بعد جريمة اغتيال الكاتب التركي، الأرمني الأصل، هيرانت دينك، اعترف رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، بوجود دولة ضمن الدولة التركيَّة، أطلقها عليها اسم quot;الدولة الخفيَّةquot; أو quot;الدولة الظلّquot; أو quot;الدولة العميقة المتغلغلةquot;، وذكر بأنها هي المسؤولة عن الكثير من جرائم الاغتيال السياسي التي جرت في تركيا، وقال: quot;إن مكافحتها، يستلزم جهداً كبيراً، وزمناً طويلاًquot;. والدولة الخفيَّة في تركيا، هي عبارة عن شبكة معقَّدة من الشخصيات والمؤسَّسات والجمعيات القوميَّة والعصابات التي تنشط على شكل مافيات سياسيَّة وعسكريَّة وإعلاميَّة سرِّيَّة، مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بأعلى هرم المؤسَّسة العسكرية، وبمراكز ودوائر الحرب الخاصَّة في هيئة الأركان العامَّة، ويتركَّز عملها في استهداف من يودُّ المسَّ بذهنية وتركيبة وهويَّة الدولة التركيَّة من شخصيات وأحزاب ومؤسَّسات...، عبر عمليات الاغتيال أو الخطف أو التهديد أو الترهيب أو التشهير...، على اعتبار أن المستهدفين هم أعداء تركيا والقوميَّة التركيَّة، ومن الضروري، وبل من مقتضيات الواجب والالتزام القومي التركي تصفية واستئصال شأفة هؤلاء الأعداء، مهما كانت الأكلاف. ولقد استفادت الدولة الخفيَّة في تركيا من التجربة الإسرائيليَّة والأمريكيَّة بهذا الخصوص، فضلاً عن أن ثقافة الدولة الخفيَّة في كيفيَّة اختلاق الأعداء والفتن والأزمات...، تمتدَّ للحقبة العثمانيَّة، وما كان يجري في بلاط السلطنة من مؤامرات ودسائس وحالات تصفية ضمن الأسرة الحاكمة، وفي عموم الدولة. يعني، إن أركان الدولة الخفيَّة، هي التي تدير الدولة الرسميَّة، ما يجعل الأمر متداخلاً وملتبساً في تركيا، بين: أيُّهما الدولة الأصل؛ الدولة الخفيَّة أم الدولة الرسميَّة؟. وأيُّهما ينتج الآخر؟ وأيُّهما يحمي الآخر؟.

كشف الرئيس السابق لهيئة الأركان العامَّة التركيَّة الجنرال المتقاعد حسين كفرك أوغلو لمجلة quot;تامبوquot; التركيَّة عن وجود لجنة استشارية، تضمُّ جنرالات ومسؤولين سياسيين أتراك متقاعدين: quot;تناقش في اجتماعاتها أسرار الدولة، والملفَّات السريَّة. وأحياناً، تستدعي أشخاص آخرين، أو بعض المسؤولين في الدولة لسماع وجهات نظرهم حيال بعض القضايا الحساسةquot;. وذكر كفرك أوغلو: quot;حين كانت المذكَّرة التي تجيز اجتياح شمال العراق في البرلمان، آذار الماضي، ولم يكن قد تمَّ التصويت عليها بعد، استدعينا المسؤول دنيز بولوكباشي، (سفير سابق ومسؤول حالي بارز في حزب الحركة القوميَّة التركيَّة المتطرِّف، الممثَّل في البرلمان التركي)، للاستماع لوجهة نظره حول الأمر. كما استدعينا صحفياً تركيَّاً مقيم في أمريكا. واستدعينا المنسِّق التركي في اللجنة التركيَّة _ الأمريكيَّة _ العراقيَّة لمكافحة العمال الكردستاني، الجنرال المتقاعد أديب باشار، للاطلاع على تطورات مهامهquot;. واللافت في الأمر، إشارة كفرك أوغلو إلى أن quot;تاريخ وجود هذه اللجنة الاستشاريَّة يمتدّ لسنة 1850. وكان وظيفتها إبداء النصح والمشورة للسلطان العثماني، فيما يخصُّ أمن السلطنة واستتباب حكمه. وبقيت هذه اللجنة، حتى بعد نشوء تركيا الحديثة على يد مصطفى كمال أتاتورك سنة 1923، تمارس أعمالها ليومنا. وبحسب كفرك أوغلو، غالبية أعضاء هذه اللجنة هم جنرالات ومسؤولون متقاعدون، وتضمُّ حالياً: quot;حسين كفرك أوغلو: رئيس أركان سابق. نجدت أوور: رئيس أركان سابق. إسماعيل حقي قرادي: رئيس أركان سابق. أحمد جوركجي: قائد القوات الجويَّة السابق. بولند أولوسوي: رئيس وزراء سابق. عرفان تناز: جنرال متقاعد. آلتاج يالمان: قائد القوات البريَّة السابق. حسن ساغلام: وزير سابق. إيلتر توركمن: ضابط سابق. وما يقارب 12 سفير تركي سابقquot;.

