في الحقيقة كنت أتوقع مثل هذا الإعلان من جانب النائب بطرس حرب وهو القطب المتقدم من أقطاب 14 آذار حيث كان كثير التردد على زيارة عين التينه التي هي رئاسة أركان حركة 8 آذار الموالية لسوريا والمرتبطة من الخلف بإيران. فإعلان السيد حرب بالأمس بأنه لن يكون مرشح الأغلبية فقط لأنه لا يقبل بأن يقضي فترة ولايته الرئاسية مدافعاً عن شرعيته إنما يعني أن السيد حرب وهو القانوني المرموق يطعن في شرعية الرئيس الذي ستنتخبه الأغلبية دون موافقة الأقلية وهذا أمر غير مقبول على قادة quot; ثورة الأرز quot; وخاصة الحكيم بالإضافة إلى أنه مجافياً لأحكام الدستور الذي لم يكتب لصالح فريق دون الآخر من الشعب اللبناني.

وبعد إعلان حرب بساعات قليلة أعلن النائب والوزير السابق فارس بويز وهو أحد المتسابقين إلى كرسي بعبدا بأنه لن يكون رئيساً لفريق دون الآخر. والمفاجئ في إعلان بويز أنه أكد في شرح موقفه على أن لا اجتهاد في النص الدستوري لكنه مع ذلك راح يجتهد في شرعية العرف حيث كان قد تم انتخاب جميع الرؤساء بحضور ثلثي أعضاء مجلس النواب. لم يورد بويز أي نص يصرّح بنصاب الثلثين وذلك لأن الدستور وبوضوح لا لبس فيه ذهب لانتخاب الرئيس بالأكثرية المطلقة إذا تعذر انتخابه بأكثرية الثلثين في الدورة الأولى وهذا لا يعني أبداً أن النصاب الدستوري للدورة الأولى هو ثلثا أعضاء مجلس النواب ولو كان ذلك صحيحاً لما فات المشرع كما لم يفته في مسألة تعديل الدستور. ولا يفوتنا هنا أن نشير إلى أن نبيه بري سيلعب لعبة الثلثين في عقد الدورة الأولى التي لن يعقدها كي يحرم الأغلبية من عقد الدورة الثانية بالأغلبية المطلقة!!

فتافيت السكر التي ألقى بها المتسابقان حرب وبويز لجماعة 8 آذار طمعا بالحصول على موافقتها على أحدهما رئيساً للجمهورية سيلقي أكثر منها متسابقون آخرون غداً وبعد الغد مؤكدين أن رئيس الجمهورية القادم يجب أن يكون محل موافقة ليس فقط من قبل حزب الله وحركة أمل بل أيضاً من قبل سليمان فرنجية وطلال أرسلان ووئام وهاب وناصر قنديل وهلّم جرّا!! ما على قادة quot; ثورة الأرز quot; أن يخشوا كل الخشية هو أن حسن نصرالله امتنع حتى اليوم عن إعلان مرشحه للرئاسة، بالرغم من استعجال الجنرال عون وإلحاحه على تسميته، في تاكتيك منه لخلخلة صفوف جماعة 14 آذار من جهة وتحسين موقع جماعة 8 آذار لتغدو العروس الأجمل التي يخطب ودها سائر الشباب. فبطرس حرب قبل الأمس ليس كبطرس حرب اليوم وقد غدا الخاصرة الرخوة لجماعة 14 آذار. المتسابقون الذين يلقون فتافيت السكر لجماعة 8 آذار من شأنهم إمالة الميزان لصالح هذه الجماعة حتى وإن لم يكونوا من جماعة 14 آذار كفارس بويز.

على قادة ثورة الأرز الإسراع إلى سد الطريق أمام مثل هؤلاء المتسابقين. وهذا لن يكون بغير تسمية مرشحهم للرئاسة الذي لا يقبل المساومة والتغيير. الشعار الحالي، شعار الرئيس التوافقي، الذي ترفعه بعض الأطراف المتذاكية في جماعة 14 آذار ظناً منها بإمكانية الوصول إلى انتخاب رئيس مقبول على الطرفين لن يجلب لجماعتهم إلا التراجع والخسارة. هل ثمة رئيس يكون مع الثورة وضد الثورة بذات الوقت؟!! تسمية جماعة 14 آذار لمرشحها للرئاسة بصورة قاطعة من شأنه أن يحرم جماعة 8 آذار من أي سكر، وهذا ما يحتاجه الشعب اللبناني بالرغم من كل الزعيق العالي لأزلام النظام السوري.

عبد الغني مصطفى