رغم أن الحكومة العراقية أكدت مرارا أنها حكومة ( شدة الورد! ) بمعنى أنها تجسد الوحدة الوطنية العراقية، وأنها تمثل جميع أطياف الشعب العراقي بمختلف مكوناته، لكنها أكدت شاءت أم أبت طائفيتها

لا أنسى مأساة ذلك الجندي الكردي العراقي الذي كان يقاتل في جبهة قادسية صدام بقاطع العمارة،وعندما عاد بإجازة دورية ليزور عائلته في إحدى بلدات كردستان وجد أن عائلته تعرضت الى حملات الأنفال ولم يبق فرد واحد منها، رغم أنه كان يدافع عن أرض العراق ضد العدو الفارسي كما كان النظام يصور إيران؟؟!.
من خلال تنفيذ حكم الإعدام المستعجل بصدام..فالمكان الوحيد الذي كان من المفترض أن تتجسد فيه تلك الوحدة الوطنية المزعومة، كان الغرفة التي تم فيها تنفيذ حكم الإعدام بأحد أكبر مجرمي الحرب في تاريخ العراق وهو صدام حسين المجيد التكريتي، لأن صداما وزع جرائمه الوحشية على جميع فئات الشعب العراقي بشكل متساو وعادل مع رجحان كفة الأكراد في نيل النصيب الأكبر من تلك الجرائم التي وصلت الى حدود جرائم الإبادة البشرية، وهذا ما لم يتعرض له الشيعة طوال سنوات حكم الدكتاتور صدام، ولكننا لم نلحظ تلك الوحدة الوطنية في الغرفة التي كان يعدم فيها في ظل حكم صدام من كان النظام يسميهم بعملاء إيران من الأحزاب الشيعية العراقية المعارضة!!.. وأعتقد أن إختيار تلك الغرفة لم يأت هكذا إعتباطا،وأكاد أشم رائحة إيرانية في ذلك الإختيار؟؟!!


فقد أكدت الصور المعروضة في تلك الغرفة بما لا يقبل مجالا للشك، أن عملية الإعدام كانت ثأرا طائفيا من الشيعة ضد صدام فحسب،لأن الصلوات على سيدنا محمد وعلى آل محمد كانت كافية لإيصال الرسالة الى متابعي عملية الإعدام حتى لو لم يسمع الهتاف بحياة مقتدى الصدر الذي يقتنص أتباعه مثل هذه المناسبات لطرح القائد البديل والمنقذ للعراق الغارق في الحرب الطائفية حتى إذنيه والى ما فوق شعر رأسه في الطائفية المقيتة!


وإذا كانت مصائب قوم عند قوم فوائد كما يقول الشاعر، فقد برأت غلطة الشيعة هذه، الأكراد والسنة العرب من دم صدام كبراءة الذئب من دم سيدنا يوسف عليه السلام، وأصبحوا الآن يتحملون المسؤولية كاملة وغير منقوصة لتلك العملية المستعجلة التي أدخلوا بها العراق الى نفق أظلم، لأن الحكومة الشيعية التي تأخذ بالثأر من السنة وهم شركائهم في الدين والدولة أثبتوا زيف إدعاءاتهم بأن الحكومة الحالية هي حكومة وحدة وطنية لأنهم إستفردوا بتنفيذ الحكم من دون بقية ضحايا نظام صدام لمكاسب طائفية فحسب؟! كما سبق أن أثبتوا من خلال الحكومتين السابقة والحالية عجزهم عن معالجة الأوضاع المتدهورة في البلد لنفس السبب الطائفي. وكذلك فشلهم الذريع في تحقيق الديمقراطية والإستقرار السياسي والوحدة الوطنية في العراق. ولعل الدماء التي سالت من العراقيين طوال فترة الحكومتين الشيعيتين تفوق بكثير عدد ضحايا صدام خلال السنوات الخمس والثلاثين التي قضاها في حكم العراق بدكتاتورية ووحشية قل نظيرها.


