تنفست الصعداء وأنا أمر بالطريق الجبلي الوعر الذي بالكاد يكفي لمرورة سيارة واحدة للوصول الى مقر قيادة حزب العمال الكردستاني. فمن العسير أن تمر سيارتان بإتجاه معاكس في آن واحد عبر هذا الطريق الجبلي، فإرتاحت نفسي وإطمأن بالي وأنا أخوض هذا المعترك الضيق نحو معقل الثوار الأكراد في جبل قنديل، لأنني تأكدت أن تركيا ومعها جيوش الناتو معززة بقوى التحالف الدولي في العراق مجتمعة لا تستطيع المرور عبر هذا الطريق الوحيد لطرد عناصر هذا الحزب من معقلهم الحصين وإقتلاعهم من أرضهم..
نعم هي أرضهم كما هي أرضنا..وكم كان القيادي الكردي عبدالرحمن الجادرجي رئيس دبلوماسية حزب العمال الكردستاني محقا عندما سألته عن رأيه بالضغوطات التركية على قادة العراق وإقليم كردستان بطرد هذا الحزب من كردستان العراق، عندما قالquot; نحن أساسا لا نعترف بالحدود المرسومة حاليا لكردستان، فكردستان أرض واحدة شمالها وجنوبها، شرقها وغربها، فالإستعمار جزأ هذا البلد، ونحن لا نعترف بهذه التجزأة، نحن هنا للدفاع عن شعبنا الكرديquot;.
الشعب الكردي واحد، سواء كان في تركيا أو العراق، في سوريا أو إيران، بدليل أنني لم أواجه صعوبة في التفاهم مع القائد العمالي الكردستاني رغم البون الشاسع بين لهجيتنا ( الكرمانجية والسورانية) كما لم أواجه الصعوبة ذاتها وأنا أتحدث الى قائد الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني في مدينة كويسنجق. وكان يزاملني في مجلس وزراء حكومة الإقليم بالسليمانية صحفي سوري خفيف الدم نتناقش سوية في جرائم النظام السوري القومي، كما تناقشت مع الجادرجي عن جرائم النظام التركي العلماني ومع عبدالله حسن زاده عن جرائم النظام الإسلامي، ودع عنك ما صرفناه من بحر الأحبار في الحديث عن جرائم النظام العراقي الدكتاتوري الفاشي..
إذن هي جريمة واحدة ترتكبها الأنظمة الأربعة ضد الشعب الكردي بنفس العقلية العنصرية، وهي جريمة الإبادة البشرية بشتى صورها وعناوينها ضد الشعب الكردي فتتوحد القلوب والضمائر لمواجهة تلك الجريمة التي ترتكب في الشمال باسم الطورانية، وفي الجنوب باسم الدكتاتورية العنصرية، في الشرق باسم ولاية الفقيه الإسلامية، وفي الغرب باسم القومية العروبية؟!.
قدر هذا الشعب أن يلجأ الى الجبال رافعا سلاح المقاومة، فلم يعد للأكراد صديق سوى الجبال، وحتى هذا الصديق من الحجر والشجر يستكثره الأعداء على شعب كل أمنيته في الحياة أن يتحدث لغته القومية وإن إختلفت اللهجات وتعسرت على فهم أبناء الأمة الواحدة؟!.
شاب يقيم منذ طفولته في أستراليا، ولا يكاد يجيد كلمتين باللغة الكردية ويتوجه الى جبل قنديل ليشارك أبناء شعبه ثورتهم على الظلم والطغيان التركي، فيبادرني بالسؤال إن كنت أتحدث اللغة الإنكليزية لكي يتفاهم معي؟!.. يترك كل مباهج الحياة ورائه هناك، بيت وسيارة وفلوس.. نوادي وملاهي وحدائق وباركات، يحمل حقيبة صغيرة على طهره فيتوجه الى جبال قصية لم يسمع بها الإستراليون من أصدقائه، ويقولquot; أنا كردي من واجبي أن آتي الى هنا للدفاع عن شعبي بوجه الشوفينيين الأتراك ؟؟!!..
فتاة في مقتبل العمر، كان المفروض أن تجلس الى جوار حبيبها في حديقة بأنقرة، أو على شواطيء بحر مرمرة، أو تستلقي على رمال جزيرة وسط البحر، تصادق اليوم بندقية كلاشينكوف، تحتضنها كأنها حبيبها، وتتحدث في السياسة أفضل من وزير الخارجية عبدالله غول،ولديها حجج بالغة بأحقية شعبها في التمتع بالحياة الديمقراطية في البلاد..
