يمكنه أن يحلم بالحب دون معايشته بحكم الطبيعة الاجتماعية المتشددة وإن كان من الممكن رصد تفاصيل متباينة حسب المنطقة التي ينتمي إليها، ونمط الأسرة وضوابط سماحها بالتواصل مع الجنس الآخر. في المنطقة الغربية، وبعضاً من الشرقية، وأطرافاً من الجنوبية، وأجزاء من الشمالية يسقط الحجاب بين الأقارب، وقد يمتد هذا التسامح ليشمل الحي أو القبيلة، فضلاً عن أن بعض الأسر لاتعنى بالحجاب بمعنى تغطية الوجه لافي سفر ولافي حضر. بقية السعوديين تقتصر صلة الواحد منهم بالنساء على الأم والأخوات والخالات والعمات، والمحارم من الرضاع إن وجدن. أما الخيارات الأخرى المتاحة لرؤية المرأة فهي إما عبر الشاشات، أو أثناء السفر، وأحياناً خلال مراجعته للمستشفيات، أو إذا طار حجاب أنثى بفعل الهواء، أو ربما حين تتكشف له صديقة أخته قصداً أو عرضاً.
نتيجة هذه الوضعية نمى لدى الشباب ولع مفرط بالنساء، وشغف بمحاولة استكشافهن فأصبحوا أهم رواد المحطات الغنائية، والأكثر مساهمة في الرسائل المتدفقة غراماً وشوقا، والأقدر على تذكر أسماء المغنيات والممثلات، ووصفهن بدقة إذا تطلب الأمر ذلك.
هذه الخبرة تثقيفية أساسية لأنها تفتح عين الشاب على معايير الجمال الأنثوية، وتجعله قريباً من عصره، والأهم من ذلك كله أنها تساعده، مبدئياً على اختيار الزوجة الأكثر مناسبة له، فعندما تقترح عليه أمه أو أخته عروساً ما يدور النقاش حول مواصفاتها مقارنة بفنانات يحب فيكون شعرها أقرب إلى شيرين وفمها، الخالق الناطق، أليسا، وقامتها تجوى كرموهكذا يستمر مشهد الوصف المقارن إلى أن يتخيل صورة شبه واضحة كأنه محقق يتقصى ملامح مجرم هارب!
السعودي أكثر خلق الله جهلاً بالمرأة، وأسوأهم فهماً لها، وأقلهم استشعاراً لمتطلباتها وتفاعلاً مع رغباتها ليسلأنه يحتقرها بل الأمر، بكل بساطة، أنه لايعرف عنها شيئاً فيعتمد على ارشادات ذكور أسرته وبعض أصدقائه خاصة إذا اقتصرت تجربته النسوية على أمه وأخواته والعاملات لديهم في المنزل، وهي تجربة تجعل المرأة، دوماً، في الدرجة الدنيا في لايعرفها شريكاً ومحاوراً، ولايدرك مواصفاتها الجمالية الخاصة لأن مرجعيته جميلات الشاشة. النقطة الأخرى أن كثيراً من الشباب لايقاربون المرأة، محادثة واتصالاً، إلا في السفر وهي علاقات فيها من القلق والريبة مايمنعها أن تكون نموذجاً إيجابياً.
مساكين الشباب ومايزيد الوضع صعوبة أن أهاليهم لاينتقون عاملات جميلات ومتحضرات بل يختارون دميمات وأميات وكبيرات في السن فتبقى ملصقات الفنات هي الحل الوحيد.
من الطبيعي أن المرأة لاتعرف مثل هذا التعقيد لأنها، يومياً، تتأمل عشرات الرجال بحرية مطلقة وهي متترسة بغطاء وجهها ولذلك في الخطبة يكفيها لحظة واحدة لتقيم وسامة خاطبها شرط أن لايكون مرتدياً شماغه!
من قال أن السعوديات مضطهدات ومظلومات؟!