منذ سقوط النظام البائد في العراق، توالت الوعود ببناء حكومة تكنوقراط ودولة المؤسسات يسود فيها القانون، الذي يعلو على الجميع ولا يَعلى عليه، وتسري فقراته على جميع المواطنين دون اي تفرقة أو تمييز بينهما، حيث الكل متساوون امام القانون. وحكومة الاقليم التي تحررت من براثن الحكم الدكتاتورى منذ عام 1991، نجحت في تشكيل برلمان اقليمى منتخب، ليكون الممثل الحقيقي للشعب ورقيبا وعيا على اداء الحكومة راصدا للتلكات والخروقات في فرض القانون وهيبته.

وكان شعارحكومة الاقليم ومازال ( لا احد فوق القانون ) وهذا ما أعلنه مرارا وتكرارا سيادة رئيس الاقليم المحترم. ولكن واقع الحال يثبت العكس تماما، حيث مازال القانون هشا ركيكا مخروقا لا يحترم، وخاصة من قبل الذين يملكون السلطة ولا يطبق الا على المواطن البسيط المنهوك بلقمة عيشه وتدبير اموره اليومية. اذ يتم خرق القانون والتجاوز عليه وعلى حقوق الاخرين من قبل كل من امتلك سلطة بسيطة وكل من موقعه، فرجل الشرطة والامن لا يلتزم بالطابور في محطات تعبئة الوقود الذي يقف المواطن العادي ساعات طوال من اجل نيل حصته المقررة من الوقود وقد يعود فارغ اليدين خائبا منزله بسبب نفاذ الوقود في محطة التعبئة، وكذلك الحال عند استلام حصة الغاز من الشاحنة التي تقع تحت رحمة مزاج السائق وطمعه، بعدما ينالون رجال الامن و الشرطة وغيرهم من اصحاب السلطة حصة الاسد امام انظار الجميع، من هذا المنتوج الحيوي، وقد يكرمون به بعض من أقاربهم و معارفهم بعد يفيض عن حاجتهم !!!!، في حين يبقى المواطن العادي رجلا كان او امرأة او حتى طفلا، محروما من حصوله على قنينة واحدة فقط، رغم كل التعب والارهاق. كذلك في دوائر الدولة ما ان يصبح الموظف بدرجة مدير، يتم سحب اسمه من سجل الحضور اليومي، لا يسري عليه قانون الغياب وعقوبته، في حين يشقى الموظف العادي في الحصول على اجازة زمنية، ويحصل عليها بعد روتين ممل، و استفسار مزعج او قد يرفض طلبه !!!!!.

كذلك نجد تسجل غرامة ضد كل مواطن خالف قوانين المرور وفي كثير من الاحيان يكون السبب هو زحمة الطريق وانعدام الاشارات المرورية و عدم عمل اضوية المرور بسبب انقطاع التيار الكهربائي وكثرة التحويلات المؤقتة في الطريق و اجراء اعمال الصيانة على الطرق والشوارع في اوقات الدوام والازدحام. هذه كلها تربك السائق, و تشتت تركيزه، في حين لا احد يحاسب سيارة الشرطة او سيارة المرور حينما تخالف قوانين المرور وكانهم اوصياء على قانون المرور، لا احد يحاسب سيارات الحماية عندما تضرب بعرض الحائط كل قوانين المرور امام انظار رجال المرور. كذلك ونلاحظ العاملون في بيوت المسؤولين قد أصبحوا اصحاب سلطة غير مرئية، اذ نجد معظم هؤلاء قد حصلوا على جملة من الامتيازات على حين غُرة، منها حصولهم على أكثر من قطعة ارض سكنية بمساحة مناسبة وفي موقع جيد، خارقين بذلك كل قوانين البلدية.

فهذه منحت له تحت اسم منحة اوهدية لذلك تبقى مستثنية من مبدأ (المستفيد) المعمول به. وتلك منحت له تحت اسم استحقاق المواطن. في حين على المواطن العادي عليه ان يخضع لقانون النقاط ومسقط الراس والاستفادة، ويكون محظوظا ان فاز بقطعة سكنية متواضعة اينما كانت. انني استعرض هنا بعضالخروقات التي يقوموا بها من هم الادنى في هرم السلطة والادارة، فكيف الحال مع من هم في وسط الهرم او في قمته، ان سمح لهم ضميرهم ان يخرقوا القانون فمن يحاسبهم ويردعهم؟ ان كان هؤلاء الصغار في هرم السلطة لا يراعون حرمة القانون ولا يخشون رقيبا او رادعا ؟ فماذا عن الكبار؟ يبقى السؤال مفتوحا: اين دور البرلمان المنتخب الرقيب على اداء الحكومة؟ لماذا لا يحرك ساكنا من اجل تعرية والقضاء على ظاهرة الفساد الاداري والمالي التي استشرت في العديد من مرافق الدولة؟ متى وكيف سنبنى دولة القانون ؟ متى وكيف سيتم ترجمة مقولة (لا احد فوق القانون) الى واقع ملموس يحترم فيها حرمة المواطن العادي وحقوقه؟

ان حكومة الاقليم والبرلمان يتحملان المسؤولية الاولى في ترسيخ دعائم القانون في الاقليم ومن ثم يأتي دور المواطن، لكي يصبح الجميع تحت سيادة القانون ولا احد فوق القانون وهيبته .

روند بولص

[email protected]