فنتازيا عربية
الاجتماع التمهيدي
في الحلقة السابقة ذكرنا ان الاستاذ مستعد قد وجه الدعوة الى اجتماع جمعية عمومية للحزب الجديد. في صبيحة يوم الاجتماع استيقــظت مبكرا وارتد يت الحـلة التي جهزتها لهذه المناسبة منذ عدة أيام وعـلى الرغـم من أن البد لة كانت من أحد الأصد قاء والجزمة ـ و لا مؤاخذة ـ من صد يق آخر والكرافتة من صديق ثالث إلا أن هذه الأشياء مع بعضها أخرجت توليفة في منتهى الشياكــة وفعلا تتناسب مع قائد سياسي محترم. ونحـن في طريقـنا إلي مكان الاجــتماع رأينا الجـمــوع تتقاطر وكل الشوارع مكتظة بالناس من كل الاعمار من رجال ونساء, في ثيابهم البيضاء الناصعة،والازياء من كل الاشكال والالوان، في طريـقـهـا إلى مكان الاجتماع (أنا افتكرته يوم العـيد).
وعلى الرغم من توقعاتنا التي دل عليها ترحيب الناس بقـيام مثل هذا الحزب - عندما طرحت فكرته عليهم - إلا أننا لم نتوقع أن يكون الحضور بمثل هذه الكثافة، وهذا إن دل على شئ إنما يدل على أن الجميع قد كفر بما كان سائدا في عالم بني يعرب، ويتطلع للجديد.
اخذ الجميع أماكنهم في قاعة الإجماع وما هي إلا لحظات ووصل الأستاذ مستعد،ولان معظم الحضور لا يعــرفـونه فقد أعلنت عن وصوله بالميكرفون بمجرد إطلالته من الباب، وهنا اشرأبت الأعناق لرؤية الزعــيم الجديد بين التصفـيق الحاد والهتاف الداوي ومنهم من شالتهم الهاشمية فحملوا الأستاذ على الأعناق حتى المنصة. بعد وصول الأستاذ للمنصة وكان التصفـيق والهتاف مستمرا، قمـــت وطلبت مـــن الحضور الهدوء حتى نستمع لخطاب الزعيم مستعد التاريخي. بدأ الأستاذ مستعد خطابه معـبرا عن سعادته الغامرة بهذه الجموع والتي تدل على أن الشعب العربي قـد خرج عن صمته واراد التعبير عن نفسه، وبرر ما نحن فيه بسلبيتنا طيلة السنين السابقة، إذ تركنا الحبل على الغارب للأحـــزاب القديمة وسلمناها امرنا واكتفينا بالفرجة عليها وعلى ما يحد ث لنا. لم نكلف أنفسنا باقتحام المعترك حتى نضع كلا عند حده بل اكتفـينا بالسلبية والنقد الصامت، بل والادهى من ذلك ان الكثيرين منا ما أن يسمعوا بأن أحدا قــد تهور وركب دبابته ودخل القـصر حتى يبتهجوا ويفرحوا ويسيروا المواكب هاتفين احتفاء بذلك القادم الجديد وحتى قبل ان يعرفوا من هو وما هي هويته. هذا تكرر في كل مرة سمعنا فيها بيانا أولا. وعلى الرغم من أننا جميعا نعرف ضلال أحزابنا إلا أننا نعرف ان راكبي الدبابات هؤلاء اكثر ضلالا وكفرا. وان كانت الأحزاب تقف بنا مكانك سـر فان راكبي الدبابات هؤلاء عادة ما يعودون بنا إلى الوراء سنين عددا، بعد ان يد مروا منجزاتنا ويبددوا ثرواتنا ويهدروا طاقاتنا ويـقــضوا عـلى الاخضرواليابس...وهلّم مشا (ولم يجر كما كانت عادته في الأحزاب القديمة ـ وهنا عليك ملاحظة التجديد لدى الأستاذ مستعد)، ويواصل الأستاذ: انظروا لحالنا الآن، أين نحن الآن؟ بحساب السنيـن اعتقد إننا في سنة60 (ستين) قبل الاستقلال. لابد لنا ان نتحرك ولا بد من تنظيم أنفسنا حتى نستطيع أن ننتزع حقوقنا.. لابد ان نقدم من نراه جد يرا ونحمله إلي كرسي الحكم, انهم يحملون كل من هب ودب إلى سدة الحكم لا لكثرتهم وغلبتهم ولكن لأننا غائبون عن المعترك, وقد آن لهذا ان ينتهي.
استمر الأستاذ مستعد في استرساله شارحا كثيرا من العيوب التي رافـقـت التجارب السابقة ومدللا على فشل تلك التجارب وداعيا للنهوض ضدها وتغييرها.. وكانت تتخلل ذلك الهتافات والتصفــيـق حتى وصل إلى نهاية خطابه داعيا إلى تشكيل لجنة من الحضور يناط بها وضع خطة عمل وبرنامج للحزب. وجلس الأستاذ. وإلي الحلقة القادمة.
يرجى إرسال جميع المقالات الخاصة بآراء إلى البريد الجديد: [email protected]
التعليقات