َستعدُ بعض الأوساط العراقية، لمحادثات حقيقية تخرج البلاد من الوضع المأساوي اليومي بكل أشكاله وصوره.. وتأتي الاستعدادات الحالية في ضوء الموافقة الأممية على العودة إلى العراق، لتحقيق الأمن والاستقرار في البلد الذي عانى أهله الأمرين خلال السنوات الأربع الماضية من عمر الاحتلال.
وقد تبدو صورة الأمم المتحدة أكثر قبولاً في الشارع العراقي من صورة المحتل الذي قضى على النسل والحرث -كما يقال- مُنذ دخوله العراق وحتى لحظة كتابة هذه الكلمات. ويبدو أيضاً أن قرار العودة الأممية للعراق، يؤكد الاعتقاد الشائع، بأن ما يحدث في العراق، لهُ تداعيات استراتيجية، ليس على المنطقة فحسب، بل على العالم بأسره.
دخول الأمم المتحدة العراق عام 2003 كان حدثاً غاية في الأهمية، استطاعت الأمم المتحدة ومن خلال ممثلها (سيرجيو فييرا دي ميلو) أن تلعب دوراً مؤثراً على الساحة العراقية، وأن تجمع الأطراف السياسية والدينية تحت العلم الأزرق في تلك الأيام التي كان الوضع فيها أكثر أمناً واستقراراً مما عليه الحال اليوم، ولكن الأشرار ومن لا يريد الخير للعراق، نفثوا سمومهم يوم 19 من آب /أغسطس عام 2003، وتسببوا في تفجير مقر الأمم المتحدة في فندق القناة ببغداد، وبمقتل 22 شخصاً، بينهم رئيس البعثة (سيرجيو فييرا دي ميلو).
ومُنذ ذلك اليوم وحتى اللحظة، مازالت الخلافات تعصف بالساسة الجدد، ولم تهدأ الآلة الحربية الأمريكية ومن تحالف معها من إنزال أشد العقوبات بالشعب المغلوب على أمره!
واليوم تعود تلك المنظمة الأممية إلى العراق من جديد، بعد أن أظهر الإجماع على العودة أن صفحة طويت من رفض مجلس الأمن للموافقة على غزو العراق عام 2003، وما أحدث في حينه من انقسامات بين الدول أعضاء المجلس.
تعود الأمم المتحدة إلى العراق، وفي جعبتها ثلاث مهام رئيسة :
1. لم شعث الفصائل السياسية العراقية تحت خيمة الأمم المتحدة، وردم الهوة فيما بينها.. والاسراع في تطبيق مايسمى بشروط المصالحة الوطنية، ومراجعة الدستور، بالإضافة إلى الحوار مع دول الجوار، لضمان تعاونها في فرض الاستقرار في العراق. والمساعدة في عودة الملايين الذين هاجروا أوهجروا من ديارهم.
2. تقديم كل أنواع الدعم والمساعدة للشعب العراقي، وتنسيق جهود إعادة الأعمار، والمساعدة في دعم الإصلاح الاقتصادي.
3. تعجيل وتسهيل الانسحاب الأمريكي من العراق: وهو مطلب كل الجماهير العراقية، باستثناء تلك الفئة المستفيدة من بقاء الاحتلال جاثماً فوق صدور العراقيين.
من السذاجة تصديق أن الهروب الأمريكي والبريطاني من العراق، ليس لهُ صلة بالتخلص من المشاكل السياسية في هذا البلد، وإلقاء تبعات ذلك على كاهل الامم المتحدة، ولكن ومع ذلك، نتمنى أن توفق الأمم المتحدة في مسعاها الجديد لترتيب أوراق البيت العراقي.
بالمقابل نأمل أن لايُصيب أصحاب القبعات الزرق أي مكروه، عندما يتجولون وسط حقول الألغام في مهمة أشبه ماتكون بدخول جحيم لايطاق.
وبالرغم من ذلك، فالمواطن العراقي لا يملك سوى التفاؤول، شعاره الأبدي، في كل الظروف..فهل تنجح هذه المنظمة الأممية العتيدة في تلَكُم المهام الجسام؟ أم ان من لا يريد للعراق الاستقرار، سيسعى جاهداً لأفشال تلك المهمة؟!
دعونا ننتظر لنرى ما سيتحقق في المستقبل القريب!
http://maadalshemeri.maktoobblog.com/