إن تلك الأسئلة العشرين التي تفضلت بها، تؤكد وتثبت بما لا يخالجها ريب أم شك، إن quot; الثعلب quot; قد مات، بل أغتيل وقٌتل بأعصاب باردة، وإرادة مسبقة، وقرار سياسي سيادي بات قطعي لايعتوره ~ هو الآخر ~ أي شائب. لنشاهد سوية بعض التفاصيل التي تفضح هذا الجانب..
لكن في البداية، أود أن أنوه إلى أمرين في غاية الأهمية. الأمر الأول إن ما أجادت به قريحتك العلمية يدل بصورة مثلى ورائعة على النباهة والذكاء والدقة في التحليل والعمق في الرؤيا، إلى جانب الموضوعية في إدراك خبايا الحدث.
الأمر الثاني إن ما تفوه به الكاتب المصري ~ مجدي كامل ~ وهو مؤلف الكتاب الوحيد والرائع { وأنا أشكره على ذلك } ~ عماد مغنية: الثعلب الإيراني ~ لإحدى الفضائيات من إنه يشكك في مقتل عماد مغنية لسبب بسيط، هو إن لا أحداً يعرف له صورة، فقد كان يعيش كالشبح، يتنقل كالشبح، لذلك عجزت مخابرات العالم عن اصطياده، هو أنطباع وتخمين. وهو ما أسميه جثمانية التوظيف الأولي.وكيلا تستبد بنا نشوة الأسترسال والأسهاب عن بعد، دعونا نمحص المعطيات و quot; الفرضيات quot;..


من الزاوية الأولى:
أولاً. إنك ~ وأقولها بصدق ~ أدرى مني إن النظام السوري أستمات في إبرام عدة صفقات دولية لأجهاض المحكمة الدولية لكنه أخفق. وذهبت تنازلاته أدراج الرياح. وباءت محاولاته بالفشل الذريع. وثم ضاق ذرعاً واستشاط حنقاً، ولم يعد قادراً على كظم غيظه، لذلك قرر مع نفسه أولاً ومع النظام الإيراني ثانياً ومن ثم مع حزب الله ثالثاً أن يجابه القرار الدولي على الطريقة الإيرانية وعلى الميدأ البيوفيزيائي ~ قانون الكل أو اللاشيء ~ أي إما أن تبقى سورية في يد تلك الزمرة وإلى الأبد، أو أن تباد المنطقة عن يكرة أبيها.
ثانياً. إن النظام السوري أمسى يدرك ~ أكثر مني ومنك ~ إن المحكمة الدولية التي هي آتية ( كالساعة ) لاريب فيها، سوف تواظب على جلساتها { رغم الممانعة السورية وإمتناعها عن التعاون ) لتصدر حكماً مبرماً في النهاية، ذلك الحكم الذي سيتطلب قراراً دولياً ( سياسياً عسكرياً ) في الأمم المتحدة. آنئذ لكل حادث حديث ( خطاب سوري، أيراني، حزب الله ي مشترك ). مع رد روسي عنيف ( لاسيما بعد أعلان أستقلال كوسوفو اليوم الأحد 17 ndash; 2 -2008 ndash; وأبخازيا و اوسيتيا الجنوبية تطالبان بالأستقلال عن جورجبا ) ورد صيني خجل..
ثالثاً. إن النظام السوري أضحى مؤكداً، أن التدخل العسكري للولايات المتحدة الأمريكية في مناطق أخرى ماعدا الدولتين الحاليتين ( العراق، أفغانستان ) سيكون بجكم الأستحالة، وعلى مضض مرير. لاسيما بعد الضمانات التي تكفل بها النظام الإيراني لسورية على كافة الصعد، ومناداة أحمدي نجاد بإقامة محور مع دول من أمريكا اللاتينية ضد الولايات المتحدة الأمريكية..


من الزاوية الثانية:
أولاً. كلنا نعلم إن السيد عماد مغنية قد أٌخضع لعمليتين طبيتين في أيران لتغيير معالم وملامحه الأصلية ليس فقط ليسهل تنقله ولا لكي لايتم التعرف إليه، إنما كي تتسنى لسورية أيضاً أن تنكر وجوده في أراضيها. تماماً مثلما فعل حزب الله في عام 2003..
ثانباً. كلنا نعلم أن السيد عماد مغنية كان ~ يعيش كالشبح، يتنقل كالشبح ~ من لبنان، إلى سورية، إلى إيران، إلى العراق، دون أن تتمكن أجهزة المخابرات الدولية من تقفي أثره أو حتى التكهن بوجوده في منطقة معينة في لحظة معينة. لذلك ما كانت سورية في موقف اضطراري لتسليمه في المستقبل للمحكمة الدولية.
ثالثاً. أعتقد أن هذا الأمر كان يمكن أن يٌحسم من طرف النظام الإيراني الذي ما أكترث ( لم، لن، ما ) للقرار الدولي، ولكان زعم وجوده على أراضيها دون أن يأبه بالنتائج. لذلك أعتقد إن العلاقة الربطية ما بين ( الأختفاء المفترض ) والمحكمة الدولية هزيلة ونائية عن المنطق لأنتفاء الضرورة في منطوق الأختفاء.


من الزاوية الثالثة:
أولاً. لقد أضحى معروفاً للكثيرين، إن أيران من خلال شخضيات استخباراتية وأخرى في المرجع الأعلى، لم تكن راضية عن تصرفات السيد عماد مغنية في العراق.و حيث صرح أكثر من مسؤول بالحرف: إنه لاينفذ أوامرنا، و لا يتقيد بتعليماتنا، إنه يتجاوز الحدود...مجلة العالم الديبلوماسي ).
ثانياً. لقد تسربت مؤخراً أخباراً إن سورية قد تسرب معلومات دقيقة وخطيرة عن أيران إلى الولايات المتحدة الأمريكية عن طريق شخصية أرجنتينية الأصل للتأثير في مسار المحكمة الدولية. وإذا ما صدقت تلك التسريبات ( أو لم تصدق فالأمر متروك للتقدير الإيراني ) فإن شخصية عماد مغنية هي الوحيدة القادرة على تلبية الرغبة السورية..
ثالثاً. الوضع المرموق والمميز الذي أكتسبه السيد عماد مغنية في سوريا ~ بحيث غدا الشخص الأمني الثالث فيها ~ مابرح يقلق أصحاب الشأن في أيران التي بعدما كانت تمسك بقوة بخناق سورية ( ولازالت ) أصبحت هذه الأخيرة عن طريق السيد عماد مغنية وبفضله قادرة أن تعرض مقولة أمنها القومي للخطر. وهذه إشكالية ما بعدها إشكالية..
رابعاً. عندما أغدقت أيران ( بالمال، والنفوذ، وجوازات السفر...الخ ) على عماد مغنية، كانت تصبو منه إلى التقيد المطلق والتام والأعمى بمؤدلجها ومعادلتها ومن ثم تنفيذ خططها واطروحاتها، دون ذلك سيكون التابو والمحظور، وهذا ما حصل لأنه ( أي السيد عماد ) بات ينفذ خططاً سورية صرفة..


من الزاوية الرابعة:
أولاً. كلنا ندرك تمام الأدراك إن النظام السوري قد ارتبك يصورة عيانبة جلية في مستوى كيفية حدوث الحادث، إلى درجة التباين والتفاوت الأكيدين في التعاطي مع المعلومات.
ثانباً. كذلك ندرك مدى التأخر السوري في أعلان نبأ مقتله، على عكس ما حدث أثر نحر وذبح كل من السيدين ( محمود الزعبي، غازي كنعان ). فهل كان النظام السوري لايصدق إن المقتول هو السيد عماد لشدة الحروقات في وجهه؟؟!! أم أن في الأمر ما كان بدعو إلى التريث؟؟!!
ثالثاً. وأيضاً بتنا ندرك مدى التلعثم السوري بخصوص تشكيل لجنة التحقيق. فهل هي سورية بحتة!! أم سورية أيرانية!! ولماذا سارعت هذه الأخيرة إلى أعلان مشاركتها!!؟؟
رابعاً. لو وٌجد أتفاق مسيق ما بين الأطراف الثلاثة ( سورية، أيران، حزب الله ) لأنتفى الأرتباك السوري في المجالين السابقين ولأنعدم التلعثم. ولكان السيناريو المزعوم ينول الحيز المتوقع المناسب المرصود له.ا
خامساً. لو صدقت رواية الأختفاء، لكانت سورية محضة في غايتها، واسلوبها، واجراءاتها. لكن الدلالات تشير إلى نقيض ذلك. وإذا ما تأملنا حيثييات الواقعة لأندهشنا مثلما أندهشت سورية، وأحست بغتة إنها أخترقت ( بالضمة على الألف )، وأي أختراق هذا الذي أجفل النظام السوري!!
سادساً. لكن أيران هدأت من روع النظام، ومنحته جرعة للمتابعة، فالمقتول هو ما غيره، والقاتل مفترض وموجود (أسرائيل و الولايات المتحدة الأمريكية ).


من الزاوية الخامسة:
أولاً. أن المتمعن في خطاب السيد حسن نصر الله، يكتشف إلى أي درجة هو خطاب أيراني بلبه وتلابيبه، وكأنه أدرك إن أيران هي التي قتلت، وينبغي عليه المضي في الخطة قسراً، وإلا فلنتذكر معاً الأخبار الأخيرة يصدد وضعه في حزب الله!!..
ثانباً. إن المتمعن في فحوى خطاب السيد، يٌصعق. ألهذه الدرجة السيد حسن يرغب أن ينتهز الواقعة ليعلنها حرب مفتوحة على اسرائيل!! أم إنها في الحقيقة حرب إيرانية مفتوحة ضد المنطقة!!
بالنتيجة. من الواضح أن أيران هي التي خططت ونفذت وأخترقت البعد الأمني السوري، وخلطت الأوراق في لبنان إلى مستوى ( الحرب الأهلية ) ~ لاسمح الله ~.....

هيبت بافي حلبجة