بأمر من رئيس الحكومة أردوغان، تم اعتقال الكثير من أعضاء عصابة quot;أرغاناكونquot;، (وهو اسم ملحمة شعبية تتغنِّى ببطولة الأتراك)، تضم ضبَّاط وضبَّاط صفّ متقاعدين، وسياسيين ومحامين وصحفيين وقوميين متطرفين ومتهمين في عمليات قتل وخطف، كأحد أوجه مكافحة الدولة الخفيَّة. واتضح أن رئيس هذه العصابة هو الجنرال المتقاعد ولي كوجوك، الذي أسَّس (JITEM)، وهي المخابرات السرِّيَّة للقوات البريَّة _ الجندرمة التركيَّة. وهذه الشبكة، مشتبه في تورُّطها في الكثير من عمليات التفخيخ والاغتيال، من ضمنها اغتيال الكاتب هيرانت دينك. وحسب ما نقلته وسائل الإعلام، بأن هذه العصابة، كانت على وشك تنفيذ مخطط اغتيال كل من رئيس الكتلة النيابيَّة لحزب المجتمع الديموقراطي، الموالي للعمال الكردستاني، أحمد ترك، واغتيال النائب الكرديَّة صباحات تونجل، والنائب الكرديَّة السابقة ليلى زانا، ورئيس بلدية ديار بكر، (كبرى المدن الكرديَّة جنوب شرق تركيا) عثمان بادمير، والكاتب التركي الحاصل على جائزة نوبل للآداب أورهان باموك، والكاتب المقرَّب من الرئيس التركي ورئيس الحكومة، فهمي كورو. ولا زالت فصول التحقيقات الجارية مع هذه العصابة، وعلاقتها بالكثير من الجرائم تتكشَّف تباعاً، من ضمنها، الهجوم على مبنى المحكمة الدستوريَّة العليا العام الماضي، ووضع حافلة محملة بحوالي 300 كيلو غرام من المواد شديدة الانفجار في إحدى الميادين العامَّة في اسطنبول، واتهام العمال الكردستاني بها وقتئذ، وقتل الرهبان ورجال الدين المسيحي في أنطاليا وأزمير. يعني، إن هذه العصابة، كانت تلاحق كل من يثير الملف الكردي والأرمني داخل وخارج تركيا.