ولا يمكن بعد الآن قبول تلك الطروحات السخيفة التي تسوقها الحكومة العراقية مرارا لتبرير تلك الإخفاقات بدعوى أن العراق أصبح ساحة مفتوحة لتصفية الحسابات بين القوى الإرهابية والولايات المتحدة، أو أنه أصبح ميدانا لمواجهة بين دول أقليمية ( سوريا وإيران) وبين الولايات المتحدة، لأن تلك الحجة السخيفة تدحضها الوقائع على الأرض والتي يدفع ثمنها العراقيون من دمائهم التي يفترض بالحكومة أن تحرص عليها. أضف الى ذلك أن تلك الحجة كان من الممكن القبول بها الى حد ما قبل وصول الجعفري والمالكي الى سدة الحكم حينما كان العراق يتعرض فعلا الى هجمة إرهابية وافدة من الخارج وتحديدا من تنظيم القاعدة، أما الآن فالكل يلاحظ الإنحسار الواضح في عمليات ذلك التنظيم الإرهابي مقابل التصاعد الخطير لوتيرة الحرب الطائفية التي تقودها الدولة وميليشياتها ضد الطائفة المعارضة بدليل آلاف الجثث المجهولة الهوية التي ترمى في شوارع بغداد وطرقاتها.


أنا لست هنا في معرض الدفاع عن الدكتاتور الأرعن الذي حول بلدي الى الخراب والدمار وأحرق الأخضر واليابس فيه، كما أنني لست آسفا على المصير المحتوم الذي ساق نفسه اليه، لأن كل جريمة أتهم بها طاغية العصر صدام حسين كانت تكفي لإنزال عقوبة الإعدام به وتنفيذه من قبل القضاء العراقي، ولكني أعتقد أن الطريقة التي جرى بها تنفيذ ذلك الحكم كانت لا تعدو إنتقاما طائفيا، إن لم نقل أنها كانت إنتقاما شخصيا من قادة حزب الدعوة أو التيار الصدري لأن صداما أعدم عدد من زعمائهم ومراجعهم الدينية، فما فعله صدام وزمرته بالشعب الكردي كان أكبر بكثير مما إرتكبه من جرائم ضد الشيعة طوال سنوات حكمه.
فما زلت أذكر تلك المناظر المؤلمة حد تمني الموت التي رأيتها عيانا وبعضها بسرد شهود الجريمة لي ككاتب عن أبشع جرائم صدام ضد شعبي..


فلن أنسى أبدا تلك الملابس الداخلية لفتيات كرديات في مقتبل العمر بعضهن قاصرات، وهي تتدلى من فوق حبل في كرفانة منزوية داخل ساحة ( باستيل الأكراد) أي مبنى مديرية أمن السليمانية بعد يوم واحد من تحريرها في إنتفاضة عام 1991؟!. نعم كنت هناك ورأيت تلك الملابس الداخلية التي كانت شاهدة على إنتهاك رجال الأمن العراقيين لأعراض بناتنا وأخواتنا وأمهاتنا..


ولا أنسى مأساة ذلك الجندي الكردي العراقي الذي كان يقاتل في جبهة قادسية صدام بقاطع العمارة،وعندما عاد بإجازة دورية ليزور عائلته في إحدى بلدات كردستان وجد أن عائلته تعرضت الى حملات الأنفال ولم يبق فرد واحد منها، رغم أنه كان يدافع عن أرض العراق ضد العدو الفارسي كما كان النظام يصور إيران؟؟!.
وكيف لي أن أنسى أحد أشنع جرائم الدكتاتورية الصدامية ببيع 18 من الفتيات الكرد من ضحايا حملات الأنفال الى ملاهي مصر وهن في ريعان الصبا، وهناك العديد من الوثائق الدامغة التي تؤكد هذه الجريمة النكراء التي أقدم عليها نظام تجرد رئيسه ووزرائه وأزلامه من ذرة شرف ببيعهن أعراض العراقيين في سوق النخاسة؟؟!.


