عودتنا ((إيلاف)) على أن تكون ليس فقط السباقة في تسويق الخبر، وإنما تعتمد مصداقية الأخبار التي تنشرها، وما أثار الأستغراب الخبر التالي الذي نشرته ايلاف اليوم 23/9 : quot;أسامة مهدي من لندن : أكد مصدر قضائي مقرب من المحكمة الجنائية العراقية العليا ان قاضي محكمة الأنفال التي تنظر في اتهام الرئيس المخلوع صدام حسين وستة من كبار مساعديه السابقين بارتكام مجازر جماعية ضد الاكراد ليس قاضيا ولم يمارس هذه المهنة من قبل وتم اختياره على عجل للتخلص من القاضي السابق عبد الله العامري..quot;.
ووفق هذه المعلومة والعنوان الذي نشر في إيلاف يكون السيد محمد عريبي مجيد الخليفة ليس قاضياً على حد زعم الخبر. تتألف المحكمة الجنائية العراقية العليا من هيئة تمييزية ومن محاكم جنايات متعددة ومن قضاة للتحقيق أضافة الى هيئة الأدعاء العام.
وآلية العمل في هذه المحكمة يكون المرشح لشغل وظيفة القاضي في الهيئة التمييزية أو محاكم الجنايات أو قضاة التحقيق والمدعين العامين من المستمرين بالخدمة، وكما يجوز أن يتم ترشيح قضاة وأعضاء ادعاء عام متقاعدون دون التقيد بشرط العمر الذي يستوجبه قانون التنظيم القضائي، كما يمكن ترشيح محامون عراقيون يتمتعون بالكفاءة والخبرة العالية ومن ذوي الصلاحية المطلقة في العمل وفقاً لقانون المحاماة (على أن تكون لهم خدمة قضائية أو قانونية لاتقل عن خمسة عشر سنة).
ويقوم مجلس القضاء الأعلى وهو أعلى هيئة قضائية في العراق بترشيح جميع القضاة وأعضاء الأدعاء العام للعمل في هذه المحكمة، حيث تتم مفاتحة مجلس الوزراء الذي يرفع الأمر الى مجلس رئاسة الجمهورية لأصدار المرسوم الجمهوري بذلك، ويكون القاضي والمدعي العام المعين في هذه المحكمة من الصنف الأول.
ويحق لمجلس الرئاسة بناء على أقتراح من مجلس الوزراء نقل أي قاض أو مدع عام من المحكمة الجنائية العراقية العليا الى مجلس القضاء الأعلى (لأي سبب كان).
ومن الجدير بالذكر أن القضاة والمدعون العامون في هذه المحكمة يتم نقلهم الى مجلس القضاء الأعلى لتنسيبهم للعمل في المحاكم المدنية والجنائية حسب طبيعة عمل كل منهم وحسب حاجة المحاكم، كما يتم احالة من يكمل السن القانونية منهم على التقاعد.
ونصت المادة السابعة من القانون على مهام رئيس المحكمة حيث يكون حكماً رئيساً لجلسات الهيئة التمييزية بالأضافة الى تسميتة قضاة محاكم الجنايات الأصليين والأحتياط، كما يقوم بتسمية أي من القضاة لمحكمة الجنايات في حالة الغياب، كما يقوم بتسمية الناطق الرسمي بأسم المحكمة من بين القضاة وأعضاء الأدعاء العام، وحدد له القانون أعمالاً أخرى.
كما حددت قواعد الاجراءات وجمع الادلة الخاصة بالمحكمة الجنائية العراقية، ضمن الفقرة (ثالثاً) من القاعدة (9) من انه أذا تعذر على قاضي الجنايات في قضية ما الأستمرار في المحاكمة لأي سبب كان، فلرئيس المحكمة حسب مقتضى الضرورة تنسيب قاض من القضاة للنظر في تلك القضية.
