"إيلاف"&من القاهرة: في ختام الزيارة التي قام بها كوفي أنان، الامين العام للامم المتحدة، تعهدت الحكومة السودانية اليوم السبت بنزع أسلحة ميليشيات "الجنجاويد" التي تحملها عدة جهات المسؤولة عن قتل المئات وتشريد أكثر من مليون شخص من اصول افريقية من ديارهم بغرب السودان وقال انها سيسمح بانتشار مراقبين لحقوق الانسان، في ما نسبت نشرة واشنطن العربية إلى تشارلز سنايدر، مساعد وزير الخارجية السابق بالنيابة للشؤون الإفريقية، قوله إن الزيارة التي قام بها أخيراً وزير الخارجية الأميركي، كولن باول إلى السودان واستغرقت يومين، أظهرت بوضوح أنه لا يمكن لحكومة الخرطوم توقع تطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة إلا إذا بذلت جهوداً فورية للجم ممارسات المليشيات العربية المعروفة باسم "الجنجاويد"، التي سببت الفوضى والدمار في إقليم دارفور الواقعة في غرب السودان، حيث قتلت ما بين خمسة عشر ألفاً وثلاثين ألف شخص وجعلت عدداً لا يحصى من المواطنين معرضاً لخطر الأمراض والمجاعات والتشريد.
وقالت حكومة السودان والامم المتحدة في بيان مشترك "تأخذ حكومة السودان على عاتقها أن تشرع فورا في نزع اسلحة "الجنجاويد" والجماعات المسلحة الاخرى الخارجة على القانون، وان تسمح بنشر مراقبين لحقوق الانسان، كما اتفقت حكومة السودان والامم المتحدة على تشكيل آلية تنفيذ مشتركة على مستوى عال لهذه الاتفاقية".
أما المسؤول الأميركي فقد أعرب عن اعتقاده بأن كولن باول "حدد معايير مرجعية مهمة جداً لتغيير الوضع في دارفور بشكل جذري" خلال الزيارة التي قام بها إلى السودان في التاسع والعشرين والثلاثين من حزيران (يونيو)، بما في ذلك وقف دعم الحكومة للجنجاويد، وحرية وصول المنظمات والمساعدات الإنسانية إلى المنطقة بدون قيود والتعجيل في المفاوضات السياسية" وأضاف قائلاً: "لقد وضع مؤشرات واضحة بأننا لن نقف مكتوفي الأيدي لدى ذكر الأمور التي يتعين أن نشاهد حدوثها".
ومضى المسؤول في وزارة الخارجية الأميركية إلى القول: "لقد اتخذ باول خطوة إضافية هي التأكيد على أن الرئيس بوش عنى ما قاله في البداية إننا على استعداد للتوصل إلى سلام عادل، لكن السلام العادل يشمل جميع أنحاء البلد. وما يحدث حالياً في دارفور يشير إلى أن ما كنا نقوم به ليس عملية تفاوض سليمة وسنستخلص النتائج الضرورية ما لم يقرنوا القول بالعمل".
وأشار سنايدر إلى أن تلك النتائج المستخلصة قد تتضمن تعليق تطبيع العلاقات مع الخرطوم، "مما يشمل مجالات تتجاوز التجارة كثيرا. وعلى سبيل المثال، إن من الأمور التي ما فتئوا يسعون إليها منذ فترة طويلة الحصول على قطع أجهزة لنظام سككهم الحديدية، كالقاطرات. ولكن الأمر الأهم بكثير بالنسبة لهم هو قدرتنا على دعمهم في المنتديات العالمية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، تلك الأمور التي يمكن أن يكون لها تأثير هائل على اقتصادهم".
وقال سنايدر إن من بين العوامل الأخرى في الالتزامات التي قطعها وزير الخارجية السوداني مصطفى إسماعيل لباول بمحاربة أية ميليشيات ورفع القيود المفروضة على المساعدات الإنسانية لدارفور اتفاقية الإطار التي وقعتها حكومة السودان أخيراً مع الجنوبيين في منتجع نيفاشا الكيني.
ومضى الدبلوماسي والعقيد المتقاعد الذي ساعد في تسهيل المفاوضات إلى القول "إن نفس تلك الأدوات التي يتضمنها ذلك الاتفاق هي الأدوات التي يمكنها حل هذه المشكلة في دارفور"، مشيراً إلى أن "ما تحققه مباحثات نايفاشا بالنسبة لنا هو توفير علاقة عمل بيننا وبين السودانيين بحيث أننا عندما نطلب منهم اتخاذ إجراءات فورية في دارفور فإن ذلك لا يأتي في سياق طلبات شخص لن يعمل بشكل بناء معهم".
وأشار إلى أن اتفاقية نايفاشا توفر أيضاً إجراءات يمكن اعتمادها لوضع فريق مراقبة في دارفور للتثبت مما إذا كانت الحكومة السودانية تلتزم بتعهداتها بلجم الميليشيات. وقال: "إن إجراءات مراقبة جبال النوبة التي طُبقت في السابق في أعقاب التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار في تلك المنطقة أثبتت أن الحجم الصغير نسبياً لقوة مراقبة وقف إطلاق النار هذه التابعة للاتحاد الإفريقي في دارفور يمكن أن يعمل بنجاح أيضا."

وخلص المسؤول الأميركي إلى القول: "ستسهل نيفاشا نجاح الاتحاد الإفريقي في دارفور لأن الجميع يدركون قوانين اللعبة وكيفية عمل هذه الأمور. وقد تم تشكيل قوة المراقبة التابعة للاتحاد الإفريقي بهذه السرعة الكبيرة لكوننا قمنا بإعارتهم بعض أفراد فرق رصد حماية المدنيين والطائرات الموجودة بناء على اتفاقية نايفاشا لمساعدة الاتحاد الإفريقي في بدء علمياته، وما كنا سنستطيع القيام بذلك قبل نيفاشا".
تجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن هذا النزاع أسفر منذ اندلاعه في شباط (فبراير) من العام الماضي 2003 عن مقتل نحو عشرة الاف شخص ونزوح ما يقرب من مليون شخص لجأ أكثر من 120 الفا منهم الى تشاد، ويقول صندوق الامم المتحدة للطفولة (يونيسيف) ان ما بين 700 الف و800 الف نازح من بينهم 500 الف طفل معرضون لسوء التغذية وللاوبئة.