وبحسب ما سُّرب عن شبكة (أرغاناكون)، بأن المخابرات الألمانية كانت تتابعها منذ سنة 2001، وأنها _ أيّ المخابرات الألمانية _ كشفت علاقة هذه الشبكة الإرهابية بسلسة من جمعيات ومنتديات المتطرفين الأتراك المقيمين في ألمانيا. وبحسب ما تناقله الإعلام التركي، أنه تمَّ الكشف عن جزء من الأموال المحوَّلة من خارج تركيا (50 مليون دولار) لهذه العصابة، بغية تغطية نشاطاتها وجرائمها. وعُرِفَ أيضاً أن هذه العصابة كانت تنشط تحت غطاء كنيسة الأتراك الأورثوذوكس، وتعقد اجتماعاتها فيها. والجدير ذكره هنا، إن يوميَّة quot;آزاديا ولاتquot; الكرديَّة الصادرة في ديار بكر، كانت السبَّاقة في نشر صور رئيس هذه الشبكة، الجنرال المتقاعد ولي كوجوك برفقة العديد من القتلة والمتهمين الفارين، فضلاً عن نشرها لوثائق تفضح وتدين هذه الشبكة، ما جعل هذه الصحيفة محلّ استهداف بعض القنوات الأمنيَّة والحكوميَّة ووسائل الإعلام التركي. كما أشارت يوميَّة quot;آزاديا ولاتquot; الكرديَّة، إنه quot;عندما داهم البوليس منزل رئيس عصابة quot;أرغاناكونquot;، ولي كوجوك، كان الأخير يتحدَّث بالهاتف النقَّال مع بعض الجنرالات في هيئة الأركان، للاستفسار عن سبب وطبيعة المداهمةquot;.

الدولة الخفيَّة في تركيا، هي الثابتة، أمَّا الدولة الرسميَّة فهي المتحوِّلة. بمعنى، لا تتغيّر الحكومات ورؤساء الجمهورية، دون موافقة مراكز الدولة الخفيَّة. وتظهر هذه الدولة للعلن، في فترات الأزمات. فهي التي تقف وراء الانقلابات العسكريَّة سنة 1960 و1971 و1980، وهي التي أعدمت رئيس الوزارة عدنان مندرس. ووصلت الدولة الخفيَّة لأوج نشاطها في منتصف الستينات وحتى منتصف السبعينات، إبان المدّ اليساري الذي اجتاح تركيا، ما أدَّى لاغتيال ماهر تشايان، واعتقال وإعدام دنيز غزميش، وهما من أبرز قادة اليسار التركي آنئذ، فضلاً عن قتل واغتيال المئات من الطلبة والكوادر اليساريَّة في الشوارع والسجون. كما نشطت الدولة الخفيَّة بداية التسعينات، عبر تشكيل حزب الله التركي، ودفع هذا التنظيم المخابراتي للوقوف في وجه العمال الكردستاني، وتصفية مؤيديه، (على اعتبار أن أعضاءه كفرة، من الملحدين والأرمن). فشهدت كردستان تركيا من 1991 وحتى 1995 حملة تصفيات عارمة طالت مئات المدنيين والساسة والمثقفين والصحفيين الأكراد، جنوب شرق تركيا، كاغتيال رئيس حزب العمل الشعبي/ الكردي HEP، في ديار بكر، وداد آيدن سنة 1991، واغتيال الكاتب والصحفي الكردي موسى عنتر سنة 1992، واغتيال البرلماني الكردي أحمد سنجار سنة 1994. ففي مدينة فارقين التابعة لديار بكر وحدها، تمَّ تصفية أكثر من 300 شخص خلال تلك الفترة. وبعد أن انتهت مهمَّة حزب الله، قامت الدولة الخفيَّة بملاحقة وقتل واعتقال قادته وأعضائه. ويقال أن الدولة الخفيَّة هي التي تقف وراء quot;الوفاةquot; الغامضة للرئيس التركي تورغوت أوزال، لأنه طلب من الرئيس العراقي الحالي جلال طالباني، التوسُّط بينه وبين أوجلان، بغية فتح قناة حوار مع العمال الكردستاني سنة 1993. وهي التي تقف وراء تفجير مروحية قائد القوات البريَّة الجنرال أشرف بدليس (ذو الأصول الكرديَّة) سنة 1994، لأنه عارض سياسة الأرض المحروقة المطبَّقة في المناطق الكردية، جنوب شرق تركيا.

