أحداثٌ سياسية تتسارع ؛ وأزمات اجتماعية واقتصادية تعصف بدول الشمال الإفريقي أو ما يسمى بتجمع المغرب العربي؛ وقادتها ومسؤولوها يغطون في خلافات ضيقة لا تنتهي ؛ شعوبُ المنطقة في غنى عنها !

الزيارة التي تقوم بها مستشارة الرئيس الاميركي جورج بوش لشؤون الأمن الداخلي ومكافحة الارهاب فرانسس فراغو تاونسند؛ إلى كل من المغرب والجزائر ؛ والزيارة المرتقبة للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى كل من الجزائر وتونس ؛ والزيارات المعلنة وغير المعلنة التي قام بها مسؤولون امريكيون وأروبيين إلى تلك الدول ؛ تندرج في إطار واحد : توحدوا ياقوم وساعدونا على مكافحة الإرهاب الذي استشرى في دولكم ووصل إلينا!

بالأمس أعلنت المملكة المغربية حال الإستنفار القصوى؛ بسبب تهديدات إرهابية ؛ وهي المرة الأولى التي تختار فيها الحكومة المغربية صراحة كلماتها بدقة؛ وبلغة واضحة وكلمات محددة حول وجود تهديد إرهابي ؛ يقف وراءه مايسمى بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي؛ هذا التنظيم الذي أصبح عابرا للحدود ويضم مقاتلين من جميع تلك الدول خصوصا الجزائر والمغرب.

إذا علمنا بأن آخر مرة رفع فيها المغرب درجة التأهب ؛ كانت في الحادي عشر من آذار مارس وفي العاشر والرابع عشر من أبريل نيسان؛ تزامنا مع أحداث الدار البيضاء؛ حيث الأحزمة الناسفة المتنقلة بين السطوح ؛ فإننا سندرك جيدا حجم الخطر الحقيقي الذي يتهدد تلك الدول وعلى رأسها الجزائر التي لم تستفق بعد من التفجير الإنتحاري الذي استهدف أكبر رموز الدولة ؛ ألا وهو قصر الحكومة!

إضافة إلى الإرهاب فإن دول شمال إفريقيا تعاني من استفحال الجريمة المنظمة ؛ التي تعمل في مجالات شتى؛ بداية من السطو على البنوك والمصارف؛ مرورا بخطف رجال الأعمال وطلب الفدية؛ انتهاء بالمتاجرة في المخدرات على محور اسبانيا المغرب الجزائر ثم ليبيا و دول الساحل الإفريقي !

وما حادثة إلقاء القبض على المدعو (زنجبيل) جزائري أو ( إسكوبار) بالتعبير الكولومبي ؛ إلا دليلا واضحا على ذلك. فالزنجبيل اعترف لدى استجوابه من طرف السلطات الجزائرية : أنه استطاع شراء ذمم قضاة ومحامين ورجال شرطة وجمارك؛ وكان العقل المدبر لتمرير الأطنان من المخدرات بين اسبانيا ودول في افريقيا.

من الأجدر أن تكون هذه الأحداث المتسارعة التي شهدتها تلك الدول في فترة وجيزة عبرة للسياسيين كي يتوحدوا ويعملوا من أجل مصلحة شعوبهم في دفع عجلة التنمية قُدما ؛ وفي ترسيخ المؤسسات الديموقراطية؛ فلا الأوروبيون ولا الأمريكيون بإمكانهم حل مشاكل داخلية؛ كما أن المصالح السياسية تملي على العواصم الغربية فرض خيارات صعبة على حكومات تجمّع ( اتحاد دول المغرب العربي) في حال لم تُسارع إلى إعادة ترتيب بيتها الداخلي والتحاور لتجاوز مشاكلها العالقة منذ فترة الإستقلال.

التصريحات الرسمية التي سمعناها من كل من الجزائر والرباط؛ لا تعدو أن تكون إفرازات عن الصراع القديم حول مستقبل الصحراء؛ فكلا البلدين يتهم الآخر بالإتفاق سريا مع الأمريكيين لإنشاء قواعد عسكرية لمحاربة القاعدة في إفريقيا! وكلا البلدين يبيع كلاما للإستهلاك المحلي بحجج السيادة واستقلالية القرار الوطني!

العواصم الغربية التي يتربص بها الإرهاب؛ تراقب الوضع بقلق؛ و تتساءل أعندكم البديل؟ هل أنتم قادرون على مكافحة الإرهاب بمفردكم؟ هل حاربتم الفساد واستثمرتم في مستقبل أبنائكم؟ هل تجاوزتم الخلافات على الحدود ؟ والسؤال الأهم : هل أنتم قادرون على تسيير دول وقيادة شعوب؟؟

سليمان بوصوفه