&
إيلاف- القاهرة (خاص): تسفي مازئيل هو السفير السادس لإسرائيل في القاهرة منذ توقيع معاهدة كامب ديفيد ، وهو الآن يتأهب لمغادرة مصر خلال الأسابيع القليلة القادمة.& وفي مؤتمر صحافي عقده بالقاهرة إثر مطالبة الأحزاب والقوى المصرية قطع العلاقات مع إسرائيل وطرد سفيرها الذي أكد أن "وسائل الإعلام المصرية تلقي بالمزيد من الزيت على النار المشتعلة في هذا الاتجاه" ..
لم يكن السفير الإسرائيلي وحده الذي يهاجم الصحافة المصرية، بل شاركته زوجته هذا الهجوم. فعلى هامش المؤتمر. كان مراسل جريدة "يديعوت احرونوت" الإسرائيلية يجري مقابلة مع&& زوجة السفير ميشيل مزائيل من داخل السفارة التي لا تغادر منزلها إلا للتوجه إليها بسبب الخوف الذي يسيطر عليها . وفي ما يلي الحوار الذي دار بينهما:
ربما أكون مخطئة في مشاعري وان كل ما حولي طبيعي، لكنني أخشى على زوجي وأسرتي بالرغم من الحراسة الأمنية المشددة.
هل تغير نظام اليومي بعد اندلاع الانتفاضة وتصاعد المواجهات ؟
&بناء على تعليمات الأمن لا أغادر المنزل في بعض الأيام ، واذا خرجت يكون ذلك بمرافقة حرس مزود بجهاز لاسلكي لإبلاغ الحراس الآخرين عن خط سيرنا وموقعنا بصورة منتظمة كما ان سيارتي لا تحمل لوحة هيئة دبلوماسية ولا اي علامة مميزة، ويقتصر خروجي على الذهاب إلى "السوبرماركت" القريب من السفارة واحد باعة الكتب القديمة، وحين ارغب في لعب "البريدج" ادعو بعض الدبلوماسيين الغربيين الى المنزل، لان الاجراءات الامنية التي تحيطني تمنعني من اذهب الى منازلهم لممارسة هذه اللعبة.
هل تتلقين دعوات للمناسبات الدبلوماسية والبروتوكولية؟
&لا يحدث هذا ، باستثناء بعض السفارات الغربية ، وقد حدث مؤخراً ، على سبيل المثال ، إنني حضرت حفلا خيريا نظمته السفارة الهندية بالقاهرة وكانت تحضره السيدة (اجلال) حرم (عصمت عبد المجيد) الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية ، التي أدارت ظهرها لي وللسفير فور رؤيتنا ، وبالطبع لم تصافحنا، ولم تبتسم ، حتى المصورون المصريون اندفعوا لتصويرها وضيوفها بينما تجاهلونا نحن بشكل مهين .
وهكذا ترى أن وضعي في القاهرة مختلف عن وضع زوجة السفير المصري في تل أبيب ، قبل أن يتم استدعاؤه ، فالجميع هنا يعرفون أنني زوجة السفير ومع هذا لم تنشر صورتي في أي صحيفة مصرية في إطار تغطيتها للمناسبات التي أحضرها ، وهذا لم يكن يحدث لزوجة السفير المصري.
ماذا يضايقك هنا أيضاً غير الحراسة اللصيقة ؟
&الحراس يقتحمون حياتنا الخاصة، والأسوأ أن السلطات المصرية (كما تزعم) تتنصت علينا بشكل يثير الحنق وينتهك خصوصيتنا ، فهم يخترقون حتى الرسائل التي تصلنا بالبريد الإلكتروني ويقرؤونها قبل أن نطلع عليها عبر شبكة إنترنت ، وقد تعرضت أنا وزوجي في رومانيا لعمليات تنصت مشابهة وقد علمني زوجي السفير منذ البداية أنني إذا أردت ألا يعرفوا شيئا خلال الحوار داخل منزلي فعلى ألا أقوله ، أو أن أقوم برفع صوت الراديو بشكل عال للتشويش على الحوار، ويزعجنى بالاضافة لهذا قام شخص مجهول ذات ليلة بالاتصال على الرقم السرى الخاص بالسفير في الثانية بعد منتصف الليل لكى يوقظنا ويسبنا ويهددنا.
هل هناك أماكن لا تدخلينها في مصر؟
&نعم هناك أماكن معينة أعلم أنه من الأفضل ألا أحاول دخولها ، فمثلاً رأيت في حى المعادى الذي نقيم به صيدلية تعلق لافتة على مدخلها تحظر دخول الكلاب والحشرات والاسرائيليين. وهى اللافتة التي تقدم بسببها السفير لوزارة الخارجية باحتجاج رسمى وتم رفع اللافتة، لكن سرعان ما وضعت لافتة أخرى مطابقة لها في اليوم التالي في المكان نفسه. بالاضافة لهذا هناك مقهى للإنترنت يضع عبارات سباب باللغة الإنجليزية للإسرائيليين.
