(أف ب)- وسط طابور طويل أمام مركز لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأنروا) في مخيم الشاطئ بمدينة غزة وقفت العجوز الفلسطينية سعدية (56 عاما) صباح يوم الجمعة منهكة تنتظر دورها لتلقي مساعدات غذائية في محاولة لمقاومة الحياة المضنية والفقيرة التي تعيشها جراء الحصار الإسرائيلي.
وتقول سعدية لوكالة الصحافة الفرنسية "اقف منذ ساعات الصباح حتى استلم الكوبون (المساعدة الغذائية) لكن لا تكفي لعائلتنا المكونة من 14 فردا غالبيتهم من الأطفال".
وتسكن سعدية في منزل صغير من الصفيح في زقاق وسط المخيم ولها بنتان طالبتان في جامعات غزة ما يزيد من عبء المصاريف اليومية.
وتتكرر حالة العجوز الفلسطينية مع عائلات كثيرة في مخيم الشاطئ الفقير جدا وهو واحد من ثماني مخيمات للاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة كانت أقامتها وكالة الغوث الدولية بعد العام 1948.
ولم ير الفلسطينيون بارقة أمل قريبة في تحسين ظروفهم الاقتصادية التي جعلت اكثر من نصف سكان قطاع غزة تحت خط الفقر بفعل إجراءات الإغلاق والحصار الإسرائيلي الخانقة.
ويعاني اكثر من 60% من سكان القطاع من حالة الفقر المدقع جراء الحصار والإغلاق الإسرائيلي المشدد منذ تسعة اشهر تقريبا، منذ بداية اندلاع الانتفاضة في أواخر أيلول (سبتمبر) الماضي، وفقا لإحصائية أعلنها مركز حقوقي فلسطيني.
وأكد المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان عضو لجنة الحقوقيين الدوليين بجنيف ان "ما يمر به الشعب الفلسطيني هو كارثة نتيجة إجراءات الاحتلال الإسرائيلي".
ومع ازدياد الوضع الاقتصادي في الأراضي الفلسطينية صعوبة وحرمان الإغلاق الإسرائيلي لآلاف العمال الفلسطينيين من الوصول إلى أعمالهم داخل إسرائيل بدعاوى أمنية يعتبرها الفلسطينيون "إجحافا بحقهم وانتهاكا لحقوق الإنسان" تصارع العجوز سعدية الظروف القاسية بلجوئها إلى منظمات اجتماعية محلية أو للانروا في محاولة لتوفير بعض من قوت يوم أطفالها كما تقول.
وقد خسر الاقتصاد الوطني الفلسطيني خمسة مليارات ومائتين وخمسين مليون دولار خلال الانتفاضة الحالية وفقا لما ذكره وزير المالية في السلطة الفلسطينية محمد زهدي النشاشيبي.
وأكد النشاشيبي في تقرير خاص أعدته الوزارة حول آثار الإغلاق والحصار الإسرائيلي على الوضع الاقتصادي الفلسطيني "ان الإجراءات الإسرائيلية تهدف إلى تدمير البنية التحتية وضرب الاقتصاد الوطني الفلسطيني ".
ودفع الوضع الاقتصادي الفلسطيني الصعب ليونيل بريسون مدير عمليات وكالة الغوث الدولية للإعلان في مؤتمر صحفي في غزة مطلع الأسبوع الحالي إلى الإعلان عن نية الانروا إطلاق "نداء استغاثة عاجل" للمجتمع الدولي في 22 حزيران (يونيو) الحالي لتغطية المساعدات التي تقدمها الانروا للأشهر الستة الباقية من السنة الحالية بحيث يكون المبلغ المطلوب اكبر بكثير من الذي تم توفيره في النداءين الأولين في (كانون الأول (ديسمبر) (40 مليون دولار) و في شهر آذار (مارس) (28 مليون) الماضيين ".
وأشار إلى ان الانروا" تقدم مساعدات تموينية ل 120 ألف عائلة في قطاع غزة ونقوم بنفس التوزيع في الضفة الغربية لحوالي 90 ألف عائلة إضافة إلى توفير أموال لبعض العائلات من خلال العمل المؤقت لبعض الأفراد".
وتحاول وكالة الغوث الدولية لتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الانروا عبر برامج المساعدات الغذائية مساعدة اللاجئين الفلسطينيين على مواجهة جزء من معاناتهم جراء الاغلاقات والحصار الإسرائيلي لكنها لم تغط سوى جزء قليل كما يقول الاقتصاديون الفلسطينيون.
ولم تستطع وزارة الشؤون الاجتماعية الفلسطينية المعنية بمتابعة شؤون ذوي الحالات المادية الصعبة والفقراء مواجهة الوضع الاقتصادي المتردي جدا حيث وزعت مساعدات غذائية محدودة على 8000 عائلة في الأشهر الثمانية الماضية كما يقول المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان .
ويجد الشاب الفلسطيني ايمن أبو العطا (35 عاما)من سكان مخيم الشاطئ نفسه في حيرة من أمره ويقول انه "عاطل عن العمل منذ بداية الانتفاضة" .
ويضيف أبو العطا ودموعه تنهمر على وجنتيه وهو يجلس أمام مقهى صغير في سوق مخيم الشاطئ "ماذا تنتظر من شاب مثلي متزوج وله طفلين ان يعمل وهو غير قادر على تحصيل لقمة العيش لأولاده، انه الحصار (الإسرائيلي) الظالم".
وعمدت وزارة العمل الفلسطينية إلى توفير فرص عمل مؤقتة تستند إلى الأموال الممنوحة. لكن سعيد المدلل مدير عام الاستخدام والتشغيل في الوزارة قال "لقد توقفت كافة برامج البطالة بسبب عدم وجود أموال وهذا ما زاد من حالة الفقر والعوز لدى فئة العمال بالتحديد".
وأشار إلى ان "ما تقدمه المنظمات الاجتماعية والانروا لا يغطي سوى نطاق ضيق جدا والمطلوب من الدول العربية والعالم مساعدة الشعب الفلسطيني على مواجهة تفشي البطالة والفقر".
يذكر ان 120 ألف عامل فلسطيني حرموا من أعمالهم داخل إسرائيل بسبب الحصار المحكم على الأراضي الفلسطينية وفقا للمدلل.
بقلم عادل الزعنون