باريسا حافظي من طهران: في الوقت الذي عرضت فيه شاشات التلفزيون الايراني لقطات لثمانية من أفراد البحرية البريطانية وهم معصوبو الاعين ويدفعون للسير عبر منطقة صحراوية في جنوب ايران خلال محنة اعتقالهم أحدث مسؤولون في طهران ضجة لطمأنة الناس وأصدروا بيانات متضاربة عن دنو الافراج عنهم.
وتباينت بدرجة كبيرة الاشارات التي انطلقت من ايران في اعقاب اعتقال الجنود البريطانيين وهو الامر الذي يعكس انقسامات عميقة على الساحة السياسية في ايران.
وينظر إلى احتجاز البريطانيين ثلاثة ليال باعتباره نصرا على الرئيس الاصلاحي محمد خاتمي وجهوده لدعم علاقات بلاده الدولية وهو نصر حققه محافظون في ايران يتمركزون داخل الهيئة القضائية وفي صفوف القوات المسلحة والهيئة التشريعية.
واحتجز رجال الحرس الثوري الايراني البحارة يوم الاثنين الماضي في اقليم خوزستان في جنوب غرب ايران في منطقة شط العرب وهو ممر مائي على امتداد الحدود الايرانية العراقية. وافرج عن البحارة يوم الخميس بعد ساعات من المفاوضات المضنية مع مسؤولين بريطانيين.
وقال محلل لرويترز طلب عدم نشر اسمه "كان الاعتقال رسالة واضحة إلى الغرب بان المتشددين يتحدون سياسة ايران الرسمية الخاصة بالوفاق."
وكانت وسائل الاعلام الرسمية التي يسيطر عليها المتشددون هي التي بثت اللقطات الخاصة بالبحارة المعصوبي الاعين وقالت انهم يحملون أسلحة متطورة وخرائط وانهم سيحاكمون.
في الوقت ذاته سعى مسؤولون في طهران منهم وزير الخارجية كمال خرازي إلى طمأنة بريطانيا إلى انه سيتم الافراج عن افراد المجموعة اذا اتضح للمحققين سلامة نواياهم.
وقال حلفاء خاتمي والمقربون منه ان المحافظين حاولوا استغلال هذه القضية لاستعراض مدى سطوتهم. وقال محمد رضا خاتمي الشقيق الاصغر للرئيس الايراني والنائب البرلماني السابق لرويترز "هؤلاء الذين يسعون إلى خلق التوتر استغلوا عملية الاعتقال لاظهار نفوذهم."
تجيء هذه الاحداث في وقت تمر فيه العلاقات البريطانية مع ايران بأزمة بشأن الانتقادات التي وجهتها لندن إلى طهران بعدم تعاون الجمهورية الاسلامية مع مفتشي الاسلحة. الا انه على خلاف ما تفعله الولايات المتحدة انتهجت لندن خلال السنوات الاخيرة سياسة تهدف إلى خطب ود ايران.
وقال خاتمي "لن يترك صناع سياستنا الفرصة كي يستغل هذا الامر كذريعة نحو الزج بايران الى العزلة."
الا ان المحللين يقولون ان اعتقال البحارة البريطانيين قد يكون الغرض منه هو ان يظهر الايرانيون للغرب عموما وواشنطن على الاخص مدى قوتهم فيما تتهم الولايات المتحدة ايران بمساندة الارهاب ووضع برامج لانتاج أسلحة نووية وتصعيد التوتر في العراق.
وقال نائب اصلاحي سابق "أعتقد ان مثل هذه الاحداث... توضح ان الضغوط الدولية ومدى حساسية ايران لها قد ارتفع كلاهما."
ولم تبد الصحف الايرانية المتشددة اهتماما كبيرا بالافراج عن البحارة اذ قالت صحيفة جمهوري اسلامي متسائلة وهي تشير إلى ان البحارة كانوا يحملون أدوات ومعدات للتجسس "ما الداعي إلى العجلة في الافراج عن الجواسيس البريطانيين؟"
وقال محلل ان رد ايران الصارم على التوغل الذي ربما لم يكن مقصودا من جانب البريطانيين الذين يتولون تدريب الشرطة العراقية يمثل انذارا ايضا لجيرانها ومنهم العراق.
وقال المحلل السياسي المستقل ماشاء الله شمس الواعظين "ان ايران باعتقالها هؤلاء الرجال تبعث بتحذير إلى دول بالمنطقة والى القوات التي تحتل العراق بانها على أهبة الاستعداد للدفاع عن مياهها."
كان ممر شط العرب المائي الاستراتيجي مبعثا للصراعات بين ايران والعراق فيما كان التوتر الذي شهدته المنطقة أحد الاسباب التي فجرت حربا بين البلدين ما بين عامي 1980 و1988 .
وأعلن متحدث باسم القوات البريطانية ان&الجنود البريطانيين الثمانية وصلوا الى العراق بعد توقف قصير في دبي والكويت.
التعليقات