باريس ـ من صبحي حديدي: قامت مفرزة تابعة للمخابرات العسكرية السورية باعتقال المحامي رياض الترك، الأمين الأول للحزب الشيوعي السوري ـ المكتب السياسي، بعد ظهر السبت الماضي، أثناء تواجده في عيادة الطبيب وائل بيطار في مدينة طرطوس الساحلية. وكان الترك يعاني من ارتفاع حادّ في السكري بلغ نسبة 190، تسبّب في إصابة يده اليمنى بشلل جزئي ناجم عن نقص تروية زائل. ونُقل الترك إلى جهة ما تزال مجهولة حتى الآن، ولم تتمكن أسرته من معرفة مكان اعتقاله ولا طبيعة التهمة الموجهة إليه.
وعلمت "القدس العربي" أنّ قراراً باعتقال رياض الترك كان قد اتُخذ في اجتماع للقيادة القطرية لحزب البعث الحاكم عُقد قبل أيّام، وذلك بتهمة "التعدّي على شخص رئيس الجمهورية"، الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد. وكان الترك قد ظهر على شاشة قناة "الجزيرة" القطرية، في برنامج "بلا حدود"، وقال إنّ "عشرين سنة من الإضطهاد في سورية، بمختلف الأشكال، جعلت بلدنا يعيش في كارثة وطنية" هذه حقيقة. الآن مات الديكتاتور وجاء عهد جديد. هل علينا أن نفتح هذا الماضي بهذا الشكل؟ هذا سؤال يطرحه الناس، يريدون الخلاص من الإستبداد، الناس يتطلعون إلى حياة أفضل، وأعتقد أن مراكز القوى هي العنصر المعيق في هذه العملية.
لكنّ الترك، في البرنامج ذاته، قال إنّ "مجتمعنا يمكن أن يتسامح إذا جرت مصالحة وطنية" فهل من الأفضل لنا أن تبقى الجراح عميقة ولا نستطيع أن ندملها؟ مسؤولية دمل هذه الجراح متوقفة على الرئيس بشار الأسد ودعاة الإصلاح إذا كانوا صادقين. كذلك اعتبر الترك أنّ مراكز القوى ضعيفة سياسياً ، رغم أنها مدججة بترسانة من السلاح، وخبرة في تفرقة الصفوف، وأموال نهبوها من الشعب. ولا ينفي بعض المراقبين أن يكون اعتقال الترك فصلاً جديداً في مسلسل الصراع بين مختلف أطراف السلطة، خصوصاً تلك التي ترفض التغيير وتلك التي تشجّع عليه حتى وإنْ بشكل محدود. ويستند المراقبون هؤلاء إلى حقيقة "سكوت" السلطة عن المحاضرة التي ألقاها الترك في "منتدى جمال الأتاسي" في دمشق، وحضرها أكثر من&500 شخص غصّ بهم بيت الراحل الدكتور جمال الأتاسي في منطقة المزة وفي هذه المحاضرة كان الترك قد انتقد بشدّة عهد الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، وتساءل عمّا إذا كان الرئيس الحالي بشار الأسد "قد استلم منصباً ولم يستلم سلطة"، واعتبر أنّ المطلوب اليوم في سورية هو الإنتقال من طور الإستبداد إلى طور الديمقراطية.
وكان مسؤولون ادلوا بتصريحات أوضحوا فيها أنّ رياض الترك ليس ممنوعاً من السفر، ويستطيع مغادرة سورية متى شاء. لكنّ معلومات لاحقة أفادت أنّ شعبة الأمن السياسي أصدرت برقية معاكسة بمنع الترك من السفر، وذلك بعد يوم واحد على مداخلته في برنامج "بلا حدود" ويتساءل أصحاب الرأي القائل بوجود صراع بين أجنحة السلطة عن السبب الذي جعل السلطة تسكت عن محاضرة الترك ثم تمنعه من السفر بعدها مباشرة، وتتخذ قراراً باعتقاله بعد مرور أكثر من عشرة أيام على تصريحاته في قناة "الجزيرة" ثمّ تتأخر في تنفيذ القرار.