كما أشار الخبر المنشور على صفحة إيلاف الى ان خليفة ليس عضوا في المحكمة الجنائية كما انه لم يعمل قاضيا في أي وقت سابق وانما كان محاميا ثم حاكم تحقيق وليست له خبرة في ترؤس المحاكم وخاصة في محكمة مهمة كهذه التي تنظر في قضية خطيرة لها امتدادات دولية وتتعلق بارواح عشرات الالاف من الضحايا الاكراد.
ومع كل هذا التناقض الواضح في الخبر الذي يقول بأن السيد خليفة لم يكن قاضياً، بينما عاد في الجزء الثاني ليقول انه لم يكن قاضياً ولا عضوا في المحكمة الجنائية وأنما كان محاميا وعمل كحاكم للتحقيق (قاضي تحقيق).
وللعلم أن السيد محمد عريبي مجيد الخليفة عمل قاضياً وتنقل في العمل بين المدن العراقية وخبر العمل الجنائي من خلال عملة كقاضي للتحقيق، حتى تم تنسيبه للعمل ضمن المحكمة الجنائية العراقية العليا، وبعد إن تم نقل زميله القاضي عبد الله العامري الذي تمت أعادته الى مجلس القضاء العراقي وأنهاء علاقته بالمحكمة الجنائية العراقية العليا، فتقرر تكليفه من قبل رئيس المحكمة برئاسة محكمة الجنايات الثانية الخاصة بجرائم الأنفال، وفي هذا الحال لايحتاج القاضي خليفة الى مرسوم جمهوري ولا أمر من مجلس الوزراء ولامن مجلس القضاء الاعلى، ليمارس عمله الأعتيادي والتكليف المناط به، وليس صحيحاً ما تم نشره زعما انه لم يعمل بصفة قاضي سابقاً وتم استدعاءه على عجل وتم اختياره على عجل للتخلص من القاضي السابق عبد الله العامري كما يقول الخبر، لأن حاكم التحقيق هي التسمية القديمة لقاضي التحقيق، ولايوجد تخصص في العمل القضائي في العراق، حيث إن القضاة يعملون في جميع أنواع القضاء الجنائي والمدني والشرعي.
كما إن محكمة الجنايات لاتبقى سائبة أذا صدرت الأوامر بنقل رئيسها، وأنما يتم تنسيب قاض لرئاستها وعلى الأقل مؤقتا ريثما يتم تنسيب احد قضاتها للرئاسة لأدارة جلسات المحاكمة، ومنذ الجلسة الأولى أظهر القاضي الخليفة حزماً ومهارة في تطبيق أحكام قانون اصول المحاكمات الجزائية وقواعد الأجراءات وجمع الادلة الخاصة بالمحكمة بحق المتهم صدام حيث تم اخراجه من قاعة المحكمة لاخلاله بنظام الجلسة، كما قام بمنع تابعه المتهم سلطان هاشم من مغادرة قفص الاتهام حيث كان المتهم يعتقد إن بامكانه الخروج والدخول متى ما يشاء، وهذا التطبيق السليم لأحكام النصوص القانونية بادرة تبشر بالخير من اجل ضبط المحكمة وأدارتها وفقاً للقانون.
وتبقى العبرة في ادارة جلسات المحاكمة وضبطها والسيطرة على المتهمين داخل قاعة المحكمة، بالاضافة الى سيطرته على وكلاء الخصوم اذا خرجوا عن موضوع القضية، وتبقى العبرة أيضاً في قدرة القاضي على استخلاص الحقيقة وصواب التنسيب القانوني للنصوص التي يجدها متناسبة مع الفعل الجرمي، وكفاية الأدلة من عدمها أو عدم كفايتها وبالتالي امكانياته في كتابة قرار الأدانة وصواب قرار الحكم المطابق للقانون والذي تتم المصادقة عليه من قبل الهيئة التمييزية في المحكمة أو يتم نقضة وأعادته للأسباب التي تجدها المحكمة.