هل شعر أحدكم بالعجز والحيرة ولم يستطع أن يحير جواباً حينما يتوجه له أحد الأطفال متسائلاً: ماذا يعني العنف المتمثّل في الحروب وعمليات الإرهاب والقتل، ولماذا يموت فيها الأطفال؟؟
وكيف نستطيع حينها أن نوفر للطفل الشعور المطمئن بالأمان في ظل كل هذا العنف، وهل علينا أن نهتم بذلك، أم يجب على الطفل هو الآخر أن يعيش الخوف لحظةً بلحظة، لأنه واقع مثل غيره من الكبار تحت وابل الدمار والموت والإرهاب، وربما أصبح شأنه شأن الكبار أيضاً في متابعة مشاهد العنف والقتل والإرهاب التي تبثها الفضائيات بين الحين والآخر وتتصدر صفحات بعض الصحف..؟؟
شخصياً لا أستطيع أن أفسر لابنيّ الصغيرين، محمد وفرح، بشاعة العنف، سواء تمثل ذلك العنف في المشهد السياسي أم الديني أم المذهبي أم الاجتماعي، لأن العنف لا ينتج سوى ذاكرةٍ مشوهة ومشبعة بالقتل والكراهية عن الفعل البشري حينما ينزع بإرادته إلى تبني ثقافة الموت والدمار والقتل والخراب، فالعنف يُسقط من حساباته العبثية الإنسان، والإنسان الطفل بالأخص، لأنه ليسَ لغة إنسانية وليس مشروعاً إنسانياً نبيلاً، وليسَ بديلاً ناجحاً، وينتمي إلى عالم الكراهية والفوضى والعبث والوحشية..
وفي ظل الموت المجاني وعمليات الإرهاب الديني التي أصبحت تحيق بالإنسان من كل جانب، كيف نستطيع أن نقول للطفل أن رسالة الإنسانية على مر الأزمان هي الحفاظ على قداسة الذات البشرية وإشاعة ثقافة الحب والود والتعايش، وهو يرى أن عمليات القتل والإرهاب تستهدف الإنسان أولاً وتلقي به في هاوية الموت والفناء، وكيف يجب أن نقول له بأن الإنسان حينما يفشل في ثقافة حب الذات والآخر والحياة ينتهج ثقافة الكراهية والعنف والقتل والإرهاب طريقاً له في الحياة، وكيف نستطيع في مقابل ذلك أن نقول له بأن على الإنسان أن يكفّ عن صناعة العنف والموت والدمار وهو يعلم بأن الإنسان مصدر كل تلك الشرور، وكيف نطلب من الأطفال أن عليهم أن يتخلوا عن ألعابهم ولغتهم وطريقتهم في الحياة لأن العنف والإرهاب نتيجة طبيعية لحماقات الإنسان ولنزعته التدميرية ولحساباته ومصالحه السياسية والدينية والمذهبية..
وهل علينا أن نطلب من أطفالنا الآن ولاحقاً أن يكفوا عن أحلامهم البريئة وعن مناماتهم الحالمة وعن غدهم الجميل، لأن عليهم واجباً مفروضاً بالصحو كل يوم على شعارات الكراهية والتكفير والنفور من الآخر المختلف..
وكيف نستطيع أن نقول للأطفال أن الإنسان يقف عاجزاً عن وقف آلة العنف المدمرة وهو مَن يديرها، فهل سيقبلون منا أن نتكلم نيابةً عنهم وندافع بعد ذلك عن حقهم الإنساني في حياة هانئة وسعيدة..؟؟
وهل هناك واقع أكثر مأساوية من أن يتقصد الطفل متابعة أخبار العنف والقتل على الفضائيات، بدلاً من انصرافه للعب واللهو واللحظات التي تجلب له المتعة والسعادة، فأمام هذه المأساة هل يبقى الطفل طفلاً، أم يصبح كائناً مختلفاً لا يمت للطفولة بصلة..؟؟
الأطفال وحدهم ولا أحد غيرهم يمنحون الحياة بهجة التواصل ويمنحونها أصل البقاء وفتنة السعادة، ويصنعون بضحكاتهم وابتساماتهم أنشودة الحياة الأجمل، فكيف ننقذهم من ثقافة التكفير والكراهية والعنـف..؟؟
محمود كرم
كاتب كويتي
[email protected]
التعليقات