في خضم الوضع الداخلي المأزوم وانعدام الأمن في العراق بسبب العمليات الارهابية من جهة وانتهازية سياسيين عراقيين راهنوا على اسقاط حكومة نوري المالكي، من جهة أخرى، دعت بعض الأصوات العلمانية الى ضرورة تجاوز المسيرة الديمقراطية في العراق كونها ساهمت في صعود التيارات الدينية المتطرفة، والى ضرورة تعيين رئيس للوزراء يتسم بالديكتاتورية والصرامة، ومن الواضح ان وجهات نظر كهذه تكشف عجز التيار العلماني على خلق قاعدة جماهيرية له في العراق وانكفائه للشعارات والمهاترات والخطب الجوفاء التي مر عليها قرن من الزمان، فبقدر ما تسعى التيارات والاحزاب الدينية لكسب أكبر عدد من المنتسبين ومن مختلف شرائح المجتمع مع تركيز ملحوظ على الطبقات الفقيرة والشرائح غير المتعلمة، بقدر ما يسعى التيار العلماني ان يتحايل على فشله في التواصل مع الشارع العراقي من خلال لغة مليئة بالانتقاص من التيار الديني بمختلف تلاوينه، قد تصل احيانا الى حضيض السب والشتم.

واذا كان المجتمع العراقي غير مؤهل للممارسة الديمقراطية حسب ادعاء بعض العلمانيين، فان ذلك يضاعف حجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم لترسيخ العملية الديمقراطية ونشر ثقافتها على النحو الذي يصحح مسارها ويخرجها من توظيف الاسلاميين، فالعمل السياسي محكوم بضوابط وآليات لاتسير وفق مزاج تيار او حزب سياسي، وعلى ذلك لابد من احترام ارادة الشعب العراقي في انتخاب الحكومة التي تمثله من خلال صناديق الاقتراع، اما تجاوز ارادة الشعب العراقي فهي مماثلة لسياسة النظام الديكتاتوري البائد الذي صادر ارادة الشعب.

ان تصريحات أطلقها بعض اليساريين العراقيين تروج للديكتاتور الضرورة في الراهن السياسي العراقي، تنبع من الفشل الذريع الذي لحق بالتيار العلماني، وتدل على انتهازية هذه الأصوات في نظرتها للديمقراطية، والعمل ضد ارادة الشعب العراقي الذي صوت لأحزاب دينية هي حديثة العهد في ممارسة
الحكم وسيحكم التاريخ والشعب العراقي على مشروعها و أدائها.

فتفويت الفرصة على الأحزاب الدينية الدوغمائية لايتم من خلال الغاء العملية الديمقراطية وانما عبر برنامج دقيق وواسع لخلق قناعة فكرية للمواطن العراقي بأرجحية فصل الدين عن السلطة وقطع الطريق على الاحزاب الدينية في استغلالها للعاطفة الدينية وتجييرها لمصالحها الفئوية.

خسرو علي أكبر

ملاحظة كاتب المقال مواطن عراقي من أصول فارسية
[email protected]