خفَّت وتيرة الظهور العلني للدولة الخفيَّة في تركيا، بعد اعتقال الزعيم الكردي أوجلان، الأسير لدى السلطات التركية سنة 1999. لكنها ما لثبت أن ظهرت، منذ سنة 2004، بتأثير من مفاعيل ثلاث:
1.استشراء الإسلامي السياسي في مفاصل الدولة، بمعيَّة حكومة حزب العدالة والتنمية، ما بات يهدد هويَّة وعلمانيَّة تركيا.
2.عودة الحرارة للملف الأرمني في المحافل الأوروبيَّة والأمريكيَّة، فيما يتعلَّق بإدانة المجازر الرهيبة التي ارتكبها الأتراك بحقّ الأرمن ما بين 1915 _ 1917، والتي راح ضحيتها أكثر من 1،5 مليون، والخشية من تدويل هذه الملف، وإلزام تركيا بدفع تعويضات للأرمن.
3.ازدياد الحراك السياسي والعسكري الكردي في تركيا، بقيادة العمال الكردستاني. خاصَّةً، بعد سقوط النظام العراقي السابق والحرب الأمريكيَّة على العراق سنة 2003، وتمتُّع الإقليم الكردي العراقي بالفدرالية.

ويعتبر البعض حملة الاعتقالات التي تطال قيادات وعناصر العصابات والشبكات المذكورة أعلاه، قد تندرج ضمن جردة حساب بين الدولة الرسميَّة، (حكومة أردوغان)، والدولة الخفيَّة، (المؤسَّسة العسكرية والدوائر الأمنيَّة). ويرى آخرون، خلاف ذلك، على اعتبار أن أردوغان قد توصَّل لاتفاق بينه وبين الجنرالات، طوى بذلك صفحة quot;الخلافquot; الظاهري بينهم. وإن أردوغان أمر باعتقال رؤوس تلك العصابات، مدفوعاً بأسباب عدَّة، أهمُّها:
1.وصول معلومات له، تشي بأنه مستهدف من قبل تلك العصابة، وأنها تهيّئ لانقلاب عسكري على حكومته، فضلاً عن استهداف كتَّاب وصحفيين مقرَّبين منه. وكشف الإعلام التركي اعتقال 4 من رجال الشرطة، كانوا يحضرون لاعتقال أردوغان.
2.انتهاء صلاحية عمل تلك العصابات، وافتضاح أمرها في الإعلام. وكطقس من طقوس استئصال الدولة الخفيَّة لأحد أذرعها المفتضحة، كما فعلت مع حزب الله التركي، قام أردوغان بإصدار الأمر باعتقال أعضائها.
3.كي يُظهر أردوغان نفسه بأنه ضدَّ الدولة الخفيَّة، وإنه أبرز من كافحها، استحصالاً على المزيد من البروباغندا السياسيَّة والإعلامية التي تقوِّي مواقعه في الانتخابات البلديَّة المزمع إجراؤها في العام المقبل، وبخاصَّة، لجهة تعزيز مواقعه في المناطق الكرديَّة، ومنافسة خصمه: حزب المجتمع الديموقراطي DTP. وتالياً، يُظهر أردوغان نفسه في المناطق الكرديَّة _ الأكثر تضرراً من الدولة الخفيَّة _ كبطل قاوم هذه الدولة!.

تساءلت صحيفة quot;أزاديا ولاتquot; الكرديَّة: quot;متى سيصل الدور لـ بيوكآنط؟quot;، في إشارة منها لتورط قائد الأركان العامَّة التركيَّة ياشار بيوكآنط في تسهيل وتسيير أمور عصابة quot;أرغاناكونquot; المذكورة. فيما رأى الكاتب الكردي مم ميرخان، أن مكافحة أردوغان للدولة الخفيَّة quot;سلاح ذو حدِّين، قد يودي بصاحبه. لكن، أيَّاً يكن، فالأكراد هم المستفيدون من هذه الحملات، لأنها قد تكشف، ولو جزء من الجرائم والفظائع التي ارتكبت بحقهم، من قبل الدولة الرسميَّة والخفيَّة التركيتينquot;.

