هناكَ أشياء نسعد بالكتابةعنها لأننا نكون قد استمتعنا بها لحظةً بلحظة، ولأنها تمنحنا فرصة للابتعاد قليلاً عن ضغط الكتابات ذات المضامين الفكرية والفلسفية والنقدية والتي عادةً ما تجلبُ للكاتب والقاريء على حد سواء الصداع وربما الهم أيضاً..

ففي إحدى عطلات نهاية الأسبوع ذهبتُ برفقة ابني وابنتي إلى السينما لمشاهدة فيلم الأطفال الهزلي ( غارفيلد ) في عرضه الأول..

وكان الأطفال مع آبائهم وأمهاتهم والبعض الآخر منهم مع أمهاتهم أو آبائهم فقط، يتدافعون ببراءتهم وضحكاتهم الرشيقة لمشاهدة هذا الفيلم الهزلي الممتع، حيث كانت جميع الصالات المخصصة لعرضه في مختلف الأوقات محجوزة بالكامل..

كانت لي تجربة سابقة من قبل مع الأطفال الجميلين، حينما تم عرض فيلم هاري بوتر في جزئه الأول، فكنتُ أجدهم يملأون صالة العرض بالضحكات والصراخ والتعليقات اللطيفة، لذلك كنتُ أجد في مشاهدة فيلم للأطفال ومعهم، متعة جميلة لا تخلو من الطرافة والبهجة والتسلية واللهو الطفولي الممتع، وطبعاً الاستمتاع أيضاً بمتعة التحليق مع خيالاتهم وتخيلاتهم المدهشة وهيَ تسير بي في أكثر من اتجاه..

كانت صالة العرض وقت الظهيرة مكتظة بالأطفال، منتظرين بشغف بطلهم، القط الكسول والمدلل ( غارفيلد ) لِيطل عليهم بمغامراته وخططه الماكرة من خلال فيلمه الهزلي..

لا أدري، هل الأطفال يهتمون لتصنيفات السينمائيين، من حيث أن هذا فيلم هزلي والآخر تراجيدي أو كوميدي أو تاريخي أو حركي، في الحقيقة لا أدري ولكني أعتقد أنهم يريدون أن يضحكوا ويستمتعوا بفيلم يسرد لهم قصة مسليّة ممتعة مشحونة بدهشة التخيلات اللامتناهية، تجعلهم يستمتعون بمتابعة الفيلم، بقدر استمتاعهم بتناول الفوشار والذرة الحارة..

الفيلم يبدأ بحكاية القط ( غارفيلد ) الكسول جداً والمدلل جداً والمتنعم بخيرات صاحبه وولي نعمته ( جون )، وكانت حياته تسير على هذا المنوال من الدلال والرفاهية والترف، إلى أن ذهبَ به صاحبه ( جون ) في إحدى المرات إلى طبيبة بيطرية لإجراء بعض الفحوص الطبية له، وما كان من الطبيبة التي استلطفت ( جون ) حتى أن أهدته كلباً ذكياً وجميلاً اسمه ( اودي ) وكانت تعتبر هذه الهدية بالنسبة لـ ( جون ) غالية ومُفرحة في نفس الوقت..

لم يعتد ( غارفيلد ) على أن ينافسه أحد من الحيوانات الأخرى على قلب صاحبه ( جون )، فضلاً عن أنه أي جارفيلد لم يستسغ فكرة أن ينافسه أحد ما على الاستئثار بكل الخيرات والنعم التي يتمتع بها، فبدأت الغيرة والحسد و ( النحاسة ) تعمل لديه، وخاصةً أن ( جون ) أبدى ميلاً كبيراً لـ ( اودي ) الذكي الذي كان يتمتع بموهبة الرقص على إيقاع الموسيقى الرومانسية والصاخبة أيضاً، ما جعل أحد المهتمين بهذه النوعية من الكلاب يخطط فيما بعد لاختطاف الكلب ( اودي ) من صاحبه ( جون )، ولم يهدأ غارفيلد لحظةً في التفكير بالتخلص من منافسه اودي، حيث اهتدى في إحدى الليالي إلى طريقة جهنمية يستطيع من خلالها أن يطرد ( اودي ) من المنزل ومن حياة ( جون ) نهائياً، فعمَد إلى استدراجه في ليلة باردة إلى خارج المنزل بينما كان ( جون ) يغط في نوم عميق، وهكذا أصبح ( اودي ) يقضي ليلته تلك خارج المنزل، وحينما أحسّ بالبرد القارس في العراء، أخذ يهيم على وجههِ في الطرقات، وحينما وجدته امرأة عجوز نائماً على عتبة باب منزلها من شدة البرد والتعب، آوته عندها في بيتها، وعرف بأمر ضياع ( اودي ) من منزل ( جون ) ذلك الرجل المتربص به، فأخذ يبحث عنه، إلى أن اهتدى إليه وبطريقة خبيثة استطاع أن يقنع المرأة العجوز بأنه الصاحب الحقيقي لـ ( اودي ) فأخذه منها، أما ( غارفيلد ) شعرَ بعدها بتأنيب الضمير وبالجريمة الشنيعة التي اقترفها بحق ( اودي ) فأخذَ عهداً على نفسه أن ينقذ ( اودي ) من قبضة ذلك الرجل الذي اتهمه غارفيلد فيما بعد بعدم الإنسانية والوحشية في استغلال الحيوانات الأليفة وراح في مهمة شاقة ومغامرة كبيرة يبحث عن ( اودي ) ليعيده إلى المنزل وإلى صاحبه ( جون )، واستطاع غارفيلد الذي نفضَ عنه الكسل والدلال والترف أن ينقذ ( اودي ) من براثن ذلك الرجل المجرم..

أنصح الآباء والأمهات أن يشاهدوا مع أطفالهم فيلم غارفيلد، أما مَن ليسوا بآباء أو أمهات فلا بأس أن يستمتعوا بمشاهدة غارفيلد إذا كانت تتحكم فيهم نوازع ( غارفيلدية )، فلربما شعروا بتأنيب الضمير يوماً وتراجعوا عن إلحاق الأذى بالآخرين..

محمود كرم

كاتب كويتي

[email protected]