عالم غريب! قالها و رددها الکثيرون، لکن وقع و تأثير هذا الکلام سيبقى کما هو عليه، إنها من العبارات المأثورة التي لاتفقد بريقها و تأثيرها حالها حال مسرحيات شکسبير او سمفونيات بتهوفن و موزارت.

عالم غريب، لأنه يحفل بالکثير من التناقضات الصارخة و غير المألوفة و يجمع في آجمه العديد من المسائل التي تسبب صداعا للعقل الانساني و تدفعه للحيرة و القلق و التوجس من المستقبل.

عالم غريب، بغرابة اولئك الذين يدعون حماية العالم وهم يسرقونه علنا و في وضح النهار، و بغرابة هؤلاء الذين يدعون أنهم ورثة الانبياء و ينوبون عن الله في إدارة شؤون الامة و حل و معالجة مشاکلها و ازماتها، لکنهم في واقع الامر ابعد مايکونون عن هذا الادعاء سيما عندما يبعثون بقنابل بشرية الى جيرانهم و اخوتهم في العقيدة غير انهم وعندما يرون إمتعاض و سخط الرأي العام العالمي من بشاعة الجرائم و مدى وحشيتها، فإنهم يسارعون لإلقاء تبعاتها على الآخرين!

عالم غريب، تزداد غرابته کلما صارت غرائب الامور و أعاجيبها بمثابة أمور مألوفة و عادية ولايجتاز التأريخ الانساني عتبة أية مرحلة من مسيره الطويل الطويل من دون أن يلقي في جعبته الجائعة دوما المزيد من الصعقات و الرجات الاستثنائية و لسان حاله يقول: هل من مزيد؟

بالامس، عندما ملئوا قلوب بني آدم رعبا من مرض الايدز، عادوا ليفزعوه و يرعبوه بجنون البقر و من بعده انفلونزا الخنازير و اخيرا وليس آخرا حمى الماعز الذي يبدو انه کان الاسرع من بين کل هذه الاوبئة الغريبة عندما قفزت و بوقت قياسي الى(الخليج)، أما لماذا الخليج وليس مثلا موريتانيا او المغرب او الفلبين مثلا، فإن علمه عند الله و الراسخون في علم إستدراج الجيوب!

بالامس، شغلوا العالم کله بالحرب الباردة و ألاعيب السوفيت و فذلکات الامريکان، لکنهم اليوم يشاغلونه بحروب من نوع أخرى، کالحرب على إرهاب تم إعداد أهم قائد له في مصنع أمريکي، او حرب أفغانستان و العراق وفي کلاهما تکاتف و تآزر(الاستکبار الامريکي) مع عدوه اللدود(الاستضعاف الايراني) ليصنعا معا تأريخا مشترکا يسعى المستضعفون للتنصل و الالتفاف و الانقلاب عليه.

اليوم، ونحن نعيش مفترقا تأريخيا يغرق في اوحال أزمة إقتصادية عالمية خانقة و يشهد المسرح الدولي حالة من الصراع الخفي بمختلف أشکاله من أجل الحفاظ على المراکز او التبوء بأفضل أو أحسن منها، و يواجه العالم مشاکل و ازمات متباينة أغلبها لن تجد لها حلا سريعا او حاسما او مقبولا مالم تتوفر ظروفا او شروطا محددة أو مطلوبة لها، في هذا المفترق، جربت إيران صاروخ سجيل 2 الذي فاجأ العالم مجددا بمواصفات متطورة و غير مألوفة وکما هو متوقع رافقت التجربة حملة إستنکار و تنديد عالمية ضدها و الغريب ان التجارب الايرانية المثيرة للقلق و التوجس تواجه دوما هکذا موقف عالمي(لايحل و لايربط) و(لايقدم او يؤخر)شيئا من الطموح الايراني، لکن الاغرب من هذا کله ان سجيل2 او غيره من الصواريخ(المستضعفة)و(المؤمنة)، ستوظف أيضا لتهديد الاقارب قبل الاباعد و الاحبة قبل الخصوم و اخوة العقيدة قبل (الصليبيين و الصهاينة)، لکن يبقى هناك سؤال أغرب من کل مافات سرده بکثير، هل ستکون هنالك حقا حربا بين النظام الايراني و الدولة العبرية؟