تعديلات دستورية جري التدبير لها بدءاً بتعيين بعض الأعضاء بمجلس الشعب، معروفين بالمقدرة علي السبك والتتبيل، وصولاً منذ ثلاثة أشهر لإعلان الرغبة في التعديل، انتهاءً بموافقة الحزب الوطني علي التعديلات بأغلبيته الساحقة الكاسحة؛ سلسلة من الحركات، نفس السيناريو، نفس الإخراج، نفس الأداء، قديم في قديم.


الشعب المصرى أيضاً لم يتغير، لم يتابع، لم يهتم، الأمر لا يعنيه، حياته اليومية استغرقته، السياسة وناسها فقدوا احترامه وتقديره واعتباره، تركهم في حالهم. الوضع في مصر شديد الغرابة، اتفاق غير مكتوب بين الشعب وحاكميه، كلٌ في حاله، حائزو السلطة يتصرفون براحتهم لاستمرار حيازتهم للكراسي، الشعب بحريته في الحياة العشوائية المخالفة لكل القوانين، القانون لم يعد سيداً إلا بالطلب.


الشعب المصري ابتدع نظرية الحياد السلبي، يدير ظهره للمتصارعين علي حكمه، يتركهم وشأنهم، يتقاتلون، يتشاتمون، يزورون، يكذبون. أمرهم لا يعنيه، أياً كانت شعاراتهم، سواء كانوا من عياشة الحزب الوطني، أو من حملة اللافتات الصارخة المتشنجة بالحلول الهلامية، أو من فتات ما تبقي من أحزاب المعارضة الورقية.


الدستور لم يعد محل اهتمام، ما من أحد يعرف علي أي وضع كان قبل التعديل ولا إلي ما سيؤول بعده، ليس هناك من يدل ولا من يرشد، عمداً ومع سبق الإصرار، شعبٌٌ خرج من الحسابات بفعل فاعل ماكر وبفعله أيضاً. أما النتيجة، لم تخرج عن كل ما سبق، أغلبية كاسحة من المصريين لزمت حياتها اليومية، أقلية نذيرة سيقت من المصانع والمزارع في مقابل مكافأة تصويت، وجبة كانت أو قرشين. النتيجة هللت لها كل صحف الحكومة، كالعادة، العناوين الحمراء تشيد بوعي الشعب المصري، بفضحه للمعارضين الحاقدين قصار النظر، بالمرحلة الجديدة التي ستدخلها مصر.


لم تحدث المعجزة، الشعب المصري ظل علي حياده، لم يشتري صحف الحكومة، لم يلتفت إليها، إنها في أشد عصورها إظلاماً.

ا.د. حسام محمود أحمد فهمي