بداية لابد ان اشير الى ان المسالة الكردية في سورية طرحت نفسها وبقوة خلال السنوات الاخيرة بسبب جملة من العوامل الموضوعية والذاتية بالاضافة الى المتغييرات الاقليمية والدولية..انتهاء الحرب الباردة سقوط الاتحاد السوفياتي وتلاشي الايديولوجيا الشيوعية وذهابها الى مزبلة التاريخ وسقوط مجموعة من الانظمة التوتوليتارية وعلى راسها نظام صدام حسين وجملة من العوامل الداخلية السورية رحيل الرئيس حافظ الاسد واستلام الدكتور بشار الاسد سدة الحكم خلفا لوالده وانتهاجه مشروعا اصلاحيا وانفتاحيا ولو محدودا الامر الذي ادى الى كسر السوريين، لحاجز الخوف وثقافته.
ورغم ان الحالة الكردية العراقية - اقليم شبه مستقل ورئيس وبرلمان وتوقيع اتفاقيات نفطية مع دول العالم دون العودة الى الحكومة المركزية، وانشاء جيش خاص بالاقليم و خطوط جوية ndash; لعبت دورا في تغذية المشاعر القومية لدى الاكراد السوريين لكن هناك اختلاف كبير بين الحالتين لاسباب كثيرة اهمها:
*غياب كلي للنزعة الانفصالية لدي الكردي السوري على عكس الكردي العراقي الذي يضغط على الحزبين الرئيسيين وحكومة الاقليم لاعلان الاستقلال والانفصال عن العراق وظهر ذلك بوضوح من خلال استفتاء غير رسمي حيث طالبت الغالبية الكردية في كردستان العراق باعلان الاستقلال فورا.
* تساوي الشعور القومي الكردي والشعور الوطني السوري لدى المواطن الكردي
*نضوج وعي كردي سوري يدرك ان الانفصال ليس في مصلحة الاكراد ابدا وعلى العكس فالعيش المشترك والمساواة التامة في الحقوق والواجبات ضمان للكردي وللعربي معا في وطن كبير حر وقوي.
* ادراك الكردي السوري ان ان الاحزاب الكردي السورية وعلى مختلف اشكالها اليمنية واليسارية لاتخرج من دائرة المصلحة الحزبية الضيقة وان تحاول استخدام المشاعر القومية لتحقيق ذلك وان مطالبة بعضها quot; كما طرحه حزب الاتحاد الشعبي الكردي في سوريا قبل سنوات quot;بحق تقرير المصير للشعب الكردي ليس سوى ضحك على الذقوق وان مصلحة الشعب الكردي تقتضي التمسك بالوحدة الوطنية وبسوريا وطنا للجميع.
*التغير الذي طرأ على خطاب المعارضة السورية في الداخل واعترافها بالحقوق السياسية والثقافية للشعب الكردي في اطار وحدة البلاد.
* اعتراف النظام ولو بشكل غير رسمي بالشعب الكردي كمكون اساسي من مكونات الشعب السوري وضرورة انصافه ورفع الغبن عن كاهله ولكن بشكل تدريجي في اطار مشروع اصلاحي شامل بطيء طبعا وتدريجي وعلى مختلف الاصعدة السياسية والإقتصادية والاجتماعية والثقافي طبعا
ويعاني الشعب الكردي في سوريا من مجموعة من الاجراءآت الاستثنائية المطبقة فقط في المناطق الكردية مثل الاحصاء الاستثنائي الذي جرد حوالي 150 الفا من المواطنين الاكراد من الجنسية السورية وحولوا بجرة قلم الى اجانب في وطنهم ومخطط الحزام العربي ( مشروع شوفيني وعنصري وافراز لعقلية أمنية مريضة مخالفة لكل الشرائع السماوية وللعقل والمنطق الانساني السليم، لتحويل الاكراد الى عرب أقحاح)لتعريب المناطق الكردية وحظر تعليم ونشر اللغة الكردية وما يشكل ذلك عائقا امام تطوير الثقافة الكردية السورية.
ويطالب الاكراد بالمساواة واعادة الجنسية للمجردين والاعتراف الدستوري بالشعب الكردي كقومية ثانية في البلاد وتصحيح نتائج واثار سياسات التعريب السيئة الصيت في المناطق الكردية وهي مطالب واقعية وضرورية من اجل تمتين الوحدة الوطنية خصوصا في هذه المرحلة المهمة من التاريخ السوري الحديث.
تسوية المشكلة الكردية لابد ان تكون جزءا من تسوية شاملة لاعادة ترتيب البيت السوري وتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة والقيام باصلاح شامل وحقيقي - غير شعاراتي - ومكافحة الفساد والهدر والنهب واطلاق الحريات العامة وتبييض السجون ورفع الاحكام العرفية وحالة الطوارىء.
لايمكن لاحد ان يشكك في وطنية الاكراد السوريين ودورهم في بناء وطنهم سورية، سوى المستفيدين من بقاء الوضع الكردي على حاله واستمرار المعاناة الكردية التي لاتخدم احدا سوى اعداء سورية والمتربصين بها وما اكثرهم في هذه الايام.
مروان علي
* شاعر سوري
التعليقات