احترم طاهر المصري رئيس وزراء الاردن الاسبق و اقدره، و لقد قرأت نص مقابلة اجراها معه الصحفي الاردني المبدع ناصر قمش لجريدة quot;اللويبده quot;الاسبوعية الاردنية الجديدة والمتألقه داخل الاردن، و لم يسعني الا ان ابعث للرئيس الاسبق برسالة هاتفية نصها، المقابلة كانت جيدة
و فعلا هي جيدة لانها تعيد الذاكرة و تفتح باب العقل للحديث في تاريخ قد يختلف البعض عليه. و لقد اوضح الرئيس طاهر المصري محطات و قفز عن بعضها، ازاح اشاعات كانت تملاء نابلس من وجه نظره، و روج لحكومته المقالة من جهة اخرى.
في كل هذا كانت مقابلة جيدة , لكن للتاريخ اتوقف عند محطات مفصلية، لابد ان يتبعها تفصيل اخر في وقت قريب، دون التقليل من اهمية ما قال و اورد الرئيس المصري في المقابلة التى نشرتها بالتزامن موقع عمون الاكتروني منذ ثلاث ايام .
http://www.ammonnews. net/arabicDemo/article. php?issue=amp;articleID=9079
المحطة الاولى:
اجتماع في منزل غالب طوقان محافظ معان الاسبق في جبل عمان الدوار الثالث (فندق اجنحة الياسمين حاليا) ، و الحضور هم حكمت المصري (عم طاهر المصري) و بهجت التلهوني رئيس وزراء اسبق و رئيس مجلس الاعيان انذاك و عاكف الفايزرئيس مجلس نواب و وزير دفاع اسبق، و لقد كان سبب زيارة التلهوني والفايز لطوقان هو الطلب منه الترشح للنيابه عن مقعد نابلس، و كان في ذلك الوقت النواب والا معينون و من ثم هم انفسهم ينتخبون زملائهم ممثلي الضفة الغربية قبل قرار فك الارتباط و قبل حل مجلس النواب و تجميده.
و لقد اعتذر المرحوم غالب (ابن سليمان بك طوقان و الملقب بابو داوود) عن ذلك و قدم لهم صديقهم المشترك و صديقه العزيز حكمت المصري ليكون بديلا عنه في الترشح للمقعد و الذي اعتذر هو الاخرلتوعك صحته.
و عندما اصر التهلوني على ضرورة مرشح من ابناء العائلات الكبيرة في نابلس لمقعد نابلس الشاغر على ان يكونquot; مضمون في الجيبquot;، قدم حكمت المصري و الذي تقلد في فترة رئاسة مجلس النواب الاردني، قدم لهم طاهر المصري الموظف حديثا بالدرجة السادسة في البنك المركزي بعمان و الذي لم يكن يعرفه احد، و قال انه ابن اخيه و يثق به و يضمنه الا انه لا يزال في بداية الثلاثينات، و تسائل ان كانت تلك عقبة.
فوافق التلهوني و الفايز وتم التعاهد و الاتفاق على الفوز، و نجح باجماع نواب الحكومة المختارين بعناية و اصبح وزيرا في غضون ايام.
و لقد لعبت الصدفة وحدها في اختياره نائبا دون اي مجهود او خلفية سياسية في تلك الفترة و هو ما تكرر فيما بعد في التسعينات بطريقة اخرى و اسلوب اخر حشدت فيه كل مؤسسات الدولة خدمة لهدف تأمين الفوز له، و كان لعمه صبيح المصري دورا متميزا و داعما فوق الحدود مما سمح له بميزانية صرف تتجاوز مقدرة اي مرشح اخر باستثناء المهندس على ابو الراغب و الذي كان في حكومته وزيرا للصناعة قبل ان ينتقل الى مربع رئيس الوزراء فيما بعد.
و بغض النظر عن الطريقة التى اوصلته الى النيابة، فأنني اعتقد ان الرجل يستحق بكل المقاييس، و لهذا الاستحقاق مكانا اخر لا مجال لسرده هنا، و لكنني اختلف على المبداء و السبب الذي اوصله الى النيابة و من ثم الرئاسة. و لكن الرئيس المصري لم يذكر اي شيء عن بدايته الحقيقية في عالم انتاخبات مجلس النواب.
المحطة الثانية:
كان طاهر المصري، رئيس الوزراء العامل انذاك، في مدينة العقبة حيث يحضر و الشريف زيد بن شاكر و اخرون حفلة خاصة للملك الحسين في قصره، و كان طوال الحفل الملك الراحل يود الرئيس المصري و يتحدث اليه و في نهاية الحفل وضع الملك الحسين يده على كتف طاهر المصري و ابلغه انه يعتز و يفتخر به، و تواعدا على الافطارمعا صباح اليوم التالي.
ذهب المصري الى غرفته و نام تلك الليلة ثم استيقظ في صباح اليوم التالي ليقابل الملك ، ليفاجاء بأن الملك الحسين استقل طائرته مباشرة بعد الحفل وغادر العقبة عائدا الى عمان كما تفاجاء بخبر استقاله الحكومة في الجريدة على الصفحة الاولى، و تم استدعائه الى عمان لمقابلة الملك الساعة الحادية عشر ظهرا حيث قلده الملك الوسام وشكره على ما قدمه من اعمال، و غادر القاعة.