مراقبون آخرون يفسّرون هذا التضارب بالقول إنّ رياض الترك ليس شخصاً عادياً لكي يتمّ اعتقاله بسهولة، إذ أنه احتلّ سريعاً موقع الشخصية المعارضة الأهمّ في المرحلة الإنتقالية بين عهدي حافظ الأسد وبشار الأسد، وفي المرحلة الراهنة. ولُقّب الترك بـ "نلسون مانديلا سورية" بسبب سجنه في زنزانة منفردة طيلة 17 عاماً، واكتسب صفة المعارض الشجاع حين جاهر بآراء غير مسبوقة حول أوضاع البلاد السياسية والإقتصادية والإجتماعية والحقوقية. وكان قد اعتبر، في مقال نشرته "القدس العربي"، أنّ سورية لا يمكن أن تظلّ "جمهورية خوف"، كما كان أوّل من رفض علانية انتخاب بشار الأسد، وقال في حديث نشرته صحيفة "لوموند" الفرنسية، إنّ الأمر "مسخرة" في نظره.
وكان الترك 71 عاما، الذي اعتُقل سابقاً لمدّة ثلاث سنوات في عهد الوحدة السورية ـ المصرية، قد قاد حركة تجديد في الحزب الشيوعي السوري ضدّ العقلية الستالينية التي كان يمثلها خالد بكداش، داعياً إلى الديمقراطية في حياة الحزب الداخلية، وإلى انفتاح الشيوعيين على القضايا القومية "فلسطين والوحدة العربية" واتخاذ مواقف نابعة من الضرورات الوطنية حتى إذا كانت هذه تتناقض مع الخطّ الرسمي الذي يعتمده الإتحاد السوفييتي أو الكومنترن. وقد أسفرت الخلافات داخل الحزب عن انشقاق مجموعة رياض الترك، التي كانت تتمتع بأغلبية أعضاء اللجنة المركزية والمكتب السياسي، ومن هنا التسمية التي تميّز بها حزب رياض الترك عن الجناحين الآخرين اللذين تزعمهما خالد بكداش ويوسف فيصل. (عن "القدس العربي" اللندنية)
وعلمت "القدس العربي" أنّ قراراً باعتقال رياض الترك كان قد اتُخذ في اجتماع للقيادة القطرية لحزب البعث الحاكم عُقد قبل أيّام، وذلك بتهمة "التعدّي على شخص رئيس الجمهورية"، الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد. وكان الترك قد ظهر على شاشة قناة "الجزيرة" القطرية، في برنامج "بلا حدود"، وقال إنّ "عشرين سنة من الإضطهاد في سورية، بمختلف الأشكال، جعلت بلدنا يعيش في كارثة وطنية" هذه حقيقة. الآن مات الديكتاتور وجاء عهد جديد. هل علينا أن نفتح هذا الماضي بهذا الشكل؟ هذا سؤال يطرحه الناس، يريدون الخلاص من الإستبداد، الناس يتطلعون إلى حياة أفضل، وأعتقد أن مراكز القوى هي العنصر المعيق في هذه العملية.
