بغداد مدينة السلام اضحى السلام بعيدا عن محياها حيث العنف يتربص بها ليل نهر،وثقافة لم يكن البغداديون بل العراقيون اجمعهم يعرفونها.. الا وهي ثقافة التهجير وقطع وشائج الوصال والتداخل الإجتماعي ما بين اطياف ومكونات المجتمع التي اخذت من عمرهم ردحا من الزمن.
ف ال مسيحيون العراقيون على اختلاف انتماءاتهم القومية والمذهبية، هم سكان بلاد ما بين النهرين الأصليي ن، لم يكونوا عن منأى التهجير الإظطراري والقسري الذي يعصف بالعراق هروبا من واقع امني مضطرب وخوفا من المجهول، حتى بات كل يبحث عن سبيل آمن له ولعائلته بعيدا عن القتل والخراب، فلجأ بعضهم الى الخارج وبقى آخرون بانتظار الخلاص.

هذه الأقلية والتي عانت من ظلم انظمة الحكم التي تعاقبت على حكم العراق منذ الحكم العثماني والى الحكم الحالي، ما زالت مجهولة المصير بالرغم من قيام بعض من قادة احزابها وكنائسها بالتأييد والمساندة المطلقة ل من حكمها الى هذا اليوم المظلم والذي اصبح فيه العراق وشعبه المسالم والآمن رهينة الأهواء والأمزجة الطائفية.
ان ا لحرب الأخيرة كما هو واضح لم تحقق الخير والأمان للشعب العراقي ولم تحقق الرفاه والأمان للأقليات، حيث انتهت ولم نلمس منها سوى البؤس والأحزان.. فقد تم على يد المتخلفين الطائفيين تدمير كل ما بناه العراق يون من حجر وحديد حتى وصل الأمر الى تدمير الشخصية العراقية وثقافتها والى تشويش الوعي الوطني للشعب العراقي، ف حل ت ال صراعات ال طائفية بين كل الطوائف الدينية والمكونات القومية، وبات السني يذبح الشيعي والكردي يحقد على العربي والعكس بالعكس حتى وصل الأمر لإختطاف وتصفية وتهجير خيرة العراقيين الأبرياء من الأساتذة والعلماء من جميع المكونات.

لكن المؤسف ان يقع المسيحيون العراقيون الآمنون ضحية خلافات الأخرين!، فقتل من قتل وهجر من هجر واختطف واغتصب وسلب العديد من ابناء هم الأبرياء الشرفاء، حتى بات في كل محافظة مقبرة جماعية، كل ذلك يحدث امام انظار حكامنا المؤمنون حيث القرآن الكريم بيد والسيف باليد الأخرى، ويدعون دون خجل انهم قادة انتخبهم الشعب العراقي ل حكم هم! هؤلاء المؤمنون لم يحرك احدا منهم ساكنا ليجد حلا يحمي شعبهم ويرضي ربهم على الأقل، فهم لا يجيدون غير القاء ال خطب و ال تصريحات التي تلقي اللوم على هذا الطرف او ذاك، حتى خطبهم غير واقعية ولا منطقية، اما البحث عن ما يخدم سلامة وأمن شعبهم وازدهار معيشته فهم بعيدون عنها.

إن الإنتماء الى الوطن موقف مقدس لا يتعارض مع المسميات الدينية او القومية، حيث في الوطنية تنصهر كل المسميات لتفصح المواطنة عن وجودها في وجدان العراقيين والتي أفداها المخلصون العراقيون الأوائل بدمائهم منذ الاف السنين.
وإذا كان محرما اليوم على ا لعراقي الأصيل الذي ولد وعاش على ارض { ما بين النهرين } ان يتفاخر ويعلن انه عراقي فقط وغير طائفي ولا مذهبي.. ف اليعلم انه ينتمي الى اعظم حضارة عرفتها البشرية حيث لم تكن هناك طائفة ولا مذهب.... أنها ثقافة السلام وعنوان الحقيقة!

وفي خضم هذه الفوضى والصراعات وعدم الإستقرار، يطل علينا خبر تزوير جوازات عراقية في سفارة العراق في دولة السويد الآمنة وشاطر من يعرف اهداف هذا المشروع ومن يقف وراءه!

كما نسمع هنا وهناك ودون حياء دعوات لقيام نظام فدرالي او حكم ذاتي كحل دائمي للوضع العراقي الجديد، لكن الحقيقة هي ان الفدرالية وما يشبهها و التي ينادي بها ال بعض لا تعدو سوى كونها مشاريع تحقق مصالح فئات معينة ليس لها اي علاقة بمصالح وحقوق الفئات الأخرى ومنهم المسيحيون المنتمون لحضارة بابل وآشور ذو الأصول القومية، فالأجدر بنا ال بحث عن صيغة عمل سياسية تضمن حقوق وسلامة الجميع وتقضي على التمايز الذي يعتبر مصدرا لنشوب الخلافات التي تتحرك لتصبح صراعات على السلطة والتي تؤدي الى ما لا يحمد عقباه من قتل ودمار والغاء وتهجير، ولذلك فان مشاريع الفدرالية وما يشبهها ذات المصالح الفئوية ليست حلا ناجعا لأن النزاعات والخلافات ستبقى قائمة ما دام التمايز المذهبي او العرقي باق دون حل!

ايها الشرفاء... إنقذوا شعبنا العراقي المنكوب، هذا الشعب المتنوع القوميات والديانات يتعرض اليوم للقتل والإختطاف والتهجير على مدار الساعة، يستغيثكم للكشف عن حقيقة ما يجري ولإيصال نداءه الى مؤسسات المجتمع المدني وحقوق الإنسان في جميع دول العالم الغربي والشرقي الحر، للإسراع لإنقاذ من تبقى منهم من الموت والهلاك المحتم.

اللهم إلعن من كان السبب في خراب عراقنا وقتل شعبه......آمين

ادورد ميرزا
استاذ جامعي