و هذا يدل على اقالة الحكومة لا استقالتها و هي التى وجهت بهجوم من مجلس النواب غير مسبوق تاريخيا.
ليلا، من نفس اليوم، سمير الحباشنة (النائب و وزير الداخلية فيما بعد) و محمد داوودية (النائب ووزير الشباب و السفير في المغرب فيما بعد) و د. صفوان طوقان (مدير الضمان الاجتماعي) شاهدا نشرة الاخبارالساعة الثامنة مساءا في بيت رئيس الحكومة طاهر المصري في عبدون مقابل بيت الرئيس الاسبق مضر بدران، و التى ظهر الملك فيها يقلد طاهر المصري الوسام و يعلن التلفزيون استقالة الحكومة (المُقالة) .
و كان الحزن باديا على وجهه من المفاجأه و استمعت مع الحضور الى الرئيس طاهر المصري قائلا بصوت متحشرج quot;انني اعتبر تكريم الملك الحسين و منحه القلاده او الوسام الملكي اغلى شيء في حياتي، و تذكر كيف وضع الملك الحسين يده على كتفهquot; .
ولقد قدم طاهر المصري نفسه في المقابله الصحفية على انه الضحية لاجل الديمقراطية في الاردن، و هو مالا اوافقه على المقوله و لربما رئيس الوزراء الاسبق عبد الرؤوف الروابده و كتلته رأيا في ذلك دون ادنى شك خصوصا و ان تيار المعارضة لحكومة المصري خيوطه من هنالك، و قد يبدو مخالفا لما قيل على ما اعتقد.
المحطة الثالثة:
منتشره في نابلس قصة ورقة يانصيب جعلت معدما ثريا، حيث يقال ان شاب اتى من مصرو اخيه و كان فقيرا معدم الحال للعمل في نابلس ، و هو ليس من نابلس و لذلك اطلق عليه لقب المصري بعد ان اشتهر انه ربح ورقة يناصيب، فاصبحت نابلس تتحدث عن الشاب المصري الذي ربح الورقة و اطلق عليه اسم quot;معزوز quot; من العز الذي لحق به، فاصبح معزوز المصري و بعدها قام بجمع كل المصريين العاملين في نابلس، و كل من قال انه مصري ليؤسس عائلة المصري و يضم في نابلس كل من حمل لقب المصري. تلك الرواية هي التى تناقلتها اجيال quot;جبل النار quot; و ربما اسم المصري هو الدليل على الاصل العائلي و من اتت.
عموما هذه القصة نفاها تماما الرئيس طاهر المصري علما بأنها من القصص التى توارثتها اجيال من نابلس، و هي بحاجة الى تدقيق و اعادة قرأءة في واقع العائلات الفلسطينية خصوصا مع رابح اليانصيب. علما بأن عائلة المصري من اشهر و اهم العائلات التى ظهرت في القرن الاخير في نابلس. و قد يكون العودة الى شجرة العائلة ما يفيد تأكيد رواية طاهر المصري او دحضها فيما يخص الورقة الرابحة. لأن شجرة العائلة ستظهر الاجداد و الانساب قبل معزوز.
ورواية طاهر المصري هي اول رواية موثقة عن رئيس الوزراء الاسبق و لكنه مطالب بتوضيح مصدره في القصة عن رابح اليانصيبquot; المصري. quot;
المحطة الرابعة:
لماذا اختاره الملك الحسين وزيرا للخارجية، و لماذا كان يصطحبه دوما معه و يتحدث امام كيسنجر مؤكدا في كل حوار بأن وزير الخارجية الاردني طاهر المصري هو فلسطيني، للدلالة للامريكان ان الفلسطيينون في الاردن كان لهم كامل الحقوق، فها هم وزراء خارجية، و سنرى بعد قليل كيف اصبح نائبا و من ثم رئيس لمجلس النواب في تكريس تام لفلسطيني اتى في عام 1967الى الاردن و تبؤا اعلى مناصب السلطات التشريعية و التنفيذية، لعل الولايات المتحدة الامريكية ترضى و تستكين للوضع. و اقصد هنا وطن بديل غير معلن باسلوب امريكي مبتور.
الرئيس طاهر المصري قفز عن تلك المرحلة علما انها رددها في جلسات مختلفة بان الملك الحسين كان مهتم امام كيسنجر وزير الخارجية الامريكي ان يوضح له ان طاهر المصري فلسطيني و يحتل اهم مركز في الوزارات قاطبة و هو وزير الخارجية. و لا يعرف لماذا قفز عنهافي لقائه مع جريدة اللويبده، علما ان الفلسطينيون كانوا يفخرون بطاهر المصري في هذا الموقع، فما العيب في سردها و لماذا اخفائها في مقابلة صحفية.
اكتفى باربع محطات، لان القضبان الحديدية لا تتسع لقاطرات اكبر، و لكنها صافرة التاريخ لا صافرة ناطورجي القطار هذه المرة.
aftoukan@hotmail.com
التعليقات