لكنّ الترك، في البرنامج ذاته، قال إنّ "مجتمعنا يمكن أن يتسامح إذا جرت مصالحة وطنية" فهل من الأفضل لنا أن تبقى الجراح عميقة ولا نستطيع أن ندملها؟ مسؤولية دمل هذه الجراح متوقفة على الرئيس بشار الأسد ودعاة الإصلاح إذا كانوا صادقين. كذلك اعتبر الترك أنّ مراكز القوى ضعيفة سياسياً ، رغم أنها مدججة بترسانة من السلاح، وخبرة في تفرقة الصفوف، وأموال نهبوها من الشعب. ولا ينفي بعض المراقبين أن يكون اعتقال الترك فصلاً جديداً في مسلسل الصراع بين مختلف أطراف السلطة، خصوصاً تلك التي ترفض التغيير وتلك التي تشجّع عليه حتى وإنْ بشكل محدود. ويستند المراقبون هؤلاء إلى حقيقة "سكوت" السلطة عن المحاضرة التي ألقاها الترك في "منتدى جمال الأتاسي" في دمشق، وحضرها أكثر من&500 شخص غصّ بهم بيت الراحل الدكتور جمال الأتاسي في منطقة المزة وفي هذه المحاضرة كان الترك قد انتقد بشدّة عهد الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، وتساءل عمّا إذا كان الرئيس الحالي بشار الأسد "قد استلم منصباً ولم يستلم سلطة"، واعتبر أنّ المطلوب اليوم في سورية هو الإنتقال من طور الإستبداد إلى طور الديمقراطية.
وكان مسؤولون ادلوا بتصريحات أوضحوا فيها أنّ رياض الترك ليس ممنوعاً من السفر، ويستطيع مغادرة سورية متى شاء. لكنّ معلومات لاحقة أفادت أنّ شعبة الأمن السياسي أصدرت برقية معاكسة بمنع الترك من السفر، وذلك بعد يوم واحد على مداخلته في برنامج "بلا حدود" ويتساءل أصحاب الرأي القائل بوجود صراع بين أجنحة السلطة عن السبب الذي جعل السلطة تسكت عن محاضرة الترك ثم تمنعه من السفر بعدها مباشرة، وتتخذ قراراً باعتقاله بعد مرور أكثر من عشرة أيام على تصريحاته في قناة "الجزيرة" ثمّ تتأخر في تنفيذ القرار.
مراقبون آخرون يفسّرون هذا التضارب بالقول إنّ رياض الترك ليس شخصاً عادياً لكي يتمّ اعتقاله بسهولة، إذ أنه احتلّ سريعاً موقع الشخصية المعارضة الأهمّ في المرحلة الإنتقالية بين عهدي حافظ الأسد وبشار الأسد، وفي المرحلة الراهنة. ولُقّب الترك بـ "نلسون مانديلا سورية" بسبب سجنه في زنزانة منفردة طيلة 17 عاماً، واكتسب صفة المعارض الشجاع حين جاهر بآراء غير مسبوقة حول أوضاع البلاد السياسية والإقتصادية والإجتماعية والحقوقية. وكان قد اعتبر، في مقال نشرته "القدس العربي"، أنّ سورية لا يمكن أن تظلّ "جمهورية خوف"، كما كان أوّل من رفض علانية انتخاب بشار الأسد، وقال في حديث نشرته صحيفة "لوموند" الفرنسية، إنّ الأمر "مسخرة" في نظره.
وكان الترك 71 عاما، الذي اعتُقل سابقاً لمدّة ثلاث سنوات في عهد الوحدة السورية ـ المصرية، قد قاد حركة تجديد في الحزب الشيوعي السوري ضدّ العقلية الستالينية التي كان يمثلها خالد بكداش، داعياً إلى الديمقراطية في حياة الحزب الداخلية، وإلى انفتاح الشيوعيين على القضايا القومية "فلسطين والوحدة العربية" واتخاذ مواقف نابعة من الضرورات الوطنية حتى إذا كانت هذه تتناقض مع الخطّ الرسمي الذي يعتمده الإتحاد السوفييتي أو الكومنترن. وقد أسفرت الخلافات داخل الحزب عن انشقاق مجموعة رياض الترك، التي كانت تتمتع بأغلبية أعضاء اللجنة المركزية والمكتب السياسي، ومن هنا التسمية التي تميّز بها حزب رياض الترك عن الجناحين الآخرين اللذين تزعمهما خالد بكداش ويوسف فيصل. (عن "القدس العربي" اللندنية)
التعليقات