عضو قيادي أمضى 29 سنة بعيدا عن أهله وسط الصخور في الجبال الشاهقة التي يذرعها طولا وعرضا حاملا بندقية الدفاع عن شرف شعبه.. شاب بعيد عن متع الحياة ومباهجها في أستراليا، وفتاة فارقت حبيبها لتزوج نفسها ببندقية كلاشينكوف، وصحفي ساقته مهمة صحفية الى وسط تلك الجبال الموحشة إلا من الطير والكثير من البعوض، تجمعهم مائدة غداء.. غداء البيشمركة.. صحن من المعكرونة المقليبة بالزيت مع صمونتين صلبتين كالحجر ورقائق خبز، مع سلطة من الطمامة والخيار أعدها لنا أحد مقاتلي الحزب الذي أودع بندقيته لدى رفيقه لكي يحضر لنا تلك الوجبة التي فاقت لذتها كل أطايب الطعام في مطاعم الشانزيليزيه ومانهاتن وروما..
جلس القائد الدبلوماسي مع المقاتل الطباخ على مائدة واحدة، تذكرت حينها أحوالنا مع حديثي النعم من مسؤولينا في كردستان، وكيف يستنكفون من مجرد إستقبال أحد رفاقهم القدامى، فيوصون سكرتيراتهم الجميلات بصرفهم عن اللقاء بهم تعاليا وإستكبارا ؟؟!!..
وأنا أتحدث الى القادة الثوار من الشعب الكردي في مهماتي الصحفية الكثيرة، وأرى الشيب قد غزا مفارق الكثيرين منهم، أتذكر عمق المأساة الذي يعيشه هذا الشعب تحت نير أنظمة الجور والطغيان والظلم من الدكتاتورية والفاشية والعنصرية، فأفراد هذا الشعب محكومون بالسجن المؤبد، فيهم من يمضي أكثر من ربع قرن وسط الجبال والوديان، يفني زهرة شبابه بين الصخور متسلقا جبلا فجبل، وفتيات في عمر الزهور يحملن البنادق بدل حمل شدات الورد لإهدائها للحبيب، وأطفال يولدون في القرى النائية على دوي المدافع، ويشبون محرومين من مدن الألعاب وساحات كرة القدم، يسمعون هدير الطائرات فوقهم، ينتعلون الأحذية المطاطية المهترئة ويرتدون ملابس ممزقة، وشباب يهجرون جامعاتهم ومعاهدهم، ليحملوا الرشاشات والقاذفات بدل الكتب والمراجع العلمية،وكل ذلك لأنهم أكراد موصومون بالعمالة والإنفصالية؟!...
إنفصاليون في العراق وسوريا وإيران وتركيا، متهمون بالعمالة والخيانة للوطن؟!.
فأي وطن ذاك الذي يقهر ويمقع المواطن فيه، وتصادر فيه حرياته الأساسية الثقافية والسياسية والديمقراطية ؟؟!!..
سحقا لوطن يتنكر لحقوق مواطنه ويستخدم الطائرات والمدافع لمنع طفل في أنقرة أو بغداد أو دمشق أو طهران من التحدث بلغته الأم ؟؟!!..
نعم هي أرضهم كما هي أرضنا..وكم كان القيادي الكردي عبدالرحمن الجادرجي رئيس دبلوماسية حزب العمال الكردستاني محقا عندما سألته عن رأيه بالضغوطات التركية على قادة العراق وإقليم كردستان بطرد هذا الحزب من كردستان العراق، عندما قالquot; نحن أساسا لا نعترف بالحدود المرسومة حاليا لكردستان، فكردستان أرض واحدة شمالها وجنوبها، شرقها وغربها، فالإستعمار جزأ هذا البلد، ونحن لا نعترف بهذه التجزأة، نحن هنا للدفاع عن شعبنا الكرديquot;.
الشعب الكردي واحد، سواء كان في تركيا أو العراق، في سوريا أو إيران، بدليل أنني لم أواجه صعوبة في التفاهم مع القائد العمالي الكردستاني رغم البون الشاسع بين لهجيتنا ( الكرمانجية والسورانية) كما لم أواجه الصعوبة ذاتها وأنا أتحدث الى قائد الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني في مدينة كويسنجق. وكان يزاملني في مجلس وزراء حكومة الإقليم بالسليمانية صحفي سوري خفيف الدم نتناقش سوية في جرائم النظام السوري القومي، كما تناقشت مع الجادرجي عن جرائم النظام التركي العلماني ومع عبدالله حسن زاده عن جرائم النظام الإسلامي، ودع عنك ما صرفناه من بحر الأحبار في الحديث عن جرائم النظام العراقي الدكتاتوري الفاشي..
إذن هي جريمة واحدة ترتكبها الأنظمة الأربعة ضد الشعب الكردي بنفس العقلية العنصرية، وهي جريمة الإبادة البشرية بشتى صورها وعناوينها ضد الشعب الكردي فتتوحد القلوب والضمائر لمواجهة تلك الجريمة التي ترتكب في الشمال باسم الطورانية، وفي الجنوب باسم الدكتاتورية العنصرية، في الشرق باسم ولاية الفقيه الإسلامية، وفي الغرب باسم القومية العروبية؟!.
