ايام قليلة تفصلنا عن تكليف اسم جديد لتولي منصب رئيس الحكومة الاردنية، و لن اتفاجيء ابدا اذا ما تم اختيار عنصر نسائي لهذا المنصب في ظل التوجه الدولي لاعطاء المرأة مكانتها و حريتها و حقوقها في الشرق الاوسط، بل ان التوقعات تشير الى مفاجأة تعطي المرأة حق ادارة شؤون الحكومة لتثبت من جديد جدارتها و تفوقها فيما فشل فيه بعض من رؤساء سبقوها الى هذا المنصب.
بل انني ادعو ان تتولى سيدة هذا المنصب بعد سنوات من الكفاح و النضال النسائي لاجل الحصول على حقوق متساوية حيث قطعت الاردنيات شوطا كبيرا و تبؤان مناصب قيادية و هامة في المجالات كافة من قيادة الطائرات الى القضاء الى الشرطة النسائية و الطبيبات و علماء المختبرات الجينية والموظفات في البنك الدولي و الامم المتحدة ووصلن الى مناصب وزراية لوزارات هامة و ان كانت غير سيادية مثل الخارجية و الداخلية و المالية.
و في كل منصب كان هنالك نجاح بعيد عن الصراعات و مبني على القدرة العلمية و الاقتصادية و السياسية بهدؤ و اتزان و معرفة بعمس ما كان يحدث من حالات تدهور و اقصاء و تنافس غير شريف و ان كان محدود و لكنه كان ملاحظ على مستوى اجهزة الدولة.
و حتى لا يقال ان الدعوة للمرأة فقط من باب المجاملة للمرأة و ديكورا للمسرح السياسي الداخلي، في ظل عدم التمديد للرئيس الحالي و الرغبة في الابتعاد عن رؤساء سابقين، لا بد ان نعود الى ساحة الحياة الاردنية حيث اسست المرأة و منذ الاربعنيات الاتحاد النسائي الاردني و جمعية الهلال الاحمر الاردني و كانت الرائدات في هذا العمل هن ام درويش الشركس ( و لقبت بأم الجيش لرعايتها و اهتماما بنساء الضباط و احوال المجندين منالمناطق النائية)، يسرى طوقان ( و لقبت بالماريشال لان جلوب باشا اعطاها عصاته تقديرا لمجهودها في المستشفيات الميدانية العسكرية ) الى جانب لولو هاشم و ام وليد السكر وام هاني خليفة ( هاني هو السفير الحالي في وزارة الخارجية ) وحرم صدقي القاسم ( والدة رئيس الديوان الملكي مروان القاسم ) وام الوفا الدجاني ( والدة رجل الاعمال حموده الدجاني ) و رسمية ابو العافية شقيقة وزير المعارف درويش بك ابو العافية و غيرهن، و كلهن عملن تحت توجيهات و رعاية جلالة الملكة زين ( الملقبة بالملكة الام )، رحمهم الله جميعا.
كان ذلك في عصر بداية الدولة الاردنية، و لعل اهمية التحرر و حقوق المرأة و العمل السياسي و الاجتماعي كان هو الهدف لاجل بناء دولة عصرية بمفاهيم ذلك العصر، و كانت لقائتهم مع الرئيس المصري محمد نجيب و اجتماعاتهم مع هدى شعرواي في القاهرة و مشاركتهن في المؤتمرات الدولية في بريطانيا و تركيا تسير جنبا الى جنب مع حركة تحرير و حقوق المرأة و التى ناضلت لاجلها السيدة المصرية هدى شعراوي هي بداية طريق شاق و طويل، و للاسف لم يهتم احد باطلاق اسماء هؤلاء النسوة على شوارع العاصمة التى تغص باسماء بعضها لا قيمة لها في حياة و تاريخ الاردن و انما ادرجت ضمن التنظيم.
اليوم و نحن على مشارف القرن الواحد و العشرين و في ظل قيادة هاشمية تحدث البلاد و تهدف الى عصرنة الدولة الاردنية و نقلها الى مصاف الدول ذات الحقوق التى نص عليها الدستور الموضوع في عهد المغفور له الملك طلال، ان الجميع سواء و لا فرق بين رجل و سيدة، يستدعي من مستشاري جلالة الملك عبد الله الثاني ملك البلاد المفدى ان يضعوا تصورا اما جلالته باسماء سيدات قادرن على ادارة الحكومة الاردنية، و بالمناسبة هن كثر و لديهن اعلى الدرجات العلمية و الخبرات الدولية، فلدينا سفيرات ووزيرات و رؤساء مجالس ادارة شركات و سديات من القطاع الخاص و قضاة و من الاجهزة الامنية و غيرهن كثر، كل واحدة فيهن تمثل نموذجا سياسيا و اقتصاديا واعدا اذا ما اعطين الفرصة.
الاردن لديه عقلية منفتحة على العالم، متطورة و تراعى حقوق المرأة التى الاردنيات وصلن الى ما عليه اليوم بفضل الرائدات الاردنيات و اللاتي اغفلن في التكريم التاريخي للاردن.
ان فرص تكليف امرأة برئاسة الحكومة و ان كانت مطلب فهي ليست ببعيدة عن الجو العام للوزارة القادمة خصوصا وان المملكة الاردنية الهاشمية كانت دوما السباقة الى الرؤى و المفاهيم العصرية..
د.عبد الفتاح طوقان
[email protected]
التعليقات