وداد فاخر
&

&
للحديث عن الصحافة يجب أولا أن نرى مدى صدقية أي صحيفة في نشر الخبر والتعليق عليه، والمصدر الرئيسي الذي أستقي منه، لذا ففي أحد المرات عتبت على صحفي شاب نشر خبرا مفبركا عن وزير خارجية النظام العفلقي الساقط ناجي الحديثي عند زيارته لفيينا، بأنه يجب معرفة كيفية اقتناص الخبر وصياغته قبل الاستعجال في نشره. وما أراه في الجريدة الالكترونية ( إيلاف ) يطابق ما يطمح إليه القارئ المتتبع للخبر، والحدث اليومي آو الآني الذي يشد القارئ بالصحيفة ويجعله من قرائها، بسبب من صدق الخبر، وأهميته على جميع الصعد.
وقد كانت ( إيلاف ) وبحق صادقة مع نفسها ومع القراء فكانت الصحيفة الالكترونية الليبرالية التي حازت على رضا الجميع، بصدقية وسرعة أخبارها، وتنوع موادها وسهولة التبويب والتصفح فيها. وكانت لنا خير عون نحن العراقيين في طرح وجهات نظرنا بدون تحفظ من رئاسة التحرير التي يقودها الصحفي المعروف بجدارته وخبرته الطويلة الأستاذ عثمان العمير، وهيئة التحرير التي أثبتت جدارة تستحقها، وخبرة ظهرت على صفحاتها المتنوعة.
وهذا الموقف الشريف الوفي لرسالة الصحافة في إيصال المعلومة الصحيحة للقارئ الذي يتشوق لمعرفتها يذكرني بصحفي رحل عنا، هو طيب الذكر الصحفي الكويتي المرحوم سامي احمد المنيس، الذي فتح أبواب مجلة الطليعة الكويتية في عز وقوة الإرهاب البعثي في المنطقة لنشر آراءنا نحن العراقيين وبأسماء مستعارة بعلم منه لكي نطرح وجهات نظرنا في ذلك الوقت العصيب، خاصة أيام الحرب الكارثية ضد إيران.
وقد دار كل ذلك بذهني وصحيفتنا ( إيلاف ) تدخل عامها الرابع مجتازة بجدارة سنينها الثلاث، فرحت استعرض أسماء نخبة من الكتاب والصحفيين كان ل( إيلاف ) الدور الفاعل في تفاعلهم مع القراء، ونشر أرائهم وطروحاتهم في مسائل وأحداث نشعر جميعا بأننا بحاجة لمن يرشدنا إلى وقائعها وحقيقتها والبحث عن مسبباتها. فكانت بحق صحيفتنا التي نلجأ إليها عند كل حدث، ونكون في تماس مباشر مع كتابها.
لكن مع كل النجاحات التي سجلتها ( إيلاف ) فهناك أيضا بعض الملاحظات التي تسجل عليها بالنسبة لي ككاتب وصحفي، وهي هنات بسيطة أجد لزاما علي أن أبينها كنقد بناء موجه للصحيفة التي أكن لها مودة خاصة وقد كانت تتلخص في:
1 - لاحظت إن الصحيفة لا تهتم بجانب إعلامي مهم وهو ( الخطأ والتصويب )، فقد أرسلت لأكثر من مرة واحدة تصويبا لمعلومة أو اسم ورد خطئا في سياق موضوع أو خبر، لكن ذلك لم يلق أي اهتمام من قبل الصحيفة التي تتصرف بإهمال ما أرسله لها لغرض عدم مرور خبر يحمل بين جنباته معلومة خاطئة، بسبب خطأ مطبعي غير مقصود من الكاتب، أو لسهو حاصل أو لعدم إلمام الكاتب نفسه بكامل الموضوع المطروح.
