لم أكن معجبا بصدام وانتقدت بشدة حربه العقيمة ضد ايران واحتلاله للكويت واضطهاده لشعبه. النظام ارتكب جرائم ضد الأكراد والشيعة والسنة المعارضين. النظام تعاون مع السي آي ايه الأميركية لتصفية الشيوعيين. أعدم النظام رجال دين معارضين ورموز وطنية وزملاء في البعث.

استأت من النظام عندما شنق الصحفي البريطاني الايراني الاصل فرزاد بازوفت الذي كان يعمل في

مهما كانت التحليلات والتعقيبات يبقى من الواضح ان صدام ارتكب اخطاء جسيمة وجرائم ضد الانسانية يجب ان يحاسب عليها. ولكن رقصة الموت المسرحية في المشنقة من قبل عناصر حاقدة لم يخدم العدالة ولم يخدم حكومة نور المالكي ومستشارالأمن القومي العراقي موفق الربيعي ولم يخدم الادارة الأميركية
صحيفة الأوبزرفر البريطانية عام 1990. وفي عام 1996 غضبت على صدام وأولاده عندما استدرجوا حسين كامل حسن وصدام كامل أزواج بنات صدام رغدة ورنا بالعودة من الأردن ليلاقوا حتفهم. وهذا غدر بأقرب المقربين.. استنتجت آنذاك ان هذا نظام لا مستقبل له ويجب ازالته وتخليص الشعب العراقي منه.

وغضبت في عام 1998عندما شنق النظام اربعة سواقين اردنيين بتهمة التهريب علما انهم ساعدوا اصدقاء عراقيين بكسر الحصار باحضار قطع غيار سيارات كانت غير متوفرة وتبين فيما بعد ان هذه التجارة الغير مشروعة كانت احتكارا لابناء صدام.

نظام يستعمل العنف والتخويف والترهيب والاعدامات والعقاب والابادة كاستراتيجية ضد من لهم رأي آخر مصيره الفشل والزوال.

أقول ذلك لكي لا يظن البعض أنني هنا بصدد الدفاع عن صدام وما يمثله صدام.

شهوة الانتقام من الطغاة

التاريخ الحديث مليء بالأمثلة على الاعدام السريع لقادة طغاة ودكتاتوريين. في 27 نيسان ابريل 1945 قبض على بينيتو موسوليني وزوجته على شواطيء بحيرة كومو أي بعد عامين من خلعه من منصبه وأعدم مع زوجته رميا بالرصاص ثم علق جسديهما من مخلب حديدي يستعمل في المسالخ في احد ساحات مدينة ميلانو.

في رومانيا قبض على نيكولاي تشاوشيسكو وزجته ايلينا يوم عيد الميلاد 25 ديسمبر 1989 وبعد محكمة سريعة لا علاقة لها بالقانون ولا العدالة أعدما رميا بالرصاص.

لذوي ضحايا موسوليني وتشاوشيسكو الاعدام السريع كان مرضيا ولبى شهوة الانتقام لدى الجماهير تلبية حسنة.

صلوبودان ميليسوفيتش مات في سجنه لاسباب طبيعية في 11 مارس آذار عام 2006 ولم يتم تلبية شهوة الانتقام وشعر ذوي ضحايا ميليسوفيتش بأن القدر غدر بهم. ومجرم كمبوديا بول بوت مات قبل ان ينال عقابه في 15 ابريل نيسان 1998. وهرب أوغسطو بينوشيت دكتاتور تشيلي من العقاب بسبب المرض ومات في فراشه عن سن 91 عاما قبل عدة اسابيع.

أدولف هتلر فضل الانتحار على الوقوع أسيرا في أيدي السوفيات في 30 ابريل نيسان 1945.
جوزسيف ستالين مات في الشيخوخة في مارس آذار 1953 ولم يستطع ارضاء شهية الاتتقام لدى ذوي الضحايا. أي انهم شعروا بالغبن والخداع.

وبعد موت بابا دوك طاغية هايتي بخمسة عشر عاما حاول جمهور من الدهماء ان يحفروا قبره لينتقموا من جثته ووجدوا القبر فارغا فحفروا قبر أحد مؤيديه وانهالوا ضربا على رفات الميت.