وكيف تنمحي من ذاكرتي صورة الشهيد عمر خاور الأب الكردي المفجوع بأبنه الرضيع الوحيد وهو يحتضنه ليلاقي حتفه معه في ضربة مدينة حلبجة بالغازات السامة؟؟!!.
كيف يمكنني أن أنسى مشاهد الرعب والخوف في عيون مليون مواطن كردي وهم يهيمون على وجوههم في جبال كردستان يوم 31 آذار 1991 خوفا من قتلهم على يد وحوش الحرس الجمهوري بعد فشل إنتفاضتهم، وكنت أنا واحدا منهم ورأيت بأم عيني تلك المحنة الكبرى، وكيف كان الناس يتسولون رغيف خبز واحد ترميه الطائرات الأمريكية فوق تلك الجبال القصية للعوائل المنكوبة؟؟!.
من أين لي أن أنسى مشاهد الإعدامات الجماعية لشباب الكرد وبينهم قاصرين داخل معسكرات النظام الفاشي في أربيل، ومن ثم إستقدام الجرافات لهدم دورعوائلهم في محلات أربيل لمجرد أنهم كانوا من عوائل أفراد البيشمركة المعارضين لحكمه؟؟!!


كيف أغفر لصدام جرائم الأنفال والقصف الكيمياوي وقتل البارزانيين والكرد الفيليين وإعدام الآلاف من أبناء شعبي؟؟!!.
كيف أسامح صدام على تجويعه لشعبي أيام الحصار الدولي بعد حرب الخليج والذي عززه بحصار داخلي ألجأ إمرأة كردية الى أن تذهب الى مدينة الموصل المجاورة لجلب عشرين لتر من النفط الأبيض لتدفئة أطفالها، ولكن عصابات السيطرة الحكومية يسكبون تلك اللترات على رأس المرأة الكردية فيحرقونها أمام أنظار السواق والركاب المتجمهرين في تلك السيطرة الحكومية؟؟!!.
كيف وكيف وكيف.. مئات الجرائم النكراء إرتكبها صدام ضد شعبي وضد العراقيين لا يمكن لأي ضمير إنساني أن ينساها أو يغفرها.


لقد دمر صدام هذا البلد عن سابق تصميم وترصد..قتل شعبا بأكمله..
شرد خيرة العقول المبدعة، وهجر مئات الآلاف من العوائل العراقية من ديارها.. طرد مليوني مواطن من البلد.. قتل مليون مواطن في حروبه العبثية..


شرد الجواهري وحسن العلوي وناهدة الرماح وكوكب حمزة وفؤاد سالم..
قتل عزيز السيد جاسم تحت التعذيب.. وقتل عباس فاضل أعظم رسامي الكاريكاتير في العراق جوعا..
كيف أغفر له كل هذه الجرائم بحق مبدعي العراق،فمن يعيد هؤلاء المغدورين الي؟؟!!..
إن صدام يستحق ألف موتة وموتة.. ولكن لماذا حتى تنفيذ إرادة الله العلي العزيز بهذا المجرم تحتكرها طائفة السلطة لنفسها وحدها؟؟!!.
حتى بموته سخر صدام من طائفية دولتنا ووحدتنا الوطنية المزيفة!!.

[email protected]


يوضع المقطع التالي في المربع..

فقد برأت غلطة الشيعة هذه، الأكراد والسنة العرب من دم صدام كبراءة الذئب من دم سيدنا يوسف عليه السلام، وأصبحوا الآن يتحملون المسؤولية كاملة غير منقوصة لتلك العملية المستعجلة التي أدخلوا بها العراق الى نفق أظلم، لأن الحكومة الشيعية التي تأخذ بالثأر من السنة وهم شركائهم في الدين والدولة أثبتوا زيف إدعاءاتهم بأن الحكومة الحالية هي حكومة وحدة وطنية لأنهم إستفردوا بتنفيذ الحكم من دون بقية ضحايا نظام صدام لمكاسب طائفية فحسب؟! كما سبق أن أثبتوا من خلال الحكومتين السابقة والحالية عجزهم عن معالجة الأوضاع المتدهورة في البلد لنفس السبب الطائفي.