طالعتنا صحيفة ايلاف الالكترونية بخبر طريف مفاده أن الاخوان المسلمين يتهمون واشنطن بالهيمنة على دارفور..( ايلاف الخميس 7 سبتمبر) ، و الخبر حقا غريب، فبدلا من محاولة بحث أزمة دارفور بطريقة علمية و موضوعية، اذا كان الاخوان حقا يهمهم أمر دارفور، سارع الاخوان باثارة موجة العداء لأمريكا من أجل تهييج و حشد الرأى العام العربى ....
و الخبر ndash; الذى يورد تعليقات الاخوان على لسان مرشدهم العام - للأسف لا يتوقف عند الاعتراض على أمريكا ، بل يتعداه لتحليل أزمة دارفور بطريقة لا علاقة لها بالأمانة العلمية فى النقل ولا حتى أبسط المبادىء المفترضة فى أى معلق مبتدىء، فما بالنا بتيار سياسى يسعى للاستيلاء على الحكم باسم الدين.
ذكر السيد المرشد العام ، كما ورد فى هذا الخبر quot;في اقليم دارفور السوداني فقد جرى تصوير الوضع على انه حرب ابادة ضد القبائل الافريقية من جانب الحكومة السودانية والقبائل العربية وتضخيم بعض الحوادث الفردية والضرب على وتر الابادة العرقيةquot;. وقال quot;يساهم في هذه الحملة المزيفة اعلام دولي مخادع منحاز لا تعنيه
الحقيقة ولا يهتم بهاquot;..
العبارة ما هى الا مجموعة من الكذبات، أطلقها صاحب الجلالة المرشد العام، الواحدة تلو الأخرى، لغرض ليس بحميد، معتبرا أنه بذلك يعطى دورا لجماعته فى أحداث دارفور..
تطوع سيادته بالادلاء بدلوه فى كارثة انسانية رهيبة ..، ربما فاقت أثارها ما حدث فى راوندا منذ أكثر من عشرة سنوات، و بدلا من أن يتفضل بابداء رأى يجعلنا ننقل جماعته من موقع الجماعات الارهابية السياسية الى جماعة سياسية فقط، أتحفنا المرشد بتعليق أقل ما يوصف به أنه تعليق مهين مبنى على أكاذيب لتضليل الرأى العام، أهان فيه سيادته كل الذين أضيروا من أحداث دارفور، أهانهم و أهان مشاعرهم و أهان قضيتهم ..
تطوع صاحب الجلالة - المرشد العام - هنا بالتهوين من أحداث دارفور ووصفها بأنها اعتداءات فردية تم تضخيمها..، و بالطبع لن أضيع الوقت و المجهود فى التعليق عليه، فقضية دارفور أكبر كثيرا من شخصه هو و جماعته، لكننى سأتوجه بسؤال للقارىء أراه يغنينا عن التعليق: بماذا تسمى الشخص الذى يصف تهجير و تشريد مليونين من البشر و معهم مائتى ألف قتيل بأنه quot;بعض الحوادث الفرديةquot;؟ هل هذا شخص يحترم النفس الانسانية؟ هل هذا شخص يؤتمن على أى حرف يقول؟ هل التيار السياسى الذى يقوده مثل هذا الشخص يؤتمن على حكم أى دولة؟
انه أمر مثير للحزن أن يتجرأ مخلوق على وجه الأرض أن يصف هذه الكارثة الانسانية المروعة بأنها quot;تضخيم بعض الحوادث الفرديةquot; .. بدلا من أن يعلن المرشد العام عن حملة تبرعات لأبناء دارفور بالتضامن مع لجان و هيئات الاغاثة الدولية لانقاذ ما يمكن انقاذه ،، انتهز سيادته الفرصة ليحول الأزمة لصراع أيديولوجى ينفث فيه كراهيته لأمريكا..، و يمهد لحشد البسطاء لتحويل الأزمة من قضية ابادة منظمة الى تدخل أمريكى فى شئون بلد عربى، فسيادته لا يعنيه القتلى و الجرحى و المغتصبات و المرضى و الأرامل و الأيتام و المشردين و المنكوبين ، كلهم لا قيمة لهم عند مرشد الأخلاق و المبادىء أعلى رأس فى تيار الاسلام السياسى , الشىء الوحيد الذى له قيمة عنده هو احراج الحكومة المصرية و حصد مكاسب سياسية لجماعته و حشد البسطاء بأى وسيلة ..
كما قال سيادته عبارة طظ الشهيرة ليعلن عن قبمة مصر الحقيقية لديه، أعطى سيادته أبناء دارفور طظ أخرى غير مباشرة، عندما وصف المجازر و الابادة المنظمة التى يتعرضون لها بأنها حوادث فردية ..
تصريح السيد المرشد ما هو الا تواطؤ للاخوان مع المسئولين عن مذابح دارفور، ولعله يمثل مقدمة لحملة اعلامية غير أخلاقية للتهوين من ألام وأحزان ملايين من البشر يتعرضون لأهوال تفوق الوصف ..، و هو تواطؤ ينقل أكبر جماعة للاسلام السياسى فى العالم اليوم من مجرد معلق عديم القيمة الى مشارك فعال فى انتهاكات دارفور، و يجعلهم يتحملون جزءا من المسئولية عن هذه الكارثة الانسانية..بتضليلهم للرأى العام العربى و صرف انتباهه بعيدا عن هذه المجازر المروعة ..
عندما يتواطأ شخص مع مجرم فى حادث قتل ضحيته فرد واحد ، سواء بتقديم عون مادى أو معنوى لمساعدة المجرم فى تنفيذ جريمته، يعاقب القانون فى أغلب دول العالم المتواطىء على تواطؤه لتنفيذ الجريمة، فكبف يكون الأمر فى كارثة انسانية راح ضحيتها ndash; حتى الآن - مائتى ألف قتيل و اثنين مليون مشرد و رقم لا حصر له من الجرحى و المرضى والمغتصبات والمشوهين .. الخ ؟ كما لو كان تاريخ الاخوان خالى من الجرائم حتى يضيفوا الى سجلهم جرائم أخرى ..
حقا ، انهم الاخوان و عشقهم للسلطة والدماء، على استعداد لذبح أى شخص مادام هذا سيساعدهم على الحشد و التعبئة و التهييج .. و الظهور بمظهر المدافع الأول عن تراب الأمة ..، وطظ فى المبادىء، وطظ فى الأخلاق، وطظ فى مصر ، وطظ فى أبناء دارفور ...