مسرحية السيرك في شنق صدام ومسلسل الاخطاء يستمر

ومسرح السيرك الذي رافق شنق صدام كان في اطار تلبية شهوة الانتقام لدى ضحايا نظام صدام وذويهم.
صدام انتهى عندما تم اسقاط تمثاله من ميدان الفردوس بربط حبل حول عنق التمثال واسقاطه. صدام انتهى عندما قبض عليه في جحر في الارض أواخر عام 2003.

وصفت بعض الصحف الأميركية والبريطانية اعدام صدام بأنه كارثة في العلاقات العامة للحكومة القائمة في بغداد. حتى ان صحيفة الاندبندنت البريطانية تساءلت هل النظام القائم افضل من نظام صدام وهل التسرع في اعدامه يشير الى عدالة الغوغائية.

المعارضون لعقوبة الاعدام يعتقدون ان اعدام صدام كان خطا من حيث المبدأ. البعض يرى ان التوقيت كان خاطئا.

صدام ارتكب جريمة بحق الشعب العراقي والشعوب المجاورة ولكن اعدامه بالطريقة التي شاهدها العالم على التلفزيون أفقد الحكومة الحالية العراقية المصداقية كوليدة انتخابات ديمقراطية بل أكد الاعدام المتسرع انها حكومة فئوية طائفية النزعة انتقامية حقودة وهذه كارثة وسوف تؤدي الى المزيد من العنف والقتل العشوائي.
الصندي تايمز البريطانية علّقت كالآتيquot;يرتكب النظام الجديد جريمة اخرى بحق الانسان وبعبارة اخرى لا تستطيع ان تمحى اثار جريمة بارتكاب جريمة جديدةquot;

صحيفة الديلي تلغراف اليمينية والتي أيدت غزو العراق وايدت اسقاط النظام لخصت الاعدام بالكلمات التالية: quot;هذه رسالة المالكي للسنة: نحن الآن في السلطة ونحن المسيطرون وحان الوقت للانتقامquot; هذه كلمات رئيس تحرير صحيفة بريطانية معروفة بتأييدها لبوش واحتلال العراق وتأييدها المطلق لاسرائيل.

محكمة دولية شرعية

كان من الأفضل احالة صدام لمحكمة جرائم الحرب الدولية في لاهاي في هولندا. خطوة كهذه كانت كفيلة بنزع العبء من الحكومة العراقية الحالية ومن الادارة الأميركية. العالم يرى ان المحكمة العراقية لم تكن نزيهة باشراف أميركي. اثناء المحاكمة تم اغتيال محامين وشهود وتغيير قضاة وتهديدات.

وكان من الواضح ان ميكانيكيات الاعدام تم تنفيذها على أيدي بلطجية مقتدى الصدر.
كل هذه الأمور سوف تزيد من الحقد والتوتر والرغبة في الانتقام وستحول صدام من قائد دكتاتوري متسلط وسفاح الى شهيد مظلوم وضحية لتواطؤ أميركي ايراني وعراقي شيعي وهذا لا يبشر بالخير.

يرى البعض مثل روبرت فيسك الكاتب البريطاني المعروف والمتخصص في شؤون الشرق الأوسط ان التسارع في اعدام صدام في نهاية موسم الحج وبدء عيد الأضحى هو رغبة أميركية في التلخلص من صدام والأسرار التي يحملها عن التواطؤ والدعم الأميركي والبريطاني لنظام صدام في الثمانينات مثل تزويده بأسلحة كيماوية استخدمت ضد الايرانيين اثناء الحرب العراقية الايرانية وضد الاكراد في حلبجة.

مهما كانت التحليلات والتعقيبات يبقى من الواضح ان صدام ارتكب اخطاء جسيمة وجرائم ضد الانسانية يجب ان يحاسب عليها. ولكن رقصة الموت المسرحية في المشنقة من قبل عناصر حاقدة لم يخدم العدالة ولم يخدم حكومة نور المالكي ومستشارالأمن القومي العراقي موفق الربيعي ولم يخدم الادارة الأميركية. لماذا لم ينتظروا حتى استتب الأمن في العراق وانسحبت القوات الأجنبية وخاصة القوات الأميركية لو حدث ذلك لما استطاع أحد ان يقول انها عدالة أحتلال أميركية تنفذ بأيدي عراقية.

نهاد اسماعيل

لندن

nehad ismail، London