الدجيل: هي تلك القرية التي هجمت عليها وحوش الطاغية صدام ذات يوم قبل عشرين سنة لتفتك بالناس الأبرياء تحت ذريعة أن موكب الرئيس المجاهد قد تعرض لإطلاق نار من بعض المواطنين الناقمين على سياسته التي أدخلت الشعب العراقي في حروب لانهاية لها، أفقرت الشعب وأخرت تطوره، واستنزفت ثرواته، وقتلت أبناءه، دون أن يكون لتلك الحروب أهداف سامية أو وطنية تستحق القتال من أجلها. وقد تم قتل الكثير من أبناء تلك القرية وتعذيب الكثير من أهلها، وتجريف البساتين التي لا ذنب لها سوى أنها تنبت الرمان والعنب.

والدجل: هو ذلك الدفاع عن المجرمين من قبل محامين عرب تعودوا أن يركعوا أمام الدينار والعصا.

ودفاع أولئك الأوغاد عن جرائم الطغاة يقول : أن ما تم من تعذيب وقتل لأهل الدجيل وتجريف لبساتينهم وتشريد لسكان القرية، هو بسبب ما تعرض له موكب الرئيس المجاهد من اعتداء وإطلاق رصاص قام به بعض الأشخاص. وربما أنه قد تم عمل مسرحية إطلاق الرصاص ضد موكب صدام حسين من قبل عصابة المخابرات بعلم الرئيس أو بدون علمه كي يجدوا العذر لهدم البيوت وقتل الأبرياء وتجريف البساتين وتشريد الناس عن أرضهم كعادة كل الطغاة في كل مكان، الذين لايرون في المواطن إلا العدو الذي يجب أن تتآمر ضده الأجهزة الأمنية والمخابراتية لإخضاعه وإذلاله وسحقه وخلق المؤامرات ضده من وقت لآخر كي يبقى مشغولا بهمومه ومخاوفه حتى لايفكر في أن يكون أنسانا له كرامة وحضارة وعزة وحرية !

لكننا لو صدقنا حكاية النظام أن أشخاصا في قرية الدجيل قاموا بإطلاق الرصاص على السيد الرئيس، فهل يجوز للنظام أن ينتقم من قرية بأكملها بسبب إطلاق رصاص لم يصب الرئيس بأذى ؟!

ألم يخبرنا الله بأنه (لاتزر وازرة وزر أخرى ) ؟!

في الثمانينات الميلادية من القرن العشرين، كنت في أمريكا أشاهد على الهواء مباشرة إطلاق رصاص على الرئيس الأمريكي رونالد ريقن من شاب أمريكي، حينها سقط الرئيس الأمريكي وتم حمله إلى المستشفى، واتضح أن الرصاص قد اخترق جسد الرئيس على بعد اثنين من الانشات عن القلب، وبالرغم من أهمية الحدث الذي هز العالم كله وليس أمريكا فقط، إلا أننا لم نشهد تحركا عسكريا للجيش الأمريكي يتجه إلى مدينة مرتكب الجريمة الذي لم يشتك من ظلم الرئيس وليس بينه وبين الرئيس أية قضية، ولم نسمع أنه قد تم اعتقال أسرة المجرم ولا أي من أقاربه، بل أن ذلك المجرم الذي حاول قتل الرئيس الأمريكي، قد تم سجنه بضع سنوات وخرج بعد ذلك حرا طليقا، حيث أن يد العدالة وجدت تبريرا لجريمته ضد رئيس أعظم دولة في التاريخ باعتباره مريضا نفسيا، ولم تلجأ يد العدالة للبحث عن تبريرات وقرائن كي تثبت أن المجرم كان متعمدا في محاولته قتل الرئيس.

وخرج الرئيس الأمريكي بعد أيام سليما يمارس دور الرئيس، ولم يسأل عما حدث لمن حاول قتله، كون الرئيس والمجرم يخضعان لقانون قضائي واحد، لا يحق للرئيس في ظل القضاء العادل أن يشعر بأنه فوق القانون حتى وان كان خصمه مجرما حاول أن يقتل الرئيس دون سبب.

أما التدجيل : فهو كل محاولة بائسة من المحامين والمرتزقة و تجار الإعلام التدجيلي الذين يحاولون جميعا أن يحققوا مكاسب دعائية لأنفسهم ولوسائلهم الإعلامية على حساب الضحايا الأبرياء وأسرهم الذين دفعوا كل تلك الأثمان الباهضة أملا في التحرر من استبداد الطغاة كعادة كل الأحرار الشرفاء على مر التاريخ الذين رفضوا الظلم والجور والاستبداد والعبودية.

والدجى : هو دجى الظلمة الذي لم يكن يعتقد أحد من الطغاة وأعوانهم، أنه بعد أكثر من عشرين سنة سوف يأتي النور الذي يبدد ذلك الدجى ليكشف عن الزيف ويفضح المتآمرون ضد الإنسان.

قتل النظام الظالم الكثير من أهل الدجيل وعذب الكثير، لكن المقتولين ذهبوا شهداء في جنة الرب، ودماءهم الزكية كانت سببا لهزيمة الطاغية ونظامه في كل الحروب التي دخلها غازيا وخرج منها مهزوما خازيا، وتلك الدماء كانت التبرير القوي لإحالة النظام وأعوانه وطغاته إلى قانون العدالة الجديد الذي سوف يحيل أولئك القتلة الظالمين إلى ساحة القصاص ومنها إلى نار جهنم.

كان الطاغية صدام ونظامه الفاسد يمارسون أبشع أنواع الظلم في حق الشعب العراقي، وبدلا من أن يبنوا جامعات ومستشفيات ومدارس ويغدقوا على الشعب من أموال ثروات أرضه، اتجه ذلك النظام الفاسد إلى القمع والاستبداد وإثارة النعرات والطائفية وتهجير الناس من مدنهم وتوطين بعض المواطنين في أماكن ليست لهم، وتجفيف المياه، وتجريف البساتين، وقتل وتعذيب كل نفس حرة ترفض الضيم وتنشد الحرية.

لكن الطغاة.. حين يبطشون ويشاهدون الناس وقد خضعوا لبطشهم وكيدهم، يعتقدون أنهم قد وصلوا إلى قدرة الله وقوته فيزدادون بطشا وظلما وهم اضعف مما يتخيل الخائفون حتى ينطبق عليهم قول الله ( ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين )حينها يعود المكر خنجرا مسمومة في صدور الماكرين الذين يعادون في الإنسان براءته وفطرته ونزعته أن يكون أنسانا، بينما يريد الطغاة أن يجعلوا منه مسخا أو على الأقل.. عبدا !

بل أن المؤكد وهي حقيقة يجب أن يعيها كل مظلوم، أن شعب العراق كان يشعر أن ساعة سقوط الطاغية ونظامه الفاسد قد حانت كلما ازداد طغيان الطاغية، وكثرت مؤامراته ضد شعبه، و ازداد الفساد انتشارا.

والآن : الطغاة في قفص المحكمة كالفئران، يشاهدهم العالم أجمع ويضحك عليهم ويتف في وجوههم وفي وجوه من يقف مدافعا عنهم، لأنهم لم يكونوا قادة حقيقيين، وإنما كانوا لصوصا يسرقون أموال الشعب، ويقتلون أبناءه، ويحتقرون كل شعور أدمي.

ويل للطغاة، ويل للطغاة، ويل للطغاة!!

سالم اليامي

[email protected]