مجمل هذا الصراع، في سورية بعد العراق، فإن وسائل الإعلام الإسرائيلية بدأت في نشر تقارير عن الحال الكردي في سورية بعد مصادمات القامشلي الدامية التي انتشر سعيرها في مدن سورية كثيرة.
يذكر أن سورية تتعرض لضغوط غربية وخصوصا من جانب الولايات المتحدة للتنازل عن كثير من القضايا المبدئية التي تمترست وراءها دمشق لعقود أربعة خلت في مهمة الصراع الاستراتيجي والتنازلات مع إسرائيل التي لا تزال تحتل جزءا مهما من سورية وهو هضبة الجولان.
وتعتقد مصادر المحللين السياسيين في الغرب أن التفجير الذي تعرضت له سورية من خلال "لعبة كرة قدم بين فريقين، أحدهما عربي والآخر كردي، يثير التساؤل عن الجهات التي تقف وراء ذلك؟"، والتساؤل نفسه يطرح السؤال عن مدى جاهزية سورية سياسيا وأمنيا لمواجهة ذلك؟.
وتعيد "إيلاف" نشر تقرير نشر في صحيفة (يديعوت آخرونوت) الذي نشرته أول من أمس الإثنين عن حال الأكراد في سورية، وهو تقرير نشر بعد الأحداث الدامية التي وضعت الحكم السوري أمام مهمات صعبة وكبيرة.
تقرير يديعوت آخرونوت
"إذا ما مت قريبا ، يوضح رانكين ابن الخمسين، رجل كردي غير موجود ، برغم انه ولد في سورية وعاش فيها طوال حياته وأقام فيها عائلة، فلن يكون لدى أبنائي إثباتات علي أنني عشت ذات مرة .
ينتسب رانكين في الحقيقة إلي الأقلية العرقية الكبري في الدولة (10 في المائة من مجموع السكان)، ولكن حسب القانون فانه هو وشقيقه غير موجودين .
في اللغة الدارجة المحلية وفي منظمات حقوق الإنسان في أرجاء العالم حظي ألـ 1.8 مليون كردي في سورية باسم الشيفرة مكتومين ، أي أولئك الذين يحسن الصمت في شأنهم. وكأنما لطخة باهتة تقوم علي أبناء الطائفة، بسبب أصلهم.

لعبة كرة القدم بين فريق الجهاد الكردي السوري وبين الفتوة السني السوري في يوم الجمعة ظهرا، التي ألغيت في اللحظة الأخيرة بسبب نزاعات عنيفة اندلعت في مقاعد المشجعين في ستاد المنطقة الكردية الحسكة، أثارت اضطهاد الحقوق الخفي في شأن الأكراد في سورية.
في نهاية الأسبوع انتشرت أعمال الشغب إلي جامعة دمشق. أشعل طلاب سيارات ورموا بالحجارة نحو مباني الحكومة. في مبني السفارة السورية في بروكسل اجترأ المتظاهرون الأكراد علي الهتاف: الأسد هو صدام حسين .
أمس الاول ظهرا وصل رؤوس كل أجهزة الأمن في سورية الي مدينة القامشلي، جمعوا رؤساء القبائل المحلية وأشراف الطائفة الكردية وأخبروهم بلغة لا تقبل التأويل: إما ان توقفوا الشغب حالا، وإما ان نعاملكم كما نعرف كيف نعامل أعداء الدولة.
عدد أبناء الطائفة العلوية، التي برزت منها عائلة الرئيس حافظ الأسد الراحل وابنه الرئيس المتولي بشار الأسد، يساوي عدد أبناء الطائفة الكردية في سورية.
ولكن في حين أن العلويين يتولون كل الوظائف المهمة في السلطة، وفي الجيش وفي اجهزة الأمن، وفي الاكاديميات وفي القطاع الخاص، فان القانون السوري يتجاهل تماما وجود الأقلية الكردية في الدولة. العلويون يشكون بالأكراد، لأنهم بتشجيع من الأحزاب الأم الكردية في شمالي العراق قد يشعلون تمردا داخليا، يزعزع الاستقرار الداخلي في سورية.
السلطات تتجاهل وجود الأكراد الذين لا يمتلكون وثائق تشهد بأنهم عاشوا في سورية قبل 1945. ولما كان الأمر كذلك، فانهم لا يستطيعون أن يُقبلوا للعمل في مكاتب الحكومة أو في القطاع العام، يحظر عليهم أن يتعلموا في المدارس الرسمية وان يتمتعوا بقانون الدراسة المجاني وليس لهم حق في التصويت لانتخاب الرئيس وأعضاء البرلمان.
في الوقت نفسه، يحظر عليهم تصريف حياتهم بلغتهم الكردية، لا بطاقات هوية لديهم، ولا شهادات زواج وطلاق. أما تسجيلات الولادة فيجرونها في استمارة خاصة، كتب عليها اللفظ أجانب وهي إشارة إلي أهزة الاستخبارات ان تفتح عينيها بشك.
الرجل الكردي الذي خدم في الجيش السوري وجُرح لا يستحق العلاج في مستشفي عسكري، علي حساب الدولة. ويحظر عليهم أيضا ان يكونوا أصحاب أراض أو مصانع أو مساكن. النساء اللاتي تزوجن منهم يُحسبن عازبات.
ويقول تقرير الصحيفة الإسرائيلية "يُسلب الأكراد أيضا الحق في تلقي وصولات غذاء، يتمتع بها ملايين المواطنين في سورية. المكتومون لا يستطيعون حتى تلقي لجوء سياسي في أوروبا، مع انعدام الوثائق التي تشهد متي وكيف ولدوا؟".
وختاما، يشير تقرير الصحيفة الإسرائيلية إلى كلام لصحافي سوري كردي اختصر فيه مجمل الحال وقال "طالما لم تعش الاضطهاد، فانك لا تستطيع ان تتخيل انه يمكن أن تهبط إلي مكان أدني من ذلك مع ظواهر تمييز عنصري واضطهاد سياسي اجتماعي".