شهدت الجلسة الاخيرة في البرلمان العراقي ظاهرة قل نظيرها في قاعات وغرف البرلمان. لأن من المعروف لدى العراقيين أن أعضاء البرلمان لايصبح التوافق سبيلهم الا في حالتين. الاولى اذا كان الامر متعلق بحج quot; الفطاحل quot; الاعضاء المحترمين هم واقربائهم quot; المتفضلين والمفضلين quot; على العراقيين فحينها يتحولون الى عباد الله الافضل في كل الكرة الارضية فيحرصون بكل ما أتو من قوة على ترك العباد والبلاد تخوض بدمائها وتستجدي حاجاتها وقوانينها من مدمني الحج على حساب الأم الناس!!


أما السبب الاخر لتوافق quot; أبطال quot; البرلمان العراقي فيكون ذلك عندما يتعلق الامر بالامتيازات المالية والشخصية الخاصة بهم quot; والباطلة quot; والتي تذكر العراقيين بقانون quot; أصدقاء السيد الرئيس quot; الذي اصدره صنم العراق السابق والذي يمنح امتيازات مالية ضخمة الى فئة معينة على حساب الشعب وبدون اي وجه حق او سند قانوني او شرعي او اخلاقي. فحينها كل قوائم البرلمان تتحول الى فرق وديعة ومسالمة من الجنس البشري quot; تبحث وتحرص على مصلحة الوطن العليا quot; من خلال الحصول على مكاسب مالية لممثلي الشعب لايتوقع حجمها اي عراقي يبحث بكد وعرق جبين عن لقمة ورزق اطفاله.

في الجلسة الاخيرة أضيف استثناء اخر وجديد يستحق المتابعة والاصغاء والبحث فيه. لان هذا الاستثناء جاء هذه المرة بطريقة quot; حميده quot; وفي الواقع يستحق الاحترام والتقدير. حيث تم ترشيح السيد نصير العاني عضو الحزب الاسلامي. كرئيس لديوان رئاسة الجمهورية وبدرجة وزير. والملفت للنظر ان كل القوائم البرلمانية وبدون استثناء، بدأت وبشكل ملفت للنظر بالاطراء المباشر والكبير حد الافراط بشخص العاني وتمت المصادقة على ترشيحه باجماع قل نظيره شيعة وسنة واكراد وتركمان. انا شخصيآ لاتربطني علاقة ولم اتعرف على الرجل عن قرب الا بحكم عملي الاعلامي كنت اراقبه من خلال الفضائيات العربية والعراقية وكانت مواقفه دائمآ غاية في الاعتدال. وبصراحة كان علامة فارقة ومميزة في قائمة quot; التوافق quot; التي يرأسها عدنان الدليمي أحد رموز مؤتمر اسطنبول الطائفي وبلامنازع. وبصراحة اكثر كان علامة اكثر من مميزة لان هذا الرجل ينتمي الى حزب رئيسه طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية و صاحب شعار quot; سنجعلها أنهارآ من الدماء quot; مهددآ اكبر طائفة عراقية بعد تفجير مرقد الامامين العسكري والهادي، وما ترتب على ذلك من دماء وقتل لامثيل له.

أن نصير العاني ظاهرة تستحق الاحترام والتقدير، كما تستحق الاهتمام الكبير والمتابعة من قبل الكثير من السياسين العراقيين الذين اتخذوا من دماء العراقيين وسيلة كبرى للوصول الى اهدافهم السياسية. فهذه الظاهرة الانسانية والوطنية تقول وترد عليهم ان عراقيتنا وأنسانيتنا اكبر بكثير من طرق الالتواء والدم والتهجير الذي يتخذها البعض. كما أن موقف اعضاء البرلمان من كل الكتل التي أيدت وبقوة المصادقة على ترشيحة ايضآ يستحق الاحترام والتقدير. لانهم تصرفوا ونطقوا بعراقيتهم التي هي اكبر من اي عنوان اخر quot; وهذا شيء غريب على اكثرهم quot;. وعليهم ان يتذكروا أن بين صفوف العراقيين نماذج لاتعد ولاتحصى مثل العاني بل واكبر بكثير وقد دفعت التضحيات وتحب وطنها ومن كل الشرائح العراقية. من الاكاديمين والادباء والشعراء والاعلامين والسياسين المستقلين ووجهاء أجتماعيين ومواطنيين عراقيين. قد تم اهمالهم جميعآ ليس لذنب اقترفوه. فقط لانهم لاينتمون الى اي حزب او جهة سياسية معينة. بينما الذين يحيطون بهم في الوزارات ودوائر الدولة المهمة مجموعة من اشخاص غير مؤهلين لاعلميآ ولاحتى اداريآ أو فنيآ. لكنهم quot; مؤهلين quot; فقط اما عشائريآ او حزبيآ او مصلحيآ !! وكل هذه الصفات والارتباطات الثلاثة لاتعطي الحق بتعينهم في مثل هكذا مراكز حساسة وفي وقت حساس من تاريخ العراق. ولااعرف كيف فات على الذين ساروا بهذا النهج البائس ملاحظة تجربة صنم العراق السابق وهي مازالت نتائجها ماثلة امام العيون. حيث تحول العراق الى خربة تسمى بلد والى خطوط عرض وطول جوية وارضية الى حد تفتيش غرفة نوم quot; بطل الامة القومي quot; !! كل ذلك بسبب اعتماده على الجهلة واستهدافه للاكاديمين والمؤهلين علميآ وتغييبهم. حتى وصلت الامور الى تسليم البلد الى القوات الاجنبية. فهل هذا نموذج مشرف يحتذى به !! ولماذا هذه الاصرار على تغييب الكفاءات العراقية وتجاهلها !! بل وتقديم الجهال عليهم !!. أن مثل هذه الاسئلة لم تعد تطرح اليوم لمجرد الطرح او المناقشة. بل هي اجراس انذار على الاخرين ان يهتموا بها جيدآ وان يعطوها حقها من التفكير والمبادرة الفعلية والعملية نحو الاحسن ونحو الصواب. والأ فان عقارب الساعة لن ترجع الى الوراء في هذا الزمان او الزمان القادم وكل زمان. يوم لاينفع الندم.. وذكر عسى تنفع الذكرى. وأذا من حليم في الجمع فان الاشارة تكفيه.. هكذا افترض.

محمد الوادي
[email protected]