في هذا اليوم الأغـّر الخالد الجميل من تاريخ أمتنا العربية والإسلامية المجيدة، التي حباها الله، ولوحدها، ودونا عن سائر الخلق والعالمين، بنكبة وراء نكبة، وبمصيبة وراء مصيبة، وبسفاح وراء سفاح، وبنعم لا تحصوها إن تعدوها من الاستبداد والنقاب، والحجاب وشطحات فقهاء الإرضاع الميامين، لا زالت شعوبنا العربية العظيمة، وهي للتذكير خير أمة أخرجت للناس، ترفل بالفقر والجهل والقمع والزنازين، وتحتفل جحافل الجماهير المؤمنة بقضاء الله، وكانت قد سلمت، سابقاً، قدرها وأمرها له، عندما اندحرت جيوشها الوطنية الباسلة في ساح الشرف والفروسية والوغى، وهروبها الماراتوني الرائع السريع، مسجلة بذلك رقماً قياسياً جديداً في الفرار، أمام جنود اليهود الذين أيدهم الله بنصر من عنده، هذه المرة، ولحكمة لا يعلمها إلا سبحانه وتعالى، لأن كل ما حصل كان من تقدير رب العرش العزيز الحكيم، ودون أن تطلق تلك الجيوش الجرارة المغوارة أية طلقة، أو quot;فشكةquot;، باتجاه القوات الغازية الكافرة، وذلك تجسيداً لفكر استراتيجي بعيد المدى لا يفقهه أحد من المواطنين، وهو ادخار الجهد والوقت والمال تحسباً للمعركة الكبرى والحاسمة التي ستخوضها هذه الجيوش، لاحقاً، ضد الشعوب الخانعة، وفي يوم ما، وحسب التوقيت الهجري لا الغريغوري المشبوه الآثم اللعين، سيحدد ساعتها الفقهاء علماء وأحبار الأمة الأبرار، وذلك بعد أن يستحصلون على فتوى مناسبة من الأزهر الشريف لذلك القرار التاريخي والجغرافي المنتظر العتيد، ومن نفس المكان الذي قام فيه رهط فتية آمنوا بربهم الجليل من جماعات الإسلام السياسي باستعراضهم الفاشي العسكري الشهير، ولكن بعد أن ينكفئ اليهود المـَكـَرة والكـَفـَرة عن الجنوح نحو السلم، وشرط أخذ موافقة ماريشالات التجويع على ذلك، وحتى ذلك الوقت سنكتفي بجهادنا ونضالنا الانتحاري ضد الآخر المختلف بالرأي والهراطقة الزنادقة المرتدين والأطفال والنساء والشيوخ العجزة المسالمين في كافة المدارس والشوارع ومقاهي الإنترنت العربية. غير أن النصر الإذاعي والخطابي العروبي الذي حققته الجيوش العربية، كان أعظم بكثير من هذا النصر الصهيوني التافه الهزيل على الأرض، حيث ما يزال الإعلام القومجي النحرير يتوعد إسرائيل في الإذاعات والفضائيات، برميها في البحر العميق، دون أن يرف له جفن أو ضمير، وإقامة خلافة إسلامية مكانها تزدهر فيها الجواري والغلمان وترتفع فيها المقاصل ومحاكم التفتيش، وما زال على وعده البطولي الأجوف الفارغ هذه حتى لحظة كتابة هذه الخرابيش.

والتفتت جيوشنا الغراء وشعوبنا العربية العريقة بعد ذلك إلى معارك الداخل التي تعتبرها معارك مصيرية، وهي المعركة الأهم ضد بعضهم البعض فقامت الطوائف ضد الطوائف، والعشائر هاجت ضد العشائر، والمذاهب ماجت ضد المذاهب، والسلفيون هبوا هبة رجل واحد ضد الملاحدة العلمانيين أولاد..... الملاعين، حيث تمت تصفية آخر جيوبهم في الحواضر العربية الكبرى، وهـُجـّروا، غير مأسوف عليهم، إلى دار الكفر في لندن، ونيويورك، وباريس، وحلت محلهم والحمد لله اللحى، والعمائم، والجلاليب. وقامت وزارات الأوقاف والتربية والإعلام العربية بعملية تطهير، وتطعيم، وتدجين، وغسل وتنظيف، وبتوفيق من الله، وبـquot;الخزعبلات والتلفيق والتخاريفquot;، لأدمغة الإنسان العربي وجعلتها عصفاً مأكولاً، وأثراً بعد عين، وطيعة مثل النايلون وغصن الياسمين، تهذي في الليل البهيم، وتناجي الجن، وتعاشر العفاريت، وتحارب الشياطين، وتعيش في الزعبرات والوساوس، وتتضرع إلى الله سبحانه وتعالى، بنفس الوقت، من أجل كسرة خبز يسد بها رمقه ورمق عياله الجائعين المساكين.

بينما بقيت أنظمة أولي الأمر القدرية الأبوية الصالحين، وبفضل الجبار المقتدر المعين، شامخة متغطرسة، تطبق على صدور ورقاب السبايا المأسورين من المحيط إلى الخليج يؤيدها الله العلي العظيم بجنود لم تروها من قبل، وبفتح مبين، وبنصر، ووعد حق مكين، من عنده بأن يبقيهم على صدور العالمين، إلى أبد الآبدين ويوم الدين، ويوم الحشر العظيم حيث لا ينفع لا مال، ولا بنون، ولا واسطة، ولا وجاهة من الوزراء والمسؤولين أو اللصوص الحرامية والنشترية المرتشين السارقين الفاسدين المفسدين. ومن حق هذه الشعوب اليوم أن تحتفل بتلك الذكرى العزيزة على قلوبها، وهي ترى ما آل إليه مسلسل النكبات والكوارث العربية الذي يتوالى يوماً بعد يوم. وحروب التصفيات العربية العربية، والإسلامية الإسلامية تندلع وفي نقل حي ومباشرة على الهواء مباشرة، من غزة-ستان، ودارفور، ونهر البارد، وعين الحلوة، والعراق، والصومال،والجزائر، واليمن، والقادم أدهى وأعظم، في بقية بؤر الإيمان الملتهبة من طنجة إلى جاكرتا.

لقد أصبحت نكبة حزيران/يونيو، ذكرى رومانسية حالمة تداعب خيال الإنسان العربي، أمام هول المآسي وكم الفواجع وحجم الفظائع التي تتربص به ومن حوله، وبعد أن تحولت شعوب خير أمة إلى قطعان من النازحين، واللاجئين المشردين. ومع كل التمنيات القلبية الصادقة، ومن السميع العليم المجيب، أن يعيدها على أمة الأعراب العظيمة قاطبة، بين فينة وأخرى، وحين من بعد حين. فهي، وبالمحصلة النهائية، ارأف، وأرحم، وأكثر برداً وسلاماً على قلوب المواطنين مما يرونه من مخازي وفضائح ومهازل وذل مهين، من أنظمة الموت، والعار، والجحيم.

ولا زالت الهزائم، والنكبات عامرة بدياركم يا أمة المفلسين المهزومين.

آمين

نضال نعيسة

[email protected]