وخلال عمري الذي تعاملت فيه مع مصادر إعلامية عديدة كان يجري الإهتمام بما نرسله من تصويب، لصحف ومجلات ذات شأن مثلها مثل ( إيلاف ) كجريدة الجمهورية البغدادية التي كنا نكتب في ملحقها الأسبوعي في منتصف ستينيات القرن الماضي، أو مجلة الثقافة الجديدة وغيرها الكثير.
2 - يبدو، وهذا ضمن سياسة ( إيلاف ) التي تسير عليها أنها لا تعتمد خبرا من أي كان سوى من مراسليها المعتمدين، وهو حق من حقوقها، لكنها تستطيع الإفادة من خبر مستعجل، أو مهم في مكان لا يوجد لها فيه مراسل أو مندوب. ولا أريد أن أتوسع في ذلك فقد كانت هناك لي ملاحظات على أخبار نشرت من فيينا، أو قادمة من داخل العراق، تفتقر كثيرا للوضوح والدقة. لكنني احمل تجربة مع صحيفتين نمساويتين بارزتين وهما ( صحيفة دير ستاندر Der Stander )، و ( دي بريسه Die Presse )، اللتين كانتا تنشران ما أرسله لهما مما يردني من مسئول الحزب الشيوعي العراقي في فيينا، من منشورات جمعية حقوق الإنسان للحزب الشيوعي العراقي في أربيل شقلاوة من داخل العراق أيام التسلط البعثي، حيث أضع لهم فقط رقم هويتي الصحفية، ويتم النشر بموجب الثقة هنا، وكانوا مستمرين في النشر حتى سقوط النظام الدكتاتوري.
3 - أما ملاحظتي النقدية الأخيرة، فأرجو أن لا يحملها البعض محمل القضية الشخصية، وتتعلق بالكتاب الذين ينشرون في ( إيلاف )، ولصراحتي المعهودة، وعدم مجاملتي في أمور لا تستوجب المجاملة، والتي جرت علي الكثير من الويلات، أتساءل لكي تتضح أمامي نقطة مهمة لا زال الغموض يكتنفها، وهي أن هناك باب باسم ( كتاب إيلاف )، وهو أمر واضح كل الوضوح. إذن ماذا نسمي من ينشر لهم في باب ( أصداء )؟؟.
ولكون العبد لله من ضمن من ركنوا في هذا الباب الشديد الغموض تساءلت هنا مع عدم انتقاصي من الإخوة الكتاب في أصداء عن اسم لمن ينشر لهم في ذلك الباب.
وهذا يذكرني بالتصنيف الذي كان يسير عليه بعض معلمي المدارس الابتدائية لطلابهم في خمسينات القرن الماضي، حيث يقسمون الصف لجهل علمي بعلم نفس الطفل، وعلم النفس التربوي، ب (صف الأسود ) للطلاب الأذكياء حسب توصيفهم، و (صف النمور ) للطلاب ذوو الذكاء العادي، و
( صف القردة أو الشواذي باللهجة العراقية الدارجة ) للطلبة الكسالى. مما يميت كل إبداع وتطلع نحو التفوق والمنافسة الشريفة بين الطلاب.
وقد سقت هذا المثل لا للانتقاص من جريدة ( إيلاف ) التي أكن لها كل ود، ولكن لأعلن بأن تحيتي لها بعيدها الثالث هو أيضا للإعلان أيضا عن رغبتي للانقطاع عن الكتابة فيها للسبب الذي ذكرته في تصنيف الكتاب، وسيكون مقالي هذا آخر ما أكتبه فيها.
في الأخير أجد نفسي عاجزا عن التعبير عن الشعور بالفرح الغامر لنجاح تجربة صحيفة عربية الكترونية، بثقل ووزن ( إيلاف ) التي حازت على ثقة ورضا القراء العرب، فتحية لها في عيدها الثالث، ودخولها في عامها الرابع متمنيا لها التواصل والنجاحات المستمرة.
&
كاتب وصحفي مقيم في النمسا