مما لا شكَّ فيه، أنه ثمَّة صراع بين أجنحة الدولة في تركيا، وقد سمحت الدولة الخفيَّة لأردوغان بالتقدُّم بضع خطوات، واعتقال بعض عصابات وشبكات الدولة الخفيَّة، بغية تلميع وتنصيع صورته داخلياً وخارجياً. إلا أنه إذا اشتطَّ أردوغان، ووصل لبعض الرؤوس الكبيرة، حينئذ، ستقول له الدولة الخفيَّة: قف عندك؛ لغاية هنا وبس!. وقد فعلتها الدولة الخفيَّة مؤخَّراً، حين رفع المدعي العام التمييزي في تركيا عبدالرحمن يالجين كايا دعوى أمام المحكمة الدستوريَّة العليا، تطالب بإغلاق حزب العدالة والتنمية، بتهمة أنه تحوَّل لبؤرة للنشاطات الإسلاميَّة، وبات يشكل خطراً حقيقيَّاً يهدد علمانيَّة تركيا. والسؤال الذي يفرض نفسه هنا: لماذا الآن؟.

باعتقاد الكثير من المراقبين للشأن التركي، إن لاجتياح الجيش التركي الأخير لكردستان العراق، بحجة ملاحقة عناصر العمال الكردستاني، وما خلقه الانسحاب المفاجئ من خصومة بين قائد الأركان العامَّة ياشار بيوكآنط والأحزاب القوميَّة الأتاتوركيَّة، (الأصدقاء التقليديين للعسكر)، واتهام هذه الاحزب لبيوكآنط بالكذب، وإنه انسحب من كردستان العراق بضغط وأمر أمريكيquot;، وردِّ بيوكآنط عليهم بشدَّة، واتهامهم بـquot;الخيانةquot;، ومؤازرة أردوغان للجيش وقائد أركانه، مجمل هذه المعطيات، أعطت مؤشرات قويَّة لمراكز الدولة الخفيَّة، بأن أردوغان، وبعد أن امتلك الرئاسات الثلاث في تركيا (الجمهوريَّة، الحكومة، البرلمان)، قد وضع عينه على المؤسَّسة العسكريَّة، ونحج في استمالة قائده، ويشوك أن يضع مفتاح تركيا الرئيس (الجيش) في جيبه. وإن تمَّ له ذلك، حينئذ، ستودِّع تركيا علمانيتها إلى الأبد. لذا، سارعت الدولة الخفيَّة إلى محاولة إبطال المخطط الأردوغاني الرامي إلى أسلمة النظام في تركيا، عبر توجيه الضربة الأخيرة، ورفع الدعوى بحقه أمام المحكمة الدستوريَّة. بخاصَّة، إن بعض قضاة هذه المحكمة، سيحالون على التقاعد، وسينصَّب الرئيس التركي غُل، (صديق أردوغان، ومن كبار قادة العدالة والتمنية)، قضاة جدد، منسجمين مع توجُّه أدروغان، ما يغلق كل الأبواب في وجه الدولة الخفيَّة وأقطابها. وما أن تسقط المحكمة الدستوريَّة في يد أردوغان، وينجح في استمالة الجيش، يكون قد هيَّأ العدالة والتنمية لإسدال الستار على ثمانية عقود ونصف من عمر العلمانيَّة _ الكماليَّة في تركيا، ومهَّد لحقبة الكماليَّة _ الإسلاميَّة. ورغم كل التطمينات الصادرة منه، يبدو أن أردوغان أدرك جديَّة وخطورة التحدِّي المصيري الذي يوجهه مخططه أمام المحكمة الدستوريَّة، التي ستتخذ قراراً سياسيَّاً بحظر حزبه، وإبعاد 71 من قيادات العدالة والتنمية من مزاولة العمل السياسي في تركيا لخمسة أعوام، ومنهم غُل وأردوغان، حتى تستعيد الدولة الخفيَّة عافيتها، وتسترد ما فقدته، ما دفع أردوغان للتلويح باللجوء للشارع. وهذا ما تريده الأحزاب القوميَّة، ومراكز الدولة الخفيَّة، لإدخال البلاد مرحلة الفوضى، التي ستمهِّد للجيش للتدخُّل، والقيام بانقلاب خامس، يطيح بكل إنجازات أدوغان وطموحاته الإسلاميَّة. وقد يفعلها الجيش، لجهة إعادة حبل الودّ بينه وبين الأحزاب القوميَّة، بعد أن أوشك هذا الحبل على الانقطاع.

هوشنك أوسي