فضلاً عن لعب البريدج ماذا تفعلين في المنزل؟
أنا أحب القصص البوليسية الغامضة وقد كتبت ثلاثة كتب من هذا النوع احدثها تحت عنوان: (ألعاب الخيانة في أكتوبر) وقد نشر في أوروبا وهو يدور حول فتاة اسرائيلية تتعاون مع شاب فلسطيني لكشف حادثة قتل غامضة! وتدور الأحداث في تل ابيب والقدس وأراضي الحكم الذاتى، وبالطبع لم أنسج قصة حب بين الجانبين لأنني أرى أنها غير ممكنة.
ألم تحاولي الاندماج مع المجتمع المصري ؟
&أعترف في البداية أن المصريين مهذبون للغاية ، وكان من المفترض نظريا ان يكون اندماجي أكثر سهولة فاسرائيل قريبة من مصر من حيث المسافة والطقس والأطعمة وغيرها ، ومع هذا كان على أن أجد طرقا لكي أصمد ولا أهرب فلا يوجد أحد يسمح لي بأن اقترب منه فعلى مدار أربع سنوات حاولت أن أتعلم اللغة العربية على يد مدرس أو مدرسة وبالفعل طلبت من ثلاث مدرسات أن يعطوني دروسا وعرضت عليهن رواتب كبيرة، لكن المدرسات تراجعن فور علمهن بحقيقة شخصيتي فتحججت الأولى بان زوجها رفض، بينما قالت لي الثانية أن والدتها مريضة وستتولى رعايتها في حين قالت لي الثالثة: ابنتي ستتزوج بعد شهور وسأكون مشغولة جداً في ترتيبات الزفاف ، وعندئذ استسلمت وفهمت أن أحداً لا يرغب بمساعدتي .. والآن أعرف بعض العبارات باللغة العربية، لكني لا أستطيع القراءة والكتابة باللغة العربية .
كذلك كنت أمارس بعض التمرينات الرياضية مع مصريات وكنت أقدم نفسي باسمي الشخصي فقط لأسباب أمنية، لكن بعد اندلاع الانتفاضة عرفن حقيقة شخصيتي وأبلغنني بلهجة حاسمة أن أزواجهن يرفضون أي علاقة معي ، وأنا لم أحضر لمصر لمحاربة طواحين الهواء، وفى الحفلات أقدم نفسي تحت اسم (مدام ميشيل) فقط حتى يتم تجاوز (الأزمة).
عملت مع زوجك من قبل في مصر فهل هناك فرق بين الماضي والحاضر؟
&زوجي السفير جاء مصر منذ اثنين وعشرين عاما وكان وقتها يشغل منصب (المستشار السياسي) للسفير (الياهو بن اليسار) وكانت تلك فترة أحلام وآمال عريضة، ولكن كانت هناك مشاكل أيضا، فقد هاجمت الصحافة المصرية اتفاقية كامب ديفيد بضراوة وخلقت جوا سلبياً حاصرنا في كل مكان ، أعتقدنا وقتها أن تلك الهجمات ستخمد بمرور الوقت وهو ما لم يحدث حتى الآن ، بل حدث العكس ، ولم نتقدم للأمام خطوة واحدة طوال تلك السنوات ، فالمصريون يعرقلون أى جهد يسعى للتعاون بين الجانبين. وقد حاولنا حتى المحافظة على صداقات وعلاقات لنا في فترة خدمتنا الاولى بمصر لكن الأغلبية رفضت حتى التواجد معنا في مكان عام أو في منزلنا مع اعتذار تام عن فكرة دعوتنا لمنزلهم. لدرجة ان السفير توجه لأحد أطباء الأسنان وفوجئ باعتذاره في المرة التالية بحجة انه تعرض لتهديدات من مجهولين ، واذكر أنه حتى سفارات الدول الصديقة لإسرائيل لا تدعونا لحفلاتها الا في أضيق الحدود حتى لا تغضب المصريين وتخسر حضورهم ، وذات مرة صافحني السفير الايرانى ، لكن بعد معرفته بشخصيتي ضحك بشدة وضرب كفاً بكف وابتعد على الفور، ومن المواقف المحرجة حالياً أنني أدعو كثيرين ولا يحضر سوى أعداد قليلة لحفلات السفارة ، ومعظمهم من الأمريكيين والأوربيين ، وبالتالي تظهر طاولات كثيرة خالية، وقد تغلبت على هذا بتنظيم الحفل على طريقة (البوفية المفتوح) .
واختتمت زوجة السفير حوارها بقولها: أتوق بشدة لترك مصر ، أو تغيير مكان عمل زوجي الدبلوماسي إلى بلد آخر يعاملنا بطريقة أكثر لطفاً أو حتى بشكل عادي ، فلا يفرون منا كما لو كنا نحمل مرضاً معدياً ، لقد تعبت من الوحدة والتجاهل والإهانة طيلة 22 عاماً ، إنها مأساة .