قرأت اليوم مقالة الكاتب الفاضل خالص جلبي والتى نشرتها ايلاف بعنوان: الغدر والغدير (2-2). قرأتها وانا لا أكاد أصدق ما أقرأ، فقد سبق لى ان قرأت له مقالات جيدة ومفيدة. وجاءت هذه المقالة فى وقت نحن أحوج ما نكون اليه لرأب الصدع بين صفوف المسلمين. سأتناول الجانب التأريخي للمقالة واترك الرد على ما يخص الدين للمختصين، ولو انى أجد صعوبة فى الفصل بين الأثنين.
بدأ الكاتب الفاضل بوصف قضية غدير خم بالأسطورة والتى كما قال عنها بأن الرسول (ص) جمع سبعين من أصحابه فقال لهم ان الحكم يجب ان يكون فى علي ونسله الى يوم القيامة!!! ولم يذكر المصدر الذى استند عليه فيما قال. وهذا أمر عجيب اذ لم ينكر أحد من المسلمين هذه القضية وانما اختلفوا على تفاصيلها. أحد الذين ذكروها هو شيخ الاسلام بن تيمية فى كتابه منهاج السنة (325-313/7) حيث قال: (والذى رواه مسلم انه بغدير خم قال (اي الرسول): اننى تارك فيكم الثقلين كتاب الله (فذكر كتاب الله وحض عليه) ثم قال: وعترتى أهل بيتى، أذكركم الله فى أهل بيتى،ثلاثا. واستمر ابن تيمية قائلا: وهذا مما انفرد به مسلم ولم يروه البخاري وقد رواه الترمذي وزاد فيه: وانهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض. وقال ابن تيمية ايضا: لكن حديث الموالاة قد رواه الترمذي وأحمد فى سنده عن النبي انه قال: من كنت مولاه فعلي مولاه. وأما الزيادة وهى قوله (اللهم وال من والاه وعاد من عاداه... الخ فهى كذب). انتهى ما قاله ابن تيمية.
ثم قال الكاتب الفاضل (وفي عام 1979م كنت في إيران بمناسبة الذكرى الثانية للثورة فرأيت العجب.. كنا نطوف بين طهران وقم بين الملالي والتكايا فى رحلة عودة للعقل لألف سنة أيام المستنصر بأمر الله والعلقمي، ونشم رائحة غير نظيفة،واكتشفنا اننا امام قوة غير انسانية، وكانت رحلة الوداع مع أطنان كتبهم الى غير رجعة، بعد هذه الصدمة الكبرى. كنا أول الأمر مستبشرين جدا، ولكن رأينا كثرة السجون واكتظاظها، الى درجة ان غربيا صرخ ونحن لم نصرخ، لأنهم قوم تأصلت فيهم روح العدالة، ونحن ما زلنا نعيش ضباب القرون؟ قال دعهم يتكلمون؟ كان ذلك فى سجن ايفين، وكان مكتظا على نحو مخيف، مع كل مظاهر التخفيف والتزيين (الميك أب)، واما معسكرات اسرى الحرب من العراقيين، فكانت الأسرة الى السقف فيتسلقون للنوم كالقرود، وربما نام فى الغرفة الواحدة مائتي شخص، مما تخجل منه زريبة ماعز وخرفان..)انتهى.
الثورة الايرانية حصلت فى 1 نيسان 1979 فكيف كانت الذكرى السنوية الثانية فى 1979؟
لا يوجد خليفة عباسي باسم: المستنصر بأمر الله، وانما المستنصر بالله، وهو والد الخليفة المستعصم بالله والذى كان العلقمي وزيره عند سقوط بغداد فى 1258 ميلادية. كما وان الحرب العراقية الأيرانية بدأت فى 22 ايلول 1980 فكيف زار معسكرات الاسرى العراقيين فى 1979؟
ثم يسخر من أئمة الشيعة ويتساءل او يقول:( لاشك ان الجميع سيتفق كما هى فى النظرية الشيعية، ان من سيأتى من بعد الحسين حسونة؟). ولم أفهم شيئا من هذا الكلام، فمن هى حسونة؟
ثم يسخر مرة أخرى فيقول:( باعتبار ان آل البيت معصومين، وفى آية صريحة بزعمهم (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) وهنا (والقول للكاتب) يخرج من البيت كل نساء النبي الأخريات، وكل المجاهدين معه وكل الصحابة الذين رباهم على عينه عشرات السنوات، بما فيهم سلمان منا أهل البيت، وهو حديث يردوه فلهم أحاديثهم التى لا ترد؟.) انتهى.
من قال ان الشيعة ردوا حديث (سلمان منا أهل البيت)؟ وكيف يدخل كل المجاهدين وكل الصحابة فى تلك الآية؟
أما عن موضوع المهدي المنتظر فالكل يعرفون ان الشيعة لا يجمعون على وجوده. ولكن فيم التدخل فى معتقدات الآخرين؟. علق أحد القراء الأفاضل حول الموضوع ذاكرا ان النبي نوح عاش أكثر من ألف عام. ويمكن الرجوع الى تفسير الآية 14 من سورة العنكبوت:(ولقد أرسلنا نوحا الى قومه فلبث فيهم ألف سنة الا خمسين عاما فأخذهم الطوفان فهم ظالمون). والرابط هو:
http://www.altafsir.com/Quran_Search.asp
ويقرأ تفسير الجامع لأحكام القرآن للقرطبي حيث يذكر ان نوحا قد عاش ألفا وستمائة وخمسين عاما، وعاش آدم أيضا أكثر من ألف عام.
أرجوا من الكاتب الفاضل اعادة النظر فى مقاله لمنفعة الجميع. وشكرا.
عاطف العزي
التعليقات