من غرائب هذا الزمان الكالح ان يكون العراق مدين الى بعض الدول العربية، وهذه الدول من نوع quot; البعض quot; التي تستحق بكل جديه واصرار ان تكون اول الدافعين بعشرات المليارات كديون وتعويضات الى شعب العراق الكريم. والاسباب كثيرة ومتنوعة ومتداخلة ومتشعبه لكن مع كل ذلك لايمكن انكارها على الاطلاق، وستكون نكته من النوع المسخ والفج ان تطالب هذه الدول العراقيين بتسديد ديون لاناقه لهم فيها ولاجمل بل ان صدام بن حسين الذي جعل من العراق ورقة لعب على طاولة قمار دولية وعربية طائفية. فصفق وانشد له الكثير ودعمه في مغامراته الغالبية من العرب وفي مقدمتهم على الاطلاق أولئك الذين يطالبون العراق اليوم بديون مستحقة وتعويضات حتى الى الخدم من الفلبينين والفلبينيات في بعض دول الخليج!!
وقبل سقوط نظام الصنم الساقط كان الادهى والامر من ذلك ومن علل الزمان على العراقيين الاكارم ان يفترشوا الساحة الهاشمية وسط عمان لبيع السكائر بينما تقف طوابير على بعد امتار من الاردنيين والفلسطينين في نهاية كل شهر لاستلام تعويضات من ثروات العراقيين عن خسائرهم اثناء الغزو الصدامي للكويت!! بنفس الوقت الذي كان فيه الاردن يحصل على نفط عراقي نصفه مجاني ونصفه الاخر باسعار تفضيلية. ( والكارثة والطامة الكبرى الواقع العراقي الحالي بدأ يعيد نفسه بشكل مقارب من ذلك التاريخ الاسود حيث حصل الاردن على نفس الحصص النفطية المجانية ونحن في عام 2008 !!). وليس هنا مجال الخوض بهذا الجانب لكن بكل تاكيد للحديث بقية حول هذا الموضوع في وقت اخر.
اذ كانت اميركا والغرب قد حصلت من ليبيا لمجرد الاتهام حول مسالة quot; لوكربي quot; على تعويضات مالية ضخمة مقابل موت عدة اشخاص، فماذا يستحق شعب العراق ان يدفع له مقابل الدمار الكبير الذي ساهم العرب قبل غيرهم بتحقيقه في بلدهم وشعبهم، من خلال تدمير البنى التحتيه للبلد ومن خلال المساندة والتحريض على الحروب والمغامرات التخريبية لذلك النظام الصنمي الفاشي الطائفي والعنصري. بل حتى الحصار الدامي لمدة اكثر من 13 عام ساهم العرب بدورهم فيه بجدارة فائقة وكانوا العنصر الاهم في الحصار الخارجي على العراقيين الذي كان تتطابق مع الوجهة الاخرى للحصار الداخلي الذي نفذه النظام الساقط. لقد صفق النظام العربي الرسمي والشعبي لذلك النظام يوم كان يوزع الموت العلني على العراقيين في الجنوب وفي كردستان، ولقد سكت العرب بل ودعموا هذا النظام ماديا ولوجستيا واعلاميا وحتى أمنيآ يوم كان يزرع الفرات الاوسط والجنوب العراقي بحوالي 420 مقبرة جماعية مكتشفة لحد الان!
ويوم كان نفس هذا النظام الاجرامي ينفذ عمليات الانفال ويرش الجبال وحلبجة في الشمال والاهوار في الجنوب بالكمياوي والغازات السامة!! ان دول عربية تجاور العراق عاشت ومازالت على حروب ومأسي وحصار العراقيين وان دول اخرى عربية اختلست تحت شعارات قومجية من ثروات العراقيين المليارات من الدولارات وان دول اخرى بحجة العمالة المليونية الوافدة الى العراق سرقت مليارات الدولارات من ثروات العراقيين. ودول عربية نفطية اخرى ومنذ اكثر من عشرين عام تبيع النفط اضعاف حصتها الحقيقية بسبب تغيب حصة العراق وعدم قدرته على الانتاج الكافي!! ودول اخرى كانت تحتمي وتلوذ بالعراقيين يوم كانت دماء ابنائهم تسيل انهارا بالباطل والقهر والاجبار دفاعا عن بوابه وهميه مصطنعة وعوراء تعود الاعراب ان يسموها quot; البوابة الشرقية quot; واسمها الاجدر بوابة الدماء العراقية المستباحة!! لقد ذبح العرب العراقيين مرة بالحروب واخرى بالحصار والان بما يسمى الاحتلال وبهائم الموت المفخخ، ومن المفارقات نفس هذا quot; المحتل quot; سفاراته موجودة في كل البلدان العربية ويستقبل رئيسه بوش بالهدايا والعراضات، وانا كعراقي لايهمني وغير مكترث بكل انواع الاستقبال هذه، لكن يهمني ان اقف بوجه هذه المزايدات الفارغة والمفضوحة والتي يحاول البعض بيعها على العراقيين. ان العرب اليوم يطالبون العراقيين حتى بثمن الارض التي تجثم عليه طائرة عراقية او ثمن quot; شبر quot; البحر الذي اجبرت فيه بواخر العراقية على الرسو فيه اثناء الحصار العربي والدولي الظالم بحق العراقيين! فاي قومية هذه التي يريد بعضهم ان نعتز بها وندافع عنها! لقد ابتيلنا شر ابتلاء يوم جمعتنا عروبتنا النقية ببعض الناطقين بها. ولقد كفر الكثير من العراقيين بالقومية تلك التي كانت ومازالت مثل السكين المسمومة التي تجتز رقابنا وامالنا وطموحتنا الانسانية.
الظرف العراقي الحالي هو فرصة كبيرة وواقعية لاغلب العرب للتكفير عن ذنوبهم اتجاه العراقيين. والحكيم ومن يملك ولو ذرة أحساس تاريخي و مستقبلي وواقعي ان يستعجل التقرب الى العراقيين وتقديم الكثير من الديون المستحقة للعراقيين انفسهم وليس غيرهم، اما غير ذلك فسيكون لعب بالوقت الضائع وسيحين وقت الندم في اقرب فرصة ممكنة يوم لاينفع الندم. ويوم يصل الحال بالعراقي حد الخجل ان يقول اني أنتمي لهذه الامة.!! اما من يطالب او يلوح للعراقيين بديون مستحقة عليهم، أنما يضع نفسه في موقف لايحسد عليه كما عليه ان يتاكد مسبقا انه لم ولن يحصل على quot; فلس احمر quot; كما يقول المثل العراقي الدارج. فهل يوجد اكثر من هذا الكلام المبسط !؟ اتمنى مخلصا ان يعرف الجميع هذه الحقائق الكبرى كما اتمنى على العراقي الرسمي او المواطن العراقي ان يبادر الى سؤال اي عربي يطالب بديون من العراق، ان يبادره بسؤال كبير وبشكل واضح وصريح (أيها الاشقاء quot; لحد الان quot; العرب... متى تسددون ديونكم الى العراق، لقد طال الانتظار وهذا ليس بصالحكم وهذا ايضا يرتب عليكم ديون اضافية للعراقيين ). سؤال بالعربي الفصيح يبحث عن أجابة.
محمد الوادي
[email protected]
التعليقات