1

كنت أتمنى أن يكون مشهد اعدام المجرم صدام عراقيا، لا شيعيا فحسب. أقول ذلك بعد أن تم اعدام صدام

هذه الدول لم يسبق لها ادانة جرائم صدام بحق الشعب العراقي، تلك الجرائم التي حصل أغلبها في مناسبات دينية، فضلا عن كون هذه الجرائم قد حصلت بحق رموز دينية كبيرة
على قضية الدجيل فقط، القضية التي قتل فيها صدام 148 شيعيا، فضلا عن ذلك فان الهتافات التي رددت قبل لحظات من اعدامه كانت هتافات شيعية.

كنت أتمنى أن يتم تنفيذ اعدامه بعد الانتهاء من قضية الأنفال وحلبجة التي راح ضحيتها الآلاف من أبناء الشعب الكردي، لكن ذلك كله لم يمنع فرحتي الكبيرة باعدام القاتل والمجرم والدكتاتور الظالم، بل اعتبرها أثمن عيدية تلقيتها في حياتي.

2

في صبيحة الثلاثين من شهر كانون الأول خلعت أختي ثياب السواد التي ارتدتها في العام 1997، ذلك العام الذي شهد اعدام زوجها من طرف النظام الصدامي والذي أعقبه في العام 1998 اعدام شقيقها. أختي خلعت ثياب السواد وارتدت ثيابا ملونة لأنها كانت قد نذرت أن لا تخلعها الا بعد موت صدام.

3

ما الغرابة في أن تهلهل امراة عراقية؟ ليس هناك غرابة، لكن الغرابة تكمن في أن أم صديقي الدكتور حسن ناظم quot; هلهلت، إذ أنها لم تهلهل منذ أكثر من سبعة عشر عاما وبالتحديد منذ العام 1989 حينما أعدم النظام الصدامي ابنها وأعقبه في العام 1991 اعدام زوجها وولدها الآخر.

لم تهلهل أم حسن بالرغم من أن الأعوام المحصورة بين 1989 و 2006 شهدت زواج ابنها الكبير حسن وابنها الآخر، فضلا عن زواج ابنتها أيضا.

هذه المرأة التي ظلت حزينة طوال الأعوام الماضية فرحت كثيرا في صبيحة الثلاثين من كانون الأول فقد تم في هذا اليوم اعدام قاتل زوجها وولديها.

4

لم نستغرب مطلقا موقف العديد من ( الأشقاء ) العرب من قضية اعدام المجرم صدام، بل كنا نتوقعه تماما، لكننا نستغرب وصول بعضهم الى المجاهرة بكل صلافة ووقاحة بالوقوف مع القاتل والمجرم والدكتاتور، لاسيما الموقف الذي خرج به الرئيس الليبي معمر القذافي، إذ أعلن الحداد في دولته لمدة ثلاثة أيام على روح ( الشهيد ) صدام حسين.

5

تنوع الموقف الرافض لاعدام صدام من طرف العديد من الدول العربية شعوبا وحكاما الى نوعين، إذ بعضها أعلن وبشكل صريح أنه يقف ضد اعدام ( البطل ) صدام وعدته ( شهيد ) الأمة العربية، لذا خرجت هذه الدول ببيانات وتصريحات ومظاهرات تندد باعدامه من قبل ( المحتل ) الأمريكي والحكومة العراقية ( العميلة )، أما بعضها الآخر فقد تحجج بتوقيت الاعدام، إذ أن التوقيت قد حصل في يوم العيد وذلك يعد اهانة للمسلمين حسب رأيهم.

6

هذه الدول لم يسبق لها ادانة جرائم صدام بحق الشعب العراقي، تلك الجرائم التي حصل أغلبها في مناسبات دينية، فضلا عن كون هذه الجرائم قد حصلت بحق رموز دينية كبيرة.

7

دول الموقف الأول سبق لها الوقوف وبشكل وقح ضد آمال وتطلعات شعب العراق في مناسبات عديدة، إذ أن بعضها وقف ضد الحرب التي قضت على النظام الصدامي، وبعد سقوط النظام قامت بارسال المئات من الانتحاريين، المجرمين ( ليجاهدوا ) في سبيل تحرير العراق واعادة النظام الساقط، فضلا عن كونها قد أقامت مجالس عزاء للمجرمين عدي وقصي صدام حسين.

8

أما القسم الآخر ونقصد به القسم الذي تحجج بخطأ توقيت اعدام صدام فهذه الدول عبرت عن موقفها الرافض لاعدام صدام بطريقة دبلوماسية، إذ أننا على يقين أن صدام لو أعدم في يوم الجمعة فستقوم الدنيا ولا تقعد على أساس أن الحكومة العراقية لم تراع مشاعر المسلمين الذين يعدون هذا اليوم يوما مباركا. أما إذا أعدم في يوم السبت فستقول أن الحكومة العراقية وبضغط من اسرائيل قامت باعدام صدام في عطلة اليهود. ولو أعدم في يوم الأحد فستقول أن الحكومة العراقية أعدمت صدام بضغط أمريكي وبريطاني في هذا اليوم الذي هو عطلة المسيحيين.أما إذا اعدم في يوم الاثنين فستقول أن الحكومة العراقية أعدمته في عطلة الحلاقين، والأمر نفسه سينطبق على ما تبقى من أيام الاسبوع.

9

الدولة العربية الوحيدة التي سيكتب تاريخ العراق عنها باحترام هي دولة الكويت فهذه الدولة كان لها موقفا مشرفا في حرب الخلاص من النظام الصدامي وكان لها الموقف المشرف أيضا في قضية اعدام الطاغية.

10

لن نلوم الذين خرجوا بمظاهرات داخل العراق منددين بقرار اعدام الطاغية فقد مات الذي حول الراعي منهم الى وزير، ونائب العريف الى فريق ركن في الجيش، والأمي الى ضابط كبير في المخابرات والأمن.

طارق الحارس

[email protected]

* مدير تحرير جريدة الفرات في استراليا