بدأت المنافسات الانتخابية الفرنسية، بين ساركوزي ورويال، بين اليمين واليسار، بنزاهةٍ وحيدةٍ واحترامٍ لعقولِ الفرنسيين، لم يُسجن مرشح ولم يهاجمه إعلام حكومي، لم تُسخَر الشرطة وأجهزة الدولة لمرشحِ الحزبِ الحاكمِ، الانتخاباتُ لصالحِ الدولةِ الفرنسيةِ ككلِ، الحكمُ للأصلحِ من وجهةِ نظرِ الشعبِ.
الحديثُ الانتخابي كله عن المتنافسين الرئيسيين، شيراك، الرئيس الحالي يُلملم أوراقَه، يستضيفُ الرؤساءَ الأفارقةَ ليودعهم، ظاهرياً، يعطيهم درساً مجانياً في كيفية ترك كرسي الحكم، بالدستور واحترام طبيعة البشر الملولة التي تفترض أن للعطاءِ حدوداً. لم يُكتب حرفٌ أو تنُطق كلمةٌ للمطالبةِ ببقائه، لم يُمجد، لم تُنسب إليه صفاتُ الحكمةِ وبعدِ النظرِ والشفافيةِ والطهارةِ والعفويةِ والتفردِ.
رُقي سياسي واجتماعي لا تعرفه شعوبُ منطقتِنا التعيسةِ، الكلُ يتسلطُ عليها ويخدعُها، جالساً كان علي كرسي الحكم أو ساعياً إليه. الشعوبُ من وجهة نظرهم أدواتٌ لتحقيقِ أهدافٍ خاصةٍ سواء كانت الاستمرارَ في السلطةِ أو تجربةِ شعاراتِ الحلولِ الهلاميةِ. العالمُ في حركةٍ مستمرةٍ للأمامِ، أما في منطقتِنا فالحركةُ إما للخلفِ أو محلك سر، ركودٌ يتساوي مع العدمِ، صخبٌ وضجيجٌ بلا مضمونٍ، لا حوارَ ولا تعايشَ ولا تسامحَ، عنفٌ وكراهيةٌ وكذبٌ وتزويرٌ. مناخٌ مسمومٌ، أسهمَ فيه الجالسون علي كراسي الحكمِ قيل غيرِهم، لم يعملوا بإخلاصٍ، لم يكسبوا ثقةَ الشعوبِ، لم يعُد لحسنِ النوايا محلٌ، توجسٌ وريبةٌ في كل ما يُطلق من شعاراتٍ وسياساتٍ، الوجوهُ مرفوضةٌ منفرةٌ خادعةٌ مستأجرةٌ.
المستقبلُ مظلمٌ، بلا رؤية لكيفيةِ انتقالِ السلطةِ، ولا متي، فرنسا قدمت، كعادتها، درساً عظيماً، شيراك خرج بكرامته، بينما يستمر آخرون علي الكراسي حتي الموتِ، وهو أضعفُ الإيمانِ لشعوبٍ فطَسَت،،
ا.د. حسام محمود أحمد فهمي
التعليقات