ما أحلى الرجوع إليهquot; هذا ما يقولونه عن الحب والحبيب... ولكن لا أعتقد أن هذه المقولة تنطبق على الكتابة وإن كانت حبا أبديا.. فالكتابة أمر صعب وشاق والعودة إليها بعد فترة انقطاع يجعلها أشد صعوبة خاصة إذا كانت الكتابة لهدف ما ومن أجل قيمة غالية وليست الكتابة للكتابة... وهي لا يمكن أن تكون كذلك فقد يكون الضحك للضحك مبدأ يعتنقه بعض الفنانين ويؤمن به كثير من السينمائيين أما الكتابة للكتابة فلا يمكن أن يكون مبدأ يؤمن به الكاتب لذلك فالعودة إليها يجعلها أكثر صعوبة وشقاء.....
وإذا كان البعض يعتقد أن الكتابة لا تؤدي الآن دورها ولا تحرك ساكنا أو تبعث راكدا أو تبدل نظاما أو تغير حاكما ndash;وهي فعلا كذلك-إلا أنها لا يمكن أن تتحول تحت وطأة هذا الواقع القاسي المرير إلى ذلك المبدأ المزعوم (الكتابة للكتابة) فهي ستظل دائما مبعث الحركة ومناط الفكر وكما قال الكواكبي قديما quot;إنها صرخة في واد إن ذهبت اليوم أدراج الرياح فقد تذهب غدا بالأوتادquot;...... هذه هي الكتابة دائما فكر متقد وضمير مشتعل وباعث حركة ndash;وإن تأخرت- ومصدر فوران ndash;وإن سكن زمنا-
بالرغم من إيماني بكل ذلك إلا أن الكتابة في واقعنا السياسي العربي كثيرا ما تصيب الكاتب والقارئ ndash;على السواء- بالإحباط لوقت قد يطول ولكنهما في النهاية يعودان.. الكاتب ليكتب والقارئ ليقرأ وينتقد ويعلق... هذا ما يحدث بين الكاتب والقارئ أحيانا وعلى الجانب الآخر هناك كتاب وأحاديث تصيبنا بالإحباط الدائم والأبدي وهي خطابات الحكام العرب ومن يكتبون لهم فها هو حاكم عربي ndash;من سلالة فرعون- يقول أن شعبه سعيد الحظ لأنه يحكمه وأنه سيظل يحكم لآخر يوم في حياته !!!! هل يصدق أحد هذا؟؟!! هل يمكن لكاتب أن يكتب لحاكم مثل هذا الحديث........ وحاكم عربي آخر يقول أنه اختار شعبه ليحكمه!!!! لقد تعلمنا جميعا أن الشعوب هي التي تختار حكامها أما أن يختار الحاكم شعبه فهذه أحدث صيحات الحكام العرب وكتابهم الأجلاء...!!!!
فهل يعتقد أحد أن حديث الكاتب ومقاله مهما كانت درجة إحباطه يمكن أن تصل إلى ما يكتبه كتبة الحكام العرب؟...هل يعتقد أحد هذا؟؟ وماذا يمكن أن نقول لهم.
فقط أذكرهم بقول الشاعر:

وما من كاتب إلا سيفنى ويبقي الدهر ما خطت يداه
فلا تكتبن بكفك غير شئ يسرك في القيامة أن تراه

كاتب وطبيب مصري
[email protected]