بصراحة علينا أن نعترف بدون لف أو دوران ان مبارة مصر والجزائر التى تقام السبت 14 نوفمبر باستاد القاهرة في إطار التأهل لتصفيات كأس العالم تحولت الى قنبلة موقوتة تهدد العلاقات بين البلدين!

والحقيقة الأكثر إيلاما أن هذه المباراة لم تعد مناسبة للأداء الرياضي المتميز والمنافسة الشريفة وإنما اصبحت أداة لإثارة الكراهية بين شعبين تربطهما علاقات وطيدة عبر التاريخ.

وفي ظل حملات الشحن الهستيري على الجانبين لم تكن مفاجأة ان يتعرض المنتخب الجزائري للرشق بالحجارة فور وصوله الى القاهرة ردا على حرق العلم المصري في العاصمة الجزائرية.

ولم يكن غريبا ان يواصل مشجعو الفريقين هجماتهم على الانترنت حيث قام جزائريون ببث اغنية تقول quot;أيها الفراعنة لاتنسوا هزيمتكم على يد اسرائيل في يونيو 67quot; ردا على اغنية مصرية تقول quot;لقد حررناكم عندما كانت فرنسا تعاملكم كالعبيدquot;

وفي هذا الجو المسموم هاجم هاكرز جزائريون مواقع مصرية على الانترنت كان آخرها موقع الاتحاد المصري لكرة القدم الذي وضعت عليه صورة علم مصر بعد استبدال النسر بنجمة داوود مما دفع هاكرز مصريين للرد بهجمات مماثلة.

كما استمرت الحملات الاعلامية المتبادلة لدرجة ان صحيفة جزائرية نشرت صورة لاعبي المنتخب المصري بعد استبدال وجوه اللاعبين بوجوه فنانات مما دفع صحيفة مصرية للرد بنشر صورة لاعبي المنتخب بعد استبدال وجوههم بوجوه اسود ونمور

ووسط الجهود المبذولة لتخفيف التوتر هنا وهناك كان واضحا أن هناك رغبة في quot;تسييسquot; مباراة 14 نوفمبر في محاولة لاحياء خلافات سياسية حول السلام مع اسرائيل والحرب الاسرائيلية على غزة والعلاقة بايران.

كما حاول البعض استخدام المباراة في quot;الهاءquot; المواطنين في البلدين عن مشكلاتهم الحقيقية مع تفاقم الظروف الاقتصادية والاجتماعية للأغلبية الساحقة منهم!

والأغرب من ذلك ان حفنة من رجال الأعمال حاولوا استغلال المباراة في تصفية صراعات على quot;البيزنسquot; عبر حملات مسمومة قامت بها لقنوات الفضائية المملوكة لهم!

والمؤكد ان هناك تعطش حقيقي لدى الشباب لتحقيق quot;انجاز ماquot; وسط كل الأزمات الأخرى بما فيها اخفاق البلدين معا في الوصول إلى المونديال خلال العقدين الأخيرين.

ومن يتجول في شوارع القاهرة اليوم يرى ان المصريين يعيشون أجواء مشابهة لأيام حرب أكتوبر 1973 ومن يتجول في الجزائر ndash; وقد زرتها مؤخرا- يتصور ان الجزائريين يجهزون لثورة جديدة من اجل الاستقلال عن فرنسا.

وهناك خوف حقيقي من أن تتحول مباراة مصر والجزائر في استاد القاهرة الى ساحة قتال بين مشجعي وفريقي البلدين في تكرار لاحداث الشغب التي رافقت مباراة مماثلة بينهما عام 1989

والخوف الأكبر أن تؤثر المباراة بالسلب على العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية بين البلدين بعد ان شهدت إزدهارا كبيرا في الآونة الاخيرة.

صحيح ان الجزائر تدخل المباراة هذه المرة متصدرة المجموعة برصيد 13 نقطة، وفارق ثلاث نقاط، لكن مصر يمكنها التأهل في حال الفوز بفارق ثلاثة أهداف نظيفة أو الاحتكام لمباراة فاصلة اذا فازت بفارق هدفين.

والحقيقة المُفزعة التي يتجاهلها الجميع أنه سواء فازت مصر أو الجزائر فمن المؤكد أن هذا الفوز لن ينعكس بالايجاب على مستوى معيشة الغالبية الساحقة من المواطنين الفقراء في البلدين!

كما أن صعود أي من الفريقين الى تصفيات كأس العالم بجنوب إفريقيا من غير المتوقع ان يسفر -وفق تقديرات الخبراء -عن فوز أحدهما بكأس العالم أو حتى الحصول على ترتيب متقدم بين الفرق المشاركة.

وهكذا رغم مساندتي للفريق المصري أرجو أن يفوز في مباراة 14 نوفمبر quot;الفريق الأفضلquot; وأن نتقبل جميعا النتيجة في جو من المنافسة الرياضية الشريفة بعيدا عن التعصب والكراهية والغوغائية.

ولا أجد تعليقا اذكى مما كتبه مواطن جزائري في صحيفة مصرية حين قال quot;أتمنى ان يفوز الفريقان معا حتى يخف كل هذا التوتر الذي لا لزوم لهquot;..فمن غير المعقول ان تسوء العلاقة بين بلدين شقيقين بسبب مباراة كرة قدم.