هل فى هذا العصر الذى نعيشه بكل تناقضاته سيكون لزاما علينا ان نرفع اعلام الاستسلام البيضاء ونقول للأخلاق وداعاً.. شىء غريب تمتلىء به الصحف والمجلات وربما الساحات الادبية المختلفة من ندوات وغيرها الا وهو النقد لمجرد النقد والتجريح الذى اصبح السمة المميزة لحالة النقد الادبي هذه الايام.
يأتى الناقد ليقدم نقده دونما اية أدلة او اسانيد مدعمة لنقده الادبى هذا.. بل والادهى من ذلك عندما يقدم النقد الادبى مقرونا بالاتهامات البعيدة عن المسار الادبى المفروض تسير عليه الدراسة النقدية..وكأنما الدراسات النقدية ايضا اصبحت تخضع لأسوق الفضائح المتبلة.
اعتقد ان ناقدا يمتلك هذه الاساليب السمجة وبهذا الضمير المطاطى والاخلاق المهترئة لا يصلح ان يكون ابدا ناقدا ادبيا ولا يصح ان يكون مسئولا عن تقييم اى نص ادبى حتى لو كانت خواطر مدرسية لطالب حتى بالاعدادى..
الغريب ان هذه القلة التى اصبحت تطفو على سطح المناخ الادبى تحاول ايهام القارىء بأنها الملاك العفيف النظيف الشريف وهو لايعرف ان القراء تعرف بحاستها الخاصة بها انه بعيد كل البعد عن هذه الصفات.
الاكثر والادهى من ذلك عندما يحاول المدلس ان يقنعك بانه غير ذلك فهذه الوجوه لها العديد من الوجوه وتمتلك من الاقنعة ما هو صالح لكل زمان ومكان..ومنها قناع البجاحة وقناع اشد خطورة قناع التطرف الدينى بل وادخال الدين احيانا واللعب على هذا الوتر لينال تأييد القراء..
للأسف المشهد الثقافى والادبى وما يحدث فيه الان من قمع فكرى ومصادرة على حرية التعبير والراى.. يشترك معه المشهد السياسى والاقتصادى وغيره
الا ان المشهد الثقافى اصبح يشكو من واقع مؤلم بعد ظهور فئة النقاد هم اشبه بزوار الفجر فى الستينات..هى فئة جديدة ترهب كل قلم ادبى يحاول التحليق بفكره وخلق مناخ لحرية الرأى.
هذه الفئة تحترف التهليب والابتزاز عن طريق القلم، ذلك القلم المظلوم مع آناس لا يعرفون قيمة هذا القسم نون والقلم وما يسطرون..
اى وضع مقلوب هذا الذى يجتاح حياتنا من كل ناحية واى وضع مشين هذا عندما يجلس اصحاب الاقلام الخربة مثل ضمائرهم لا يريدون ان يفسد عليهم احد خططهم والاعيبهم الفاسدة بل ويتوعدون كل من يعارضها بالويل والثبور.
ما هذا الذى نحن بصدده الان؟؟
اهى ردة لعصر الرقابة على الكلمة ولكن بمنظور وشكل مختلف وبعيدا عن مسئولية النظام الحاكم فيوكلون هذا الشىء لوكلاء عنهم جدد امثال الشيخ الداعية يوسف البدرى العضو السابق بمجلس الشعب وعضو مجمع البحوث الاسلامية السابق
وغيره والذى تفنن فى اخراج كل همزة ولمزة لأى كاتب ليكون لعبته امام المحاكم ؟
والذى كان من ابرز ضحاياه نصر ابو زيد وقضية التفريق بينه وبين زوجته.وصاحب قضية قصيدة ( من شرفة ليلى مراد) للشاعر حلمى سالم وقصيدة التعويذة للشاعر عبد المنعم رمضان، وايضا تقدم ببلاغ للنائب العام، ضد الدكتورة سعاد صالح، أستاذة الفقه والعميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بجامعة الأزهر، يتهمها فيه بالتحقير من شأن النساء المنقبات وإهانتهن وغيرها من القضايا المختلفة.
ولعل القضية المثارة الان للكاتب الكبير احمد عبد المعطى حجازى ومقالاته فى روز اليوسف عن الاصولية اليهودية وخاصة مقال ( الفصل بين الدين والسياسة صعب والخلط اصعب) ومن هنا كان السبيل لدخول لعنات الشيخ يوسف البدرى والتى لم تخرج ولم ترحم الشاعر الى الان والمهدد بالحجز على اثاث بيته من قبل هذا الداعية..والذى لا هم له سوى ملاحقة خيال الشعراء فقد اصبحت حرفته والتى الله اعلم يقتات منها الان او هى هوايته تتبع الشعراء والكتاب والادباء فيبحث ما بين السطور عن اية هفوة او لمزة او اشارة ولو من بعيد سواء كان ذلك فى قصيدة او نص او مقال او حتى رأى فى مقابلة اعلامية.وكأنما يحاول فرض سلطته الدينية وجعلها سجانا قائما على حرية الفكر والرأى لدى المفكرين.
الا يفهم هذا الداعية ان ذلك يسىء الى اسلامنا ومنهجه الوسطى المتسامح ویسىء الى المجتمع العربى والمصرى خاصة. اين مفهوم الحوار الواعى البعيد عن دهاليز المحاكم وغياهب السجون؟ هل غاب كل ذلك واصبحت الاداة الوحيدة الممكنة للحوار هى القمع والتهديد والبطش؟
اى عصر هذا عندما يحكم على كاتب ببيع اثاث بيته لمجرد انه يكتب احساسه ورأيه فيما يدور حوله؟
هل رحلت الاخلاق وحرية الكلمة من ديارنا الى الابد.ومن المستفيد من كل ذلك، من الحجر على الابداع؟؟ هل هو نوع جديد من الارهاب يمارس سطوته على كل قلم يريد الابداع بطريقته الخاصة؟.
و اين دور المثقف الواعى فى كل ما يحدث الان بعد ان وصل الامر بدخول الشرطة والقضاء الى بيت المفكر او الشاعر..؟؟
كيف تزدوج السلطة القضائية والقانون وتصبح الحماية والخطر فى نفس الوقت؟؟
لا اعرف الجواب..فقد اتعبنى وارهقنى ما نحن فيه من تدهور اصبح يهيمن على المجتمع باسره بل يمس امنه وتقدمه ويحاول الرجوع بنا الى عصور من التخلف والرجعية والتفكير المشلول
هى اصوات واقلام تحاول اختراق الحياة الثقافية المصرية وستأخذ بالمجتمع الى هاوية التشدد والخوف وتكميم الافواه والادهى والاهم من كل ذلك السهم المسمم الذى يعرف طريقه جيدا والمنطلق منها نحو المستقبل.
خير الكلام:
القدرة على التعبير وابداء الرأى بحرية لا تتعدى حدود حرية الاخرين و بدون تطاول على الاخرين هى القدرة على الحياة.
ولكم عزائى
[email protected]
يرجى إرسال جميع المقالات الخاصة بآراء إلى البريد الجديد التالي: [email protected]
التعليقات