قال صديق (أكتب أليك من مهجري في البصرة ) وهو من ديالى،بل من بساتين رمان بعقوبة،ولا أعرف و(حق التاريخ العراقي ) هل هو سنيا أم شيعيا ً على مدى ثلاثين عام ولحد الأن يكفيني حيائي أن أسأله،عرفته عراقيا ً صميميا ً ومحب للناس ولعائلته وأولاده وزوجته الذين لاأعرفهم،وقد ختم رسالة بريده بـ(صديق عمك المُهجِّر في البصرة من ديالى )،فقد عرفته من خلال أحد أعمامي.

هاجر نبي العرب والمسلمين من مكة الى يثرب،خوفا من القتل والإنتقام،فأنقذته الحمامة وأنقذه بيت العقرب،كما هي المقدسات،فإن ذلك حدث بقوة الله العزيز القدير،وبعده في الدول التي تأسست بإسمه وحملت خلافته،كانت الناس لايحميها بيض الحمام ولا شبكات العقرب ولا الحكمة والعدالة،فقد قيل (تلاقفوها يابني أمية فوالله لاخبرا ً جاء ولاوحيا ً نزل )،وحصل ما حصل من إمور السياسة وفتح الدول والتمتع بسلطان القوة والأرض المفتوحة،فعدنا نسمع بتمردات الشيوخ مثل عمار بن ياسر وأبي ذر الغفاري واخرين لم يذكرهم تاريخ العرب والبشرية إلا بقليل من الفيض.

يتناول المغربي (حسن ) القرآن ويقرأ به في غرفته منعزلا ً وصامتا ً يتمتم وهو ينحني برأسه قبل أن يتناول تلفونه النقال ليكتب فيه قبلت ُ (الهجرة )، وهجرة حسن تختلف عن هجرة رسوله الأمين، فهجرة حسن هي الذهاب الى العراق ليفجر نفسه بين المشركين من أهل العراق،بل لقتل أعداد أكبر منهم ومن الذين يقبلون بالعيش معهم أو الصليبيين الذين جاؤا لإحتلال أرض الإسلام،بل الموت لتحريرها من الروافض ونجاسة الأديان الوثنية،فيصبح حسن عريسا ًبين العرسان الذين يحوطون بـ(النبي)....

لم يذكر التاريخ البشري أو الإسلامي إن محمدا وصديقه قد هاجرا وهما مسلحان أم لا؟،والمنطق يقول يجب عليهما التسلح في ذلك الوقت البربري، ولم يذكر الكتاب المقدس ما هي إحتماية قتليهما، وما إن شاء الله من الحدث،لكن تابعون محمد والصديق والخطاب وعلي والحسين الأن يهاجرون إلى بلدان الأرض الواسعة،لينشروا ثقافة العنف والتخلف،فيزيدوا من إرباك الناس الاخرين في فهم ثقافة محمد الإولى في الهجرة والغرض منها،وكذلك في إثارة الغربيين وهم (الاخرون) في كراهية دين لم يقترف معضلات بشرية كما ينسب إليه الأن،بل وكما نعرف هي مشكلات سابقة تاريخية نصفها لاينصفها التاريخ،فالسنة في الغرب لايطيقون شيعة الغرب وشيعة الغرب لهم في حرية الأوطان حرية الإجتهاد و القامّة واللطم على الطفّ،والغربيون يجاملون الأصوات الأنتخابية ومايدرون إن البلاء الأسود قد وصل،ومحمد وعلي والصديق والخطاب بيض الوجوه وقد تراكم عليهم الوجع.

في العراق مهجرون سنة وشيعة،وهؤلاء لم يتركوا جغرافية العراق لسبب واحد رئيسي واحد هو الفقر وعدم الإمكانية وأسباب أخرى متعلقة،لكنهم هاجروا في داخل العراق السياسي حسب الخريطة الدولية،وهم على يقين قد حفظوا على باطن القلوب هجرة محمد والصديق وهجرة الحسين من مكة حتى الكوفة،وهم جميعا ً مسلمون عراقيون في الجنسية، وحسب الجنسية هم جميعا ً عربا ً،فالجنسية العراقية تشير وبـإحترام للقومية والجنس وليس للمذهب،فأين نتحسس الفرق الأن،ولماذا لم يكن التحسس فيه حينما كان البعث شيعيا ً عنيفا ً في الجنوب،وسنيا بعثيا ً ً قائداً في معارك الدكتاتورية،وكرديا ً بعثيا ً حسب مصلحة التوازن الحزبي العشائري.

في الهجرة يفتقد الناس للأهل والأصحاب والدواء والغذاء والماء والكهرباء والأمن والحياة..وفي هجرتنا نبحث عن الشرف والحقيقة وإرساء الذات والمعرفة...وننتظر الموت.

واصف شنون