قدر هذا الشعب أن يلجأ الى الجبال رافعا سلاح المقاومة، فلم يعد للأكراد صديق سوى الجبال، وحتى هذا الصديق من الحجر والشجر يستكثره الأعداء على شعب كل أمنيته في الحياة أن يتحدث لغته القومية وإن إختلفت اللهجات وتعسرت على فهم أبناء الأمة الواحدة؟!.
شاب يقيم منذ طفولته في أستراليا، ولا يكاد يجيد كلمتين باللغة الكردية ويتوجه الى جبل قنديل ليشارك أبناء شعبه ثورتهم على الظلم والطغيان التركي، فيبادرني بالسؤال إن كنت أتحدث اللغة الإنكليزية لكي يتفاهم معي؟!.. يترك كل مباهج الحياة ورائه هناك، بيت وسيارة وفلوس.. نوادي وملاهي وحدائق وباركات، يحمل حقيبة صغيرة على طهره فيتوجه الى جبال قصية لم يسمع بها الإستراليون من أصدقائه، ويقولquot; أنا كردي من واجبي أن آتي الى هنا للدفاع عن شعبي بوجه الشوفينيين الأتراك ؟؟!!..
فتاة في مقتبل العمر، كان المفروض أن تجلس الى جوار حبيبها في حديقة بأنقرة، أو على شواطيء بحر مرمرة، أو تستلقي على رمال جزيرة وسط البحر، تصادق اليوم بندقية كلاشينكوف، تحتضنها كأنها حبيبها، وتتحدث في السياسة أفضل من وزير الخارجية عبدالله غول،ولديها حجج بالغة بأحقية شعبها في التمتع بالحياة الديمقراطية في البلاد..
عضو قيادي أمضى 29 سنة بعيدا عن أهله وسط الصخور في الجبال الشاهقة التي يذرعها طولا وعرضا حاملا بندقية الدفاع عن شرف شعبه.. شاب بعيد عن متع الحياة ومباهجها في أستراليا، وفتاة فارقت حبيبها لتزوج نفسها ببندقية كلاشينكوف، وصحفي ساقته مهمة صحفية الى وسط تلك الجبال الموحشة إلا من الطير والكثير من البعوض، تجمعهم مائدة غداء.. غداء البيشمركة.. صحن من المعكرونة المقليبة بالزيت مع صمونتين صلبتين كالحجر ورقائق خبز، مع سلطة من الطمامة والخيار أعدها لنا أحد مقاتلي الحزب الذي أودع بندقيته لدى رفيقه لكي يحضر لنا تلك الوجبة التي فاقت لذتها كل أطايب الطعام في مطاعم الشانزيليزيه ومانهاتن وروما..
جلس القائد الدبلوماسي مع المقاتل الطباخ على مائدة واحدة، تذكرت حينها أحوالنا مع حديثي النعم من مسؤولينا في كردستان، وكيف يستنكفون من مجرد إستقبال أحد رفاقهم القدامى، فيوصون سكرتيراتهم الجميلات بصرفهم عن اللقاء بهم تعاليا وإستكبارا ؟؟!!..
وأنا أتحدث الى القادة الثوار من الشعب الكردي في مهماتي الصحفية الكثيرة، وأرى الشيب قد غزا مفارق الكثيرين منهم، أتذكر عمق المأساة الذي يعيشه هذا الشعب تحت نير أنظمة الجور والطغيان والظلم من الدكتاتورية والفاشية والعنصرية، فأفراد هذا الشعب محكومون بالسجن المؤبد، فيهم من يمضي أكثر من ربع قرن وسط الجبال والوديان، يفني زهرة شبابه بين الصخور متسلقا جبلا فجبل، وفتيات في عمر الزهور يحملن البنادق بدل حمل شدات الورد لإهدائها للحبيب، وأطفال يولدون في القرى النائية على دوي المدافع، ويشبون محرومين من مدن الألعاب وساحات كرة القدم، يسمعون هدير الطائرات فوقهم، ينتعلون الأحذية المطاطية المهترئة ويرتدون ملابس ممزقة، وشباب يهجرون جامعاتهم ومعاهدهم، ليحملوا الرشاشات والقاذفات بدل الكتب والمراجع العلمية،وكل ذلك لأنهم أكراد موصومون بالعمالة والإنفصالية؟!...
إنفصاليون في العراق وسوريا وإيران وتركيا، متهمون بالعمالة والخيانة للوطن؟!.
فأي وطن ذاك الذي يقهر ويمقع المواطن فيه، وتصادر فيه حرياته الأساسية الثقافية والسياسية والديمقراطية ؟؟!!..
سحقا لوطن يتنكر لحقوق مواطنه ويستخدم الطائرات والمدافع لمنع طفل في أنقرة أو بغداد أو دمشق أو طهران من التحدث بلغته الأم ؟؟!!..
التعليقات