مرة أخرى، إجتازت القوات لترکية الحدود العراقية و دخلت الى الاقليم الکوردي لکيquot;تسحق التمرد الکورديquot;کما تقول الحکومة الترکية عبر مختلف قنواتها. و رغم إن التقارير الترکية تؤکد أن العملية ضخمة و تشارك فيها عشرات الالاف من القوات العسکرية الترکية، لکن مصادر أخرى ترى تهويلا في حجم العملية من جانب ترکيا، قد تکون موظفة أساسا لأغراضquot;الحرب النفسيةquot;ضد المقاتلين الکورد الذين يبدو أنهم جادون في التصدي للزحف العسکري و عدم الإستسلام لکل ما أشيع و يشاع منquot;تنسيقquot; وquot;تناغمquot; بين ترکيا و أکثر من طرف دولي و إقليمي.


وإذا ماکانت البيانات الترکية تشير بوضوح الى مقتلquot;عدد(قليل) من الجنود الاتراك و (الکثير) من المتمردين الاکرادquot;، فإن في هذا البيانات أکثر من دلالة تأکيد على أن العملية لن تتم کما خططت لها العقلية العسکريتارية الترکية، خصوصا وأن مصادر مقربة من المقاتلين الکورد تؤکد أن عدد القتلى من الجنود الاتراك يفوق ذلك بکثير و إن معنويات المقاتلين الکورد عالية على الرغم من کل ذلك الحصار و الحرب بمختلف الابعاد المفروضة عليهم من جانب ترکيا. ومع تباين التقارير الصحفية وquot;الاستخباريةquot;بخصوص المتواجدين في جبل قنديل المعقل الرئيسي لحزب العمال الکوردستاني، فإنه يبدو أن أعدادا کبيرة من مقاتلي حزب العمال قد تسللت الى العمق الکوردي في إيران، ذلك ان مايشاع من تسللهم الى المناطق الجبلية في سنجار، قد لا يعول عليه خصوصا و أن مصادر کوردية صحفية قد إستبعدت ذلك تماما. ولعل الصمت الايراني المطبق لحد الان بخصوص العملية يؤکد من ان إيران تراقب و تتبع العملية عن کثب، سيما وان العملية تحظى بدعم وquot;تنسيقquot; امريکي ـ إسرائيلي قوي مما يولد إنطباعا قد لا يبعث على الارتياح في سياقه العام لدى الايرانيين، خصوصا وأن ثمة تقارير صحفية تناقلتها وسائل الاعلام بخصوص وجود quot;صفقةquot; لإحلال منظمة مجاهدي خلق و الحزب الديمقراطي الکوردستاني الايرانيين في جبل قنديل عوضا عن حزب العمال الکوردستاني، مما يدفع الى الاعتقاد بأن طهران قد تتخذ موقفا محددا أو حذرا من الحملة الترکية. والذي يدفع لمثل هذا الاعتقاد، هو ان الآراء الترکية الرسميةquot;المتحاملةquot;وquot;الناقدةquot;للبرنامج النووي الايراني، قد تصاعدت في الآونة الاخيرة و تحديدا قبل أسبوع من شن هذا الهجوم. کما أن موقف الحکومة الاقليمية الکوردية يتعرض لإنتقادات کوردية شعبية واسعة النطاق في ظل إنسياقهاquot;الاجباريquot; بالسماح لتغلغل عسکري ترکيquot;محدودquot;في الاقليم، قد لا يساعد إطلاقا على الاندفاع للمزيد من المضي قدما لتطويرquot;التعاون العسکريquot;مع ترکيا، سيما وان الامريکان يرون في القوات التابعة للاقليم أفضل وسيلة للسيطرة على حزب العمال الکوردستاني أو تحجيمه.


في ضوء ذلك، فإن الهجوم الترکي الجديد الذي سوف يحمل رقما آخرا يضاف الى قائمة الارقام التي تحملها الهجمات الترکية المتتابعة منذ أوائل التسعينيات من الالفية الماضية ولحد الان من أجلquot;سحق التمرد الکرديquot;، سوف تثبت الايام القادمة انه لن يحقق ذلك الهدفquot;الاکبر من رأسهquot;و انه سوف يعود أدراجه لکي يعد العدة من جديد لهجوم آخر و کما يقول المثل العراقيquot;على هالرنة طحينك ناعمquot;فإنه ليس من طريق أمام الاتراك سوى شن الحروب الى مالانهاية ومن يدري فلعلنا سنسمع بقصص ألف حرب و حرب ترکية!

نزار جاف

[email protected]