في اللاذقية ضجة ما بين أحمد والمسيح
هذا بناقوس يدق وذا بمئذنة يصيح
كل يمجد دينه
يا ليت شعري ما الصحيح

منذ أزمنة بعيدة قالها أبو العلاء المعري ذو العينين الثاقبتين وقال كثيراً وكثيراً غيرها مما ينطبق على واقعنا الحالي كما انطبق على زمن عاشه.

يطرح أمامنا أبو العلاء إشكالية تتعلق بالإختلاف والتعددية في المجتمع العربي. ويستدل من التناحر بين الأديان المختلفة على عدم وجود نتيجة لذلك سوى الإرتباك والضياع والبعد أكثر عن الحقيقة المرجوة.

وحين يمس ذلك واقعنا الحاضر نراه جلياً أكثر في ظل تشكل وترسخ الأديان الكبرى ومعها المذاهب حتى تبدو حصون الطوائف منيعة حتى على رسل سماويين. فما الفائدة إن تطرقنا إلى دين سوانا وعقيدته؟.. هل يفيد ذلك في وحدتنا التي لطالما نبكي على أطلالها؟.. أم يرفع عنا الظلم الإجتماعي والسياسي من طبقة الحكام لدينا؟..

ربما يقوم أحد بانتقاد المذهب الذي ننتمي إليه ويدعي أن طريقته علمية وأكاديمية بحتة.. ولسخرية الأقدار فإنّ المكتبة العربية غنية بمختلف المصادر المتناقضة أشدّ التناقض والمثبتة والصحيحة في الوقت عينه.. حتى أنها غنية كذلك بالأحاديث النبوية التي تتناقض بين فئة وأخرى.. ولم ينج كتاب الله في الوقت عينه من التمذهب والتأويل حين قام كل فريق بتفسير الآيات بحسب مصالحه القائمة.

صدق شيخ المعرّة حين قال:
أجازَ الشافعيُّ فعالَ شيءٍ وقال أبو حنيفةُ لا يجوزُ
فضلَّ الشيبُ والشبّانُ منّا وما اهتدتِ الفتاةُ ولا العجوزُ
إذا حلّ الفقيه بدارِ قومٍ لصارَ لأمرهِ فيهم نجوزُ

فالإختلاف قائم وسيبقى قائماً بين مختلف الأديان ولن تنتقل سوى نسب بسيطة من دين إلى دين.. وحتى من مذهب إلى آخر لما تتمتع به كلّ فئة من أمان داخل مذهبها.. واستعداد آلي للدفاع ضدّ كلّ من يعتدي على عقائدها.. لقد انتهى عصر الدعوات والتبشير وquot;كل واحد على دينه الله يعينهquot; هكذا يقول المثل اللبناني، لذلك فلنقبل الآخرين كي يقبلونا.

إنعموا باختلافكم وتفكروا في الأمور من حولكم قليلاً كي لا يصحّ عليكم قول ثالث للمعرّي:
إثنانُ أهلُ الأرض ذو عقل بلا دين
وآخرُ ديّنٌ لا عقلَ له..


يرجى إرسال جميع المقالات الخاصة بآراء إلى البريد الجديد: